شرح مشكل الآثار
بسم الله الرحمن الرحيم
وَصَلَوَاتُهُ عَلَى أَفْضَلِ مَخْلُوقَاتِهِ
سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلاَمِهِ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَمَةَ بْنِ سَلَمَةَ الطَّحَاوِيُّ الأَزْدِيُّ :
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ بَعَثَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا r خَاتِمًا لأَنْبِيَائِهِ الَّذِينَ كَانَ بَعَثَهُمْ قَبْلَهُ ، صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَسَلاَمُهُ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ
وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابًا خَاتِمًا لِكُتُبِهِ الَّتِي كَانَ أَنْزَلَهَا قَبْلَهُ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهَا وَمُصَدِّقًا لَهَا ,
وَأَمَرَ فِيهَا مَنْ آمَنَ بِهِ بِتَرْكِ رَفْعِ أَصْوَاتِهِمْ فَوْقَ صَوْتِهِ , وَتَرْكِ التَّقَدُّمِ بَيْنَ يَدَيْ أَمْرِهِ ,
وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ قَدْ تَوَلَّاهُ فِيمَا يَنْطِقُ بِهِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى إنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى﴾.
وَأَمَرَهُمْ بِالأَخْذِ بِمَا آتَاهُمْ بِهِ وَالاِنْتِهَاءِ عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا
وَنَهَاهُمْ أَنْ يَكُونُوا مَعَهُ كَبَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : ﴿ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ﴾.
وَحَذَّرَهُمْ فِي فِعْلِهِمْ ذَلِكَ إنْ فَعَلُوهُ حُبُوطَ أَعْمَالِهِمْ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ,
وَحَذَّرَ مَعَ ذَلِكَ مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَإِنِّي نَظَرْتُ فِي الآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْهُ r بِالأَسَانِيدِ الْمَقْبُولَةِ الَّتِي نَقَلَهَا ذَوُو التَّثَبُّتِ فِيهَا وَالأَمَانَةِ عَلَيْهَا , وَحُسْنِ الأَدَاءِ لَهَا , فَوَجَدْت فِيهَا أَشْيَاءَ مِمَّا يَسْقُطُ مَعْرِفَتُهَا , وَالْعِلْمُ بِمَا فِيهَا عَنْ أَكْثَرِ النَّاسِ فَمَالَ قَلْبِي إلَى تَأَمُّلِهَا وَتِبْيَانِ مَا قَدَرْت عَلَيْهِ مِنْ مُشْكِلِهَا وَمِنْ اسْتِخْرَاجِ الأَحْكَامِ الَّتِي فِيهَا وَمِنْ نَفْيِ الإِحَالاَتِ عَنْهَا , وَأَنْ أَجْعَلَ ذَلِكَ أَبْوَابًا أَذْكُرُ فِي كُلِّ بَابٍ مِنْهَا مَا يَهَبُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِي مِنْ ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى آتِيَ فِيمَا قَدَرْت عَلَيْهِ مِنْهَا كَذَلِكَ مُلْتَمِسًا ثَوَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ وَاَللَّهَ أَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ لِذَلِكَ وَالْمَعُونَةَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ جَوَّادٌ كَرِيمٌ وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
وَابْتَدَأْتُهُ بِمَا أَمَرَ r بِابْتِدَاءِ الْحَاجَةِ بِهِ
مِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ بِأَسَانِيدَ أَنَا ذَاكِرُهَا بَعْدَ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَهُوَ :
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾
﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾
وَ ﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.
وَكَانَتْ الأَسَانِيدُ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْهُ r مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ خُطْبَةِ الْحَاجَةِ بِهَا :
مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرِ بْنِ الْمُعَارِكِ الْبَغْدَادِيُّ أَبُو عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : عَلَّمَنَا رَسُولُ اللهِ r خُطْبَةَ الْحَاجَةِ فَذَكَرَ هَذَا الْكَلاَمَ بِعَيْنِهِ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ أَيْضًا حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : عَلَّمَنَا رَسُولُ اللهِ r , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانِ بْنِ يَزِيدَ الْبَصْرِيُّ أَبُو خَالِدٍ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ قَالاَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ عليه السلام يُعَلِّمُنَا خُطْبَةَ الْحَاجَةِ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْكَلاَمَ بِعَيْنِهِ . وَزَادَ بِشْرٌ قَالَ شُعْبَةُ , وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ , عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ , وَأَنَّ هَذَا حَدِيثُ أَبِي عُبَيْدَةَ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ هَذَا الَّذِي وَجَدْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِي هَذَا الْمَعْنَى مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا :
مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد وَفَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالاَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَلَّمَ رَجُلٌ النَّبِيَّ فِي حَاجَةٍ ; فَأَجَابَهُ النَّبِيُّ r : إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ , مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ , فَلاَ مُضِلَّ لَهُ , وَمَنْ يُضْلِلْ , فَلاَ هَادِيَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ , وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , أَمَّا بَعْدُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ مَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا :
مَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ , حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ , حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ , حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ . عَنْ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ قَالَ : كُنْت رَدِيفَ أَبِي عَلَيَّ عَجُزِ الرَّاحِلَةِ , وَالنَّبِيُّ r يَخْطُبُ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ , وَهُوَ يَقُولُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ , نَسْتَعِينُهُ , وَنَسْتَغْفِرُهُ , وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَأَنِّي عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , ثُمَّ قَالَ : أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ , ثُمَّ قَالَ : فَمِمَّا أَنَا ذَاكِرُهُ مِنْ الأَبْوَابِ الَّتِي أَنَا مُجْرِي كِتَابِي هَذَا عَلَى مِثْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ
بَابُ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِي أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ , حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ , حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ , عَنْ عَاصِمٍ , عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ , عَنْ نَبِيِّ اللهِ r قَالَ : إنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ قَتَلَ نَبِيًّا , أَوْ قَتَلَهُ نَبِيٌّ , وَإِمَامُ ضَلاَلَةٍ , وَمُمَثِّلٌ مِنْ الْمُمَثِّلِينَ " .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٌ : فَوَقَفْنَا بِهَذَا عَلَى أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّهُمْ أَهْلُ هَذِهِ الأَصْنَافِ الثَّلاَثَةِ , وَفِيهِ مَا يَنْتَفِي أَنْ يَكُونَ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ مِثْلٌ مِنْ الْمُعَذَّبِينَ سِوَاهُمْ , غَيْرَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا فِي حَدِيثٍ سِوَاهُ مَا يَجِبُ تَأَمُّلُهُ
وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ , عَنْ بِشْرِ بْنِ بَكْرٍ , عَنِ الأَوْزَاعِيِّ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , أَخْبَرَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ r وَأَنَا مُسْتَتِرَةٌ بِقِرَامٍ فِيهِ صُورَةٌ , فَهَتَكَهُ , ثُمَّ قَالَ : إنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ بِخَلْقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ .
فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْجِنْسَ الْمَذْكُورَ فِيهِ هُوَ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا . فَإِنْ كَانَ هَذَا ثَابِتًا ; فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلأَوَّلِ , وَحَاشَ لِلَّهِ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مَا هُوَ كَذَلِكَ , فَتَأَمَّلْنَاهُ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ .
فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنِي يُونُسُ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ الْقَاسِمِ ، عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ : مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ . . . وَذَكَرَهُ .
فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ r فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ , إذْ كَانَ الْمُشَبِّهُ بِخَلْقِ اللهِ هُوَ الْمُمَثِّلُ بِخَلْقِ اللهِ , وَأَنَّ الْجِنْسَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ مِنْ الأَجْنَاسِ الثَّلاَثَةِ الْمَذْكُورِينَ فِي الأَوَّلِ .
وَغَيْرَ أَنَّا وَجَدْنَا حَدِيثًا آخَرَ سِوَى ذَيْنَك .
وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ , حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ , أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ , عَنِ الأَعْمَشِ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ , عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ , عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ r : أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ هَجَا رَجُلاً , فَهَجَا الْقَبِيلَةَ بِأَسْرِهَا.
فَإِنْ كَانَ مَا فِي هَذَا كَمَا فِيهِ , فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلأَوَّلِ , وَحَاشَ ذَلِكَ أَنْ يَخْتَلِفَ قَوْلُ الرَّسُولِ فِي هَذَا , أَوْ فِي غَيْرِهِ , غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا فِي هَذَا مِنْ تَقْصِيرِ بَعْضِ رُوَاتِهِ عَنْ حِفْظِ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ r فِي ذَلِكَ , فَالْتَمَسْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ .
فَوَجَدْنَا إِسْحَاقَ بْنَ إبْرَاهِيمَ الْبَغْدَادِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا , حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ (ح) وَحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاسِطِيُّ , حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَمِينَةَ , قَالاَ : حَدَّثَنَا جَرِيرٌ , عَنِ الأَعْمَشِ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ , عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ , عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ r : " إنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ فِرْيَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلُ يَهْجُو الْقَبِيلَةَ بِأَسْرِهَا , أَوْ رَجُلٌ انْتَفَى مِنْ أَبِيهِ " .
فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الَّذِي قَصَدَ إلَيْهِ رَسُولُ اللهِ r فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ ذِكْرُ مَا كَانَ مِنْهُ الْهِجَاءُ لِعِظَمِ الْفِرْيَةِ عِنْدَ اللهِ , لاَ لِوَصْفِ عَذَابِ اللهِ إيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ أَشَدُّ الْعَذَابِ , أَوْ خِلاَفُهُ مِنْ أَصْنَافِ الْعَذَابِ , فَانْتَفَى أَنْ يَكُونَ فِيهِ خِلاَفٌ لِشَيْءٍ مِمَّا فِي الأَوَّلِ .
وَمِنْ ذَلِكَ
بَابُ بَيَانِ مَا أَشْكَلَ عَلَيْنَا مِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ عليه السلام مِنْ الْعَشْرِ الْخَوَاتِمِ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ الَّتِي تَلاَهَا فِي لَيْلَةٍ عِنْدَ اسْتِيقَاظِهِ مِنْ نَوْمِهِ , وَمَا رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ
حَدَّثَنَا يُونُسُ , أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ . . .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ الْمُزَنِيّ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ , عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ , عَنْ كُرَيْبٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ : أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ , وَهِيَ خَالَتُهُ , قَالَ : فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الْوِسَادَةِ , وَاضْطَجَعَ الرَّسُولُ , وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا , فَنَامَ حَتَّى إذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ ، أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ , أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ ، اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ , فَجَعَلَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ , ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الآيَاتِ الْخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ , ثُمَّ قَامَ إلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ , فَتَوَضَّأَ مِنْهَا , فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ , ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَقُمْتُ , فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ , ثُمَّ ذَهَبْتُ , فَقُمْتُ إلَى جَنْبِهِ , فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِي , وَأَخَذَ بِأُذُنِي يَفْتِلُهَا , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ أَوْتَرَ , ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ , ثُمَّ خَرَجَ , فَصَلَّى الصُّبْحَ . فَلَمْ نَقِفْ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَوَّلِ الْعَشْرِ الآيَاتِ الَّتِي قَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ , فَاحْتَجْنَا إلَى الْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَتِهَا إذْ كَانَ الْقُرَّاءُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ , وَمِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يَذْهَبُونَ إلَى أَنَّ أَوَّلَهَا هُوَ قَوْلُهُ : الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا , وَإِذْ كَانَ الْقُرَّاءُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يَعُدُّونَهَا إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ . فَالْتَمَسْنَا حَقِيقَةَ ذَلِكَ
فَوَجَدْنَا بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ ,
وَوَجَدْنَا عَلِيَّ بْنَ مَعْبَدٍ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ
وَوَجَدْنَا فَهْدًا قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ , قَالُوا : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو , عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : أَمَرَنِي الْعَبَّاسُ أَنْ أَبِيتَ بِآلِ رَسُولِ اللهِ اللَّيْلَةَ , وَتَقَدَّمَ إلَيَّ أَنْ لاَ تَنَامَ حَتَّى تَحْفَظَ لِي صَلاَةَ رَسُولِ اللهِ r قَالَ : فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ r الْعِشَاءَ , فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ , وَانْصَرَفَ النَّاسُ , فَلَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْجِدِ أَحَدٌ غَيْرِي , قَالَ النَّبِيُّ : مَنْ هَذَا ؟ فَقَالَ : أَعَبْدُ اللهِ ؟ قُلْت : نَعَمْ , قَالَ فَمَهْ ؟ قُلْت : أَمَرَنِي الْعَبَّاسُ أَنْ أَبِيتَ بِكُمْ اللَّيْلَةَ , قَالَ : فَالْحَقْ إذًا , قَالَ : فَدَخَلْت مَعَ النَّبِيِّ عليه السلام , فَقَالَ : افْرِشْ عَبْدَ اللهِ , فَأَتَيْت بِوِسَادَةٍ مِنْ مُسُوحٍ حَشْوُهَا لِيفٌ , فَنَامَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ أَوْ خَطِيطَهُ , ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى فِرَاشِهِ قَاعِدًا , ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إلَى السَّمَاءِ , وَقَالَ : سُبْحَانَ اللهِ الْقُدُّوسِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ , وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ مِنْ آخِرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ إنَّ فِي خَلْقِ حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ .
وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ دَاوُد الْبَصْرِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ , حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ , عَنْ حُصَيْنٍ , عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ , أَخْبَرَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : بِتُّ عِنْدَ النَّبِيِّ عليه السلام , فَقَامَ , أَخَذَ سِوَاكَهُ , ثُمَّ تَوَضَّأَ , ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إلَى السَّمَاءِ وَهُوَ يَقُولُ : إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ . . . . الآيَةَ , ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ , فَأَطَالَ فِيهِمَا الْقِيَامَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ , ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ , ثُمَّ قَامَ , فَأَخَذَ السِّوَاكَ , فَاسْتَاكَ , ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إلَى السَّمَاءِ , فَقَالَ : إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ . . . إلَى آخِرِ الآيَةِ , فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ , ثُمَّ قَامَ , فَأَوْتَرَ بِثَلاَثِ رَكَعَاتٍ .
وَوَجَدْنَا صَالِحَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَانِ الأَنْصَارِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ , حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ , أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . فَوَقَفْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ الْعَشْرِ الآيَاتِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ , هُوَ كَمَا فِي عَدَدِ الشَّامِيِّينَ , وَمُوَافَقَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ إيَّاهُمْ عَلَى ذَلِكَ . ثُمَّ وَجَدْنَا فِي حَدِيثِ كُرَيْبٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ مُوَافَقَةَ مَا فِي حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الإِمَامِ , حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ , حَدَّثَنَا عَمِّي يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ , حَدَّثَنَا أَبِي , عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ , عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ , وَمُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ نُوَيْفِعٍ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ , كِلاَهُمَا حَدَّثَنِي عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ : بَعَثَنِي أَبِي الْعَبَّاسُ إلَى رَسُولِ اللهِ أَحْفَظُ لَهُ صَلاَتَهُ , قَالَ : فَهَبَّ رَسُولُ اللهِ مِنْ اللَّيْلِ , فَتَعَارَّ بِبَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ , ثُمَّ تَلاَ هَؤُلاَءِ الآيَاتِ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ : إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ . . . حَتَّى انْتَهَى إلَى عَشْرٍ مِنْهَا , ثُمَّ عَادَ لِمَضْجَعِهِ , فَنَامَ , ثُمَّ هَبَّ , فَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الْمَرَّةِ الآُولَى , ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ . فَعَادَ مَا رَوَاهُ كُرَيْبٌ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَا ذَكَرْنَا إلَى مُوَافَقَةِ مَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , عَنْ النَّبِيِّ r بِمَا وَصَفْنَاهُ , وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
وَمِنْ ذَلِكَ
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِيمَا يُقَالُ عِنْدَ الْمَسَاءِ
مِمَّا لاَ يَضُرُّ مَعَهُ قَائِلِهِ لَدْغَةُ حُمَةٍ حَتَّى يُصْبِحَ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَمِمَّا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُهُ سُهَيْلٌ
مِمَّا قَدْ اُخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيمَنْ ذَكَرَهُ فِي إسْنَادِهِ بَعْدَ أَبِيهِ , فَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْهُ أَنَّهُ أَبُو هُرَيْرَةَ
كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ , حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنَا مَالِكٌ , عَنْ سُهَيْلٍ , ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ قَالَ : مَا نِمْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ , فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام : مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ؟ , فَقَالَ : لَدَغَتْنِي عَقْرَبٌ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r : أَمَا إنَّك لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ , لَمْ يَضُرّكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ .
وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ , حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ , حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , عَنْ سُهَيْلٍ , ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ عليه السلام , فَقَالَ : إنِّي لُدِغْتُ الْبَارِحَةَ , فَلَمْ أَنَمْ حَتَّى أَصْبَحْتُ , فَقَالَ لَهُ : أَمَا إنَّك لَوْ قُلْت حِينَ أَمْسَيْت : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ تَضُرَّ بِكَ لَدْغَةُ عَقْرَبٍ حَتَّى تُصْبِحَ .
وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ , حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ , حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ , عَنْ سُهَيْلٍ , ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنْ رَسُولِ اللهِ مِثْلَ حَدِيثِ يُونُسَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ . وَمِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَانِ , قَالَ : قَرَأْت عَلَى لُوَيْنٍ , عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ , عَنْ سُهَيْلٍ , ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عليه السلام لُدِغَ , فَبَلَغَ مِنْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ فَقَالَ : أَمَا إنَّهُ لَوْ قَالَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ثَلاَثًا لَمْ يَضُرَّهُ .
وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ أَيْضًا , أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ , أَخْبَرَنَا يَزِيدُ , أَخْبَرَنَا هِشَامٌ , عَنْ سُهَيْلٍ , ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ : مَنْ قَالَ حِينَ يُمْسِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّهُ لَسْعَةٌ تِلْكَ اللَّيْلَةِ .
وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ , حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ , حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ , عَنْ سُهَيْلٍ , ، عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنْ النَّبِيِّ مِثْلَهُ , وَقَالَ فِيهِ : ثَلاَثَ مَرَّاتٍ .
وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ , أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُقَيْلِيُّ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى ، يَعْنِي : السَّامِيَّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ , عَنْ سُهَيْلٍ , ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ تَغَيَّبَ عَنْهُ لَيْلَةً , فَسَأَلَ عَنْهُ , فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى رَسُولَ اللهِ r , فَقَالَ : مَا حَبَسَكَ ؟ قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ , لَدَغَتْنِي عَقْرَبٌ , قَالَ : لَوْ قُلْت حِينَ أَمْسَيْت : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَضُرّكَ .
وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ , أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ الْكُوفِيُّ , حَدَّثَنَا الأَشْجَعِيُّ , عَنْ سُهَيْلٍ , ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , قَالَ : لَدَغَتْ رَجُلاً عَقْرَبٌ , فَجَاءَ النَّبِيَّ , فَأَخْبَرَهُ , فَقَالَ لَهُ : أَمَا إنَّكَ لَوْ قُلْت حِينَ أَمْسَيْت : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يُصِبْكَ شَيْءٌ . غَيْرَ أَنَّ الأَشْجَعِيَّ قَدْ خُولِفَ عَنْ سُفْيَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ , فَقِيلَ لَهُ مَكَانَ أَبِي هُرَيْرَةَ : عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ , وَنَحْنُ ذَاكِرُوهُ فِي بَقِيَّةِ هَذَا الْبَابِ وَمِنْ ذَلِكَ مَنْ قَدْ رَوَى عَنْ سُهَيْلٍ هَذَا الْحَدِيثَ , عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ , حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ سُهَيْلٍ , سَمِعَ أَبَاهُ يُخْبِرُهُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ قَالَ : كُنْت عِنْدَ النَّبِيِّ r , فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ , فَقَالَ : لُدِغْت الْبَارِحَةَ , فَلَمْ أَنَمْ حَتَّى أَصْبَحْت , قَالَ النَّبِيُّ r : أَمَا إنَّكَ لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ , مَا ضَارَّك إنْ شَاءَ اللَّهُ .
وَكَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ , حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ سُهَيْلٍ , ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ , عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ : مَنْ قَالَ حِينَ يُمْسِي : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ , لَمْ يَضُرَّهُ حُمَّةٌ تِلْكَ اللَّيْلَةِ .
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ , حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ , حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ , عَنْ سُهَيْلٍ , ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ , قَالَ : كُنْت جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ عليه السلام , فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ , فَقَالَ : لُدِغْت الْبَارِحَةَ , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ .
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد , حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ , حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ , عَنْ سُهَيْلٍ , ، عَنْ أَبِيهِ , عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ , عَنْ النَّبِيِّ . . ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ . وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَسَدُ بْنُ مُوسَى , عَنْ شُعْبَةَ , عَنْ سُهَيْلٍ , وَأَخِيهِ , ، عَنْ أَبِيهِمَا , عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ .
كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ , حَدَّثَنَا أَسَدٌ . وَحَدَّثَنَا يُونُسُ , حَدَّثَنَا أَسَدٌ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ سُهَيْلٍ , وَأَخِيهِ , ، عَنْ أَبِيهِمَا , عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ : أَنَّهُ لُدِغَ , فَأَتَى النَّبِيَّ عليه السلام . . ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُهَيْلٍ وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ , فَخَالَفَهُمْ جَمِيعًا فِي إسْنَادِهِ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ , أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ , أَخْبَرَنَا حِبَّانُ , حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ , عَنْ سُهَيْلٍ , ، عَنْ أَبِيهِ , عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ . . . ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَلَمَّا اخْتَلَفُوا عَلَيْنَا فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ , عَنْ سُهَيْلٍ
كَمَا قَدْ رَوَيْنَاهُ مِنْ اخْتِلاَفِهِمْ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ , طَلَبْنَاهُ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ سُهَيْلٍ , مِنْ حَدِيثِ مَنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ سِوَاهُ , وَسِوَى أَخِيهِ , لِنَقِفَ بِذَلِكَ عَلَى حَقِيقَتِهِ , هَلْ هُوَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , أَوْ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ ؟
فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ , ، عَنْ أَبِيهِ , وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ , عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، يَعْنِي : ابْنَ الأَشَجِّ ، عَنْ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ , عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللهِ r , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَقِيت مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ , فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ r : أَمَا إنَّك لَوْ قُلْت حِينَ أَمْسَيْت : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ , لَمْ يَضُرَّك
وَوَجَدْنَا بَحْرَ بْنَ نَصْرٍ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ مِثْلَهُ .
وَوَجَدْنَا الرَّبِيعَ الْمُرَادِيَّ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ , أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ , عَنْ جَعْفَرٍ , عَنْ يَعْقُوبَ أَنَّهُ ذَكَرَ لَهُ أَنَّ أَبَا صَالِحٌ مَوْلَى غَطَفَانَ أَخْبَرَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : قَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللهِ r : لَدَغَتْنِي عَقْرَبٌ , فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ r : لَوْ أَنَّك قُلْت حِينَ أَمْسَيْت : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّك . فَنَسَبَ أَبَا صَالِحٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي وَلاَئِهِ إلَى غَطَفَانَ , وَقَدْ خُولِفَ فِي ذَلِكَ . فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ صَاحِبُ الْوَاقِدِيِّ فِي كِتَابِهِ فِي " الطَّبَقَاتِ " قَالَ : وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ مَوْلَى جُوَيْرِيَةَ امْرَأَةٍ مِنْ قَيْسٍ . قَالَ : وَقَدْ كُنَّا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الأَشْجَعِيَّ قَدْ خُولِفَ عَنْ سُفْيَانَ فِي إسْنَادِهِ حَدِيثَ سُهَيْلٍ , ، عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي قَدْ رَوَيْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ , وَاَلَّذِي خَالَفَهُ فِيهِ عَنْ سُفْيَانَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ , أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ , أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ سُهَيْلٍ , ، عَنْ أَبِيهِ , عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الأَشْجَعِيِّ . وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ غَيْرُ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ , وَهُوَ طَارِقُ بْنُ مُخَاشِنٍ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ , حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ , حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ , حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ , عَنْ الزُّهْرِيِّ , عَنْ طَارِقِ بْنِ مُخَاشِنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام : أَنَّهُ أُتِيَ بِلَدِيغٍ لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ , فَقَالَ : لَوْ قَالَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ , لَمْ يُلْدَغْ أَوْ لَمْ يَضُرَّهُ . وَلَمَّا وَجَدْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ الْقَعْقَاعِ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , لاَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ , قَوَّى فِي قُلُوبِنَا أَنَّ أَصْلَ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , لاَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ , وَكَانَ الَّذِينَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمَّا صَحَّحْت هَذِهِ الرِّوَايَاتِ فِيهِ يَرْجِعُ مَا فِيهِ إلَى أَنَّ قَائِلَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ الْمَحْفُوظَاتِ فِيهِ يَكُونُ بِقَوْلِهِ إيَّاهَا مَحْفُوظًا حَتَّى تَنْقَضِيَ تِلْكَ اللَّيْلَةُ الَّتِي قَالَهَا فِيهَا , لاَ زِيَادَةَ عَلَيْهَا , غَيْرَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ r مَا يَزِيدُ عَلَى مَا يَكُونُ قَائِلُهَا مَحْفُوظًا بِهَا مِنْ الزَّمَانِ عَلَى مَا فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ .
وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ , وَبَحْرٌ , قَالاَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ , وَالْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ , عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الأَشَجِّ , عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةِ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ r يَقُولُ : إذَا نَزَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلاً , فَلْيَقُلْ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ , فَإِنَّهُ لاَ يَضُرُّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الدِّمَشْقِيُّ , حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ,
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ , حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ , حَدَّثَنَا اللَّيْثُ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ , عَنْ الْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ : أَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ عَبْدِ اللهِ حَدَّثَهُ : أَنَّهُ سَمِعَ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ : سَمِعْت سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ : سَمِعْت خَوْلَةَ بِنْتَ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةَ تَقُولُ : إنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ r يَقُولُ : مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً , فَقَالَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ , لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ , حَدَّثَنَا الْحُصَيْبُ بْنُ نَاصِحٍ , حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ , حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلاَنَ , عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأَشَجِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ r : لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إذَا نَزَلَ مَنْزِلاً , قَالَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ , لَمْ يَضُرَّهُ فِي ذَلِكَ الْمَنْزِلِ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ . فَخَالَفَ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلاَنَ الْحَارِثَ بْنَ يَعْقُوبَ , وَيَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ فِي مَنْ بَعْدَ يَعْقُوبَ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ , فَقَالَ : ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , مَكَانَ قَوْلِ الْحَارِثِ فِيهِ : عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ , وَلَمْ يَكُنْ فِي هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ رَوَيْنَاهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ r مَا يَكُونُ بِهِ قَائِلُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ مَحْفُوظًا بِهَا فِيهِ مِنْ الزَّمَانِ , وَحَاشَ لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ فِيهِمَا اخْتِلاَفٌ , وَلَكِنَّ تَصْحِيحَهُمَا أَنَّ مَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى قَوْلِ مَنْ هُوَ مُقِيمٌ فِي مَنْزِلِهِ غَيْرَ مُسَافِرٍ . وَمَا فِي حَدِيثِ خَوْلَةَ عَلَى قَوْلِ مَنْ هُوَ مُسَافِرٌ , وَالْمُسَافِرُ مُخَفَّفٌ عَنْهُ لِمَكَانِ السَّفَرِ , مَرْفُوعٌ عَنْهُ طَائِفَةٌ مِنْ صَلاَتِهِ , مُخَفَّفٌ عَنْهُ فِي صِيَامِهِ الْمُفْتَرَضِ عَلَيْهِ , مُبَاحٌ لَهُ تَأْخِيرُهُ إلَى خُرُوجِهِ مِنْ سَفَرِهِ وَرُجُوعِهِ إلَى وَطَنِهِ , وَالْمُقِيمُ لَيْسَ كَذَلِكَ , وَكَانَتْ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ الَّتِي ذَكَرْنَا لِلْمُسَافِرِ مَدْفُوعًا عَنْهُ بِهَا فِي وَقْتٍ أَوْسَعَ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي يُدْفَعُ بِهَا عَنْ الْمُقِيمِ مَا يُدْفَعُ عَنْ الْمُسَافِرِ بِهَا لِلتَّخْفِيفِ , وَعَنْ الْمُسَافِرِ فِي سَفَرِهِ الَّذِي لَيْسَ لِلْمُقِيمِ مِنْ التَّخْفِيفِ فِي إقَامَتِهِ مِثْلُهُ , وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
بَابُ بَيَانِ مَا أُشْكِلَ عَلَيْنَا مِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ عليه السلام مِنْ نَهْيِهِ
عَنْ اتِّخَاذِ الدَّوَابِّ مَجَالِسَ , وَمِنْ نَهْيِهِ عَنْ اتِّخَاذِهَا كَرَاسِيِّ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانِ بْنِ سَرْحٍ الشَّيْرَزِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ , حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ , وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ , حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ , حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ , عَنْ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ : " إيَّاكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا ظُهُورَ دَوَابِّكُمْ مَنَابِرَ , فَإِنَّ اللَّهَ إنَّمَا سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُبَلِّغَكُمْ إلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنْفُسِ , وَجَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ , فَعَلَيْهَا فَاقْضُوا حَوَائِجَكُمْ .
وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ , حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ , حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ , فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ
وَكَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ , حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ : سَمِعْت اللَّيْثَ يَقُولُ : حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ مُعَاذٍ الْجُهَنِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ , عَنْ رَسُولِ اللهِ r أَنَّهُ قَالَ : ارْكَبُوا هَذِهِ الدَّوَابَّ سَالِمَةً , وَابْتَدِعُوهَا سَالِمَةً , وَلاَ تَتَّخِذُوهَا كَرَاسِيَّ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَوَقَفْنَا مِمَّا فِي هَذَيْنِ عَلَى نَهْيِهِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ مِنْهُمَا مَعَ وُقُوفِنَا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ جُلُوسِهِ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ لِلْخُطْبَةِ عَلَيْهَا فِي يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ , وَفِي يَوْمِ النَّحْرِ
كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ , حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى , حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ , حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ , ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ فِي حَدِيثِهِ عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ r : أَنَّهُ لَمَّا زَاغَتْ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ فِي حَجَّتِهِ , أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ , فَرُحِّلَتْ لَهُ , فَرَكِبَ حَتَّى أَتَى بَطْنَ الْوَادِي , فَخَطَبَ النَّاسَ , فَقَالَ : إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا , فِي شَهْرِكُمْ هَذَا , فِي بَلَدِكُمْ هَذَا , أَلاَ وَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمِي مَوْضُوعٌ , وَدِمَاءَ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ , وَأَوَّلُ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ , كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ , فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ , وَإِنَّ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ , وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَا الْعَبَّاسِ , فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ , اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ , فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللهِ , وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ , وَإِنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ , فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ , فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ , وَقَدْ تَرَكْت فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ : كِتَابَ اللهِ , وَأَنْتُمْ مَسْئُولُونَ عَنِّي , فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ ؟ قَالُوا : نَشْهَدُ أَنَّك قَدْ بَلَّغْت , وَأَدَّيْت , وَنَصَحْت , فَقَالَ بِأُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ وَرَفَعَهَا إلَى السَّمَاءِ يَنْكُتُهَا إلَى النَّاسِ : اللَّهُمَّ اشْهَدْ , اللَّهُمَّ اشْهَدْ , اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثُمَّ أَذَّنَ بِلاَلٌ .
وَكَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ , حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ , وَيَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ , قَالاَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ , عَنْ مُرَّةَ بْنِ شَرَاحِيلَ , قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عليه السلام , قَالَ : وَأَحْسَبُهُ قَالَ : فِي عَرَفَتِي هَذِهِ , قَالَ : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ r عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ مُخَضْرَمَةٍ , وَقَالَ يَعْقُوبُ فِي حَدِيثِهِ : خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ r عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ مُخَضْرَمَةٍ فَقَالَ : هَلْ تَدْرُونَ أَيَّ يَوْمٍ هَذَا ؟ قَالُوا : نَعَمْ , يَوْمُ النَّحْرِ , قَالَ : صَدَقْتُمْ يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ , قَالَ : هَلْ تَدْرُونَ أَيَّ شَهْرٍ هَذَا ؟ قَالُوا : نَعَمْ , ذُو الْحِجَّةِ , قَالَ : صَدَقْتُمْ , شَهْرُ اللهِ الأَصَمُّ , ثُمَّ قَالَ : هَلْ تَدْرُونَ أَيَّ بَلَدٍ هَذَا ؟ قَالُوا : نَعَمْ , الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ , قَالَ : صَدَقْتُمْ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r : إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ ، وَأَحْسَبُهُ قَالَ ، : وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا , فِي شَهْرِكُمْ هَذَا , فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ، أَوْ قَالَ : كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا وَشَهْرِكُمْ هَذَا , وَبَلَدِكُمْ هَذَا ، أَلاَ وَإِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ أَنْتَظِرُكُمْ , وَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الآُمَمَ أَوْ النَّاسَ , فَلاَ تُسَوِّدُوا وَجْهِي , أَلاَ وَإِنِّي مُسْتَنْقِذٌ رِجَالاً , وَمُسْتَنْقَذٌ مِنِّي آخَرُونَ , فَأَقُولُ : أَصْحَابِي , فَيُقَالُ : إنَّك لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ , أَلاَ وَقَدْ رَأَيْتُمُونِي , وَقَدْ سَمِعْتُمْ مِنِّي , وَسَتُسْأَلُونَ عَنِّي , فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ .
وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ نُوحٍ , حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ , حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ , عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ [ ، عَنْ أَبِيهِ ] قَالَ : لَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ رَكِبَ رَسُولُ اللهِ r نَاقَتَهُ , ثُمَّ وَقَفَ , فَقَالَ : أَتَدْرُونَ أَيَّ يَوْمٍ هَذَا ؟ فَسَكَتْنَا حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ , ثُمَّ قَالَ : أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ ؟ قُلْنَا : بَلَى , ثُمَّ قَالَ : أَتَدْرُونَ أَيَّ شَهْرٍ هَذَا ؟ فَسَكَتْنَا حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ , فَقَالَ : أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةِ ؟ فَقَالُوا : بَلَى , فَقَالَ : أَتَدْرُونَ أَيَّ بَلَدٍ هَذَا ؟ فَسَكَتْنَا حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ , فَقَالَ أَلَيْسَ الْبَلَدَ الْحَرَامَ ؟ فَقُلْنَا : بَلَى , قَالَ : فَإِنَّ أَمْوَالَكُمْ , وَأَعْرَاضَكُمْ , وَدِمَاءَكُمْ حَرَامٌ بَيْنَكُمْ فِي مِثْلِ يَوْمِكُمْ هَذَا , فِي مِثْلِ شَهْرِكُمْ هَذَا , فِي مِثْلِ بَلَدِكُمْ هَذَا , أَلاَ لِيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ , فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ مُبَلِّغٍ , ثُمَّ مَالَ عَلَى نَاقَتِهِ إلَى غُنَيْمَاتٍ , فَجَعَلَ يُقَسِّمُهُنَّ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ الشَّاةُ , وَبَيْنَ الثَّلاَثَةِ الشَّاةُ . وَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي بَكْرَةَ , وَفِيهِ : رَكِبَ رَسُولُ اللهِ r نَاقَتَهُ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ خُطْبَتِهِ عَلَى رَاحِلَتِهِ جُلُوسًا مِنْهُ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ , وَحَاشَ لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ كَانَ مِنْهُ فِي فِعْلِهِ مَا يُضَادُّ مَا كَانَ مِنْهُ فِي قَوْلِهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْهُ فِي الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُمَا , وَلَكِنَّهُ كَانَ الَّذِي كَانَ مِنْهُ مِمَّا ذَكَرْنَا فِي ذَيْنِك الْحَدِيثَيْنِ عَلَى نَهْيِهِ عَنْ الْجُلُوسِ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ , لِلْحَدِيثِ عَلَيْهَا الَّذِي لاَ حَاجَةَ بِالْجَالِسِ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ مِنْهُ , وَإِذْ لاَ فَضْلَ لِجُلُوسِهِ عَلَيْهَا لِذَلِكَ الْحَدِيثِ , وَجُلُوسُهُ عَلَى الأَرْضِ , وَإِنْ كَانَ جُلُوسُهُ عَلَى ظَهْرِهَا لِذَلِكَ فَضْلاً لَمْ تَدْعُهُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ , وَفِي ذَلِكَ إتْعَابُهَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ دَعَتْهُ إلَى ذَلِكَ مِنْهَا , وَكَانَ جُلُوسُهُ لِلْخُطْبَةِ عَلَى النَّاسِ عَلَيْهَا , وَلِإِسْمَاعِهِ إيَّاهُمْ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ مِمَّا لاَ يَتَهَيَّأُ لَهُ مِثْلُهُ فِي الْجُلُوسِ عَلَى الأَرْضِ , وَإِذَا كَانَ الْجُلُوسُ عَلَى الأَرْضِ لاَ يُسْمَعُ مِنْهُ مَا يَكُونُ مِنْ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ كَمَا يُسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُ , وَهُوَ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ , وَكَانَتْ خُطْبَتُهُ عَلَى ظَهْرِهَا بِمَا ذَكَرْنَا
مِمَّا قَدْ دَعَتْهُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ , وَكَانَ مَا فِي الْحَدِيثَيْنِ مِنْ نَهْيِهِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ فِيهِمَا إنَّمَا هُوَ نَهْيٌ عَنْ جُلُوسٍ عَلَى ظَهْرِهَا مِمَّا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ , فَخَرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّا فِي الْحَدِيثَيْنِ , وَمِمَّا فِي خُطْبَتِهِ عَلَى رَاحِلَتِهِ عَلَى مَعْنَى خِلاَفِ الْمَعْنَى الَّذِي خَرَجَ عَلَيْهِ مَعْنَى مَا فِي صَاحِبِهِ , وَانْتَفَى أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ تَضَادٌّ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ مُعَاذٍ الْمَذْكُورِ فِي أَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ وَهُوَ مُعَاذُ بْنُ أَنَسٍ الْجُهَنِيُّ , فَقَالَ : هَلْ ثَبَتَ لَهُ عِنْدَكُمْ صُحْبَةٌ يَجِبُ بِهَا إدْخَالُ حَدِيثِهِ الَّذِي رَوَيْتُمُوهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللهِ كَمَا أَدْخَلْتُمْ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي رَوَيْتُمُوهُ عَنْهُ فِيهِ لِصُحْبَةِ رَسُولِ اللهِ r ؟ فَقِيلَ لَهُ : نَعَمْ , قَدْ وَقَفْنَا عَلَى صُحْبَتِهِ لَهُ وَرِوَايَتِهِ عَنْهُ .
وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ , حَدَّثَنِي الْهِقْلُ , عَنِ الأَوْزَاعِيِّ , عَنْ أُسَيْدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ , عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُجَاهِدٍ , عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ عليه السلام , فَضَيَّقَ النَّاسُ الْمَنَازِلَ , وَقَطَعُوا الطُّرُقَ , فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ عليه السلام , فَقَالَ : أَلاَ مَنْ قَطَعَ طَرِيقًا , أَوْ ضَيَّقَ مَنْزِلاً فَلاَ جِهَادَ لَهُ .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ , حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ سُلَيْمَانَ , حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ , عَنْ أُسَيْدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ , عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُجَاهِدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ : غَزَوْت مَعَ أَبِي الصَّائِفَةِ فِي زَمَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ , فَضَيَّقَ النَّاسُ الْمَنَازِلَ , وَقَطَعُوا الطُّرُقَ , فَقَامَ أَبِي فِي النَّاسِ , فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ , إنِّي قَدْ غَزَوْت مَعَ النَّبِيِّ عليه السلام غَزْوَةَ كَذَا وَكَذَا , فَضَيَّقَ النَّاسُ الْمَنَازِلَ , وَقَطَعُوا الطُّرُقَ , فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ r مُنَادِيًا يُنَادِي : أَلاَ مَنْ ضَيَّقَ مَنْزِلاً أَوْ قَطَعَ طَرِيقًا , فَلاَ جِهَادَ لَهُ . فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ لِمُعَاذٍ الْجُهَنِيِّ مِنْ الصُّحْبَةِ لِرَسُولِ اللهِ r وَالْغَزْوِ مَعَهُ , وَالرِّوَايَةِ عَنْهُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ . وَسَمِعْت إبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي دَاوُد يَقُولُ : أَكْثَرُ حَدِيثِ مُعَاذٍ هَذَا الَّذِي فِي أَيْدِي النَّاسِ هُوَ مَا رَوَاهُ الْمِصْرِيُّونَ عَنْهُ , وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى صُحْبَتِهِ رَسُولَ اللهِ r , وَاَلَّذِي وَجَدْنَاهُ
مِمَّا قَدْ دَلَّنَا عَلَى ذَلِكَ , فَهُوَ مَا رَوَاهُ الشَّامِيُّونَ عَنْهُ عَلَى قِلَّةِ رِوَايَتِهِمْ عَنْهُ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِيمَا أَجَازَهُ لَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْهُ : الْمُخَضْرَمَةُ : الْمَشْقُوقَةُ الآُذُنُ , وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ , مِنْهُمْ عَبَّاسٌ الرِّيَاشِيُّ فِيمَا حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْهُ , قَالَ : مُحَالٌ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ عليه السلام خَطَبَ عَلَى نَاقَةٍ هَذِهِ صِفَتُهَا لأَنَّهَا مَبْتُوكَةٌ , وَلَكِنَّهَا نَاقَةٌ وُلِدَتْ بَيْنَ الْعِرَابِ وَالْيَمَانِيَّةِ , فَقِيلَ لَهَا بِذَلِكَ : مُخَضْرَمَةٌ كَمَا قِيلَ لِمَنْ وُلِدَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , وَلَحِقَ الإِسْلاَمَ مُخَضْرَمٌ , أَيْ : لِإِدْرَاكِهِ الطَّرَفَيْنِ جَمِيعًا . سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد الْبَغْدَادِيَّ يَقُولُ : سَمِعْت يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ لأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَلَى بَابِ عَفَّانَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ , إنْ سَرَّكَ أَنْ تَكْتُبَ عَنْ رَجُلٍ لاَ يَكُونُ فِي قَلْبِكَ مِنْهُ شَيْءٌ , فَاكْتُبْ عَنْ أَبِي غَسَّانَ مَالِكِ بْنِ إسْمَاعِيلَ .
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام فِي نَهْيِهِ
أَبَا ذَرٍّ أَنْ يَتَوَلَّى قَضَاءً بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَنْ يُؤْوِيَ أَمَانَةً
حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ دَرَّاجًا أَبَا السَّمْحِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ r سِتَّةَ أَيَّامٍ : اعْقِلْ يَا أَبَا ذَرٍّ مَا أَقُولُ لَك ثُمَّ لَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ , قَالَ : أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ فِي سِرِّ أَمْرِكَ وَعَلاَنِيَتِكَ , وَإِذَا أَسَأْت ; فَأَحْسِنْ , وَلاَ تَسَلْنَ أَحَدًا , وَإِنْ سَقَطَ سَوْطُكَ , وَلاَ تُؤْوِيَنَّ أَمَانَةً , وَلاَ تُؤْوِيَنَّ يَتِيمًا , وَلاَ تَقْضِيَنَّ بَيْنَ اثْنَيْنِ .
فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَهْيُهُ أَبَا ذَرٍّ عَمَّا نَهَاهُ عَنْهُ , وَقَدْ كَانَ عليه السلام اسْتَعْمَلَ عَلَى الْقَضَاءِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ . فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ عَلَى عَمَلٍ مَكْرُوهٍ , وَأَنَّهُ لَمْ يُدْخِلْهُ فِي مَعْنًى يُنْقِصُ بِهِ رُتْبَتَهُ عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ , بَلْ مَا أَدْخَلَهُ إِلاَّ فِي مَعْنًى يَكُونُ زَائِدًا فِي رُتْبَتِهِ , وَفِي مَعْنًى يَكُونُ سَبَبًا لِمَا يُقَرِّبُهُ مِنْ رَبِّهِ تَعَالَى . وَرُوِيَ مِمَّا كَانَ مِنْهُ إلَى عَلِيٌّ فِي ذَلِكَ لَمَّا بَعَثَهُ عَلَى مَا وَلَّاهُ عَلَيْهِ , مِنْهُ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ , حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى , حَدَّثَنَا شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ حَبَشِيٍّ عَنْ عَلِيٍّ , قَالَ : بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ r إلَى الْيَمَنِ , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ , إنَّك تَبْعَثُنِي إلَى قَوْمٍ شُيُوخٍ ذَوِي سِنٍّ , وَإِنِّي أَخَافُ أَنْ لاَ أُصِيبَ , فَقَالَ : إنَّ اللَّه يُثَبِّتُ لِسَانَكَ , وَيَهْدِي قَلْبَكَ .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ , حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ , حَدَّثَنَا شَرِيكٌ , وَزَائِدَةُ , وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذٍ , كُلُّهُمْ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ , عَنْ حَنَشٍ ، وَهُوَ ابْنُ الْمُعْتَمِرِ ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ r : إذَا تَقَاضَى إلَيْكَ الرَّجُلاَنِ , فَلاَ تَقْضِ لِلأَوَّلِ حَتَّى تَسْمَعَ مَا يَقُولُ الآخَرُ , فَإِنَّك إذَا سَمِعْتَ ذَلِكَ عَرَفْتَ كَيْفَ تَقْضِي , قَالَ عَلِيٌّ : فَمَا زِلْت قَاضِيًا بَعْدُ . وَزَادَ سُلَيْمَانُ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَالَ لِعَلِيٍّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : إنَّ اللَّهَ يُثَبِّتُ لِسَانَكَ , وَيَهْدِي قَلْبَكَ .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ , حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ , حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ r إلَى الْيَمَنِ , فَقُلْت : إنَّك بَعَثْتَنِي إلَى قَوْمٍ أَسَنَّ مِنِّي , فَكَيْفَ أَقْضِي ؟ قَالَ : اذْهَبْ فَإِنَّ اللَّهَ يَهْدِي قَلْبَكَ , وَيُثَبِّتُ لِسَانَكَ
وَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ , حَدَّثَنَا ابْنُ الأَصْبَهَانِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ , حَدَّثَنَا شَرِيكٌ , عَنْ سِمَاكٍ , عَنْ حَنَشٍ قَالَ : قَالَ عَلِيٌّ : بَعَثَنِي النَّبِيُّ r إلَى الْيَمَنِ , وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ , فَقُلْت : بَعَثْتَنِي وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ , وَلاَ عِلْمَ لِي بِالْقَضَاءِ , فَقَالَ : إنَّ اللَّهَ هَادِي قَلْبَكَ وَلِسَانَكَ , فَإِذَا جَلَسَ إلَيْكَ الْخَصْمَانِ , فَلاَ تَقْضِ لِلأَوَّلِ حَتَّى تَسْمَعَ كَلاَمَ الآخَرِ , قَالَ : فَمَا شَكَكْتُ فِي قَضَاءٍ بَعْدُ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَاسْتَحَالَ عِنْدَنَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ r أَدْخَلَ عَلِيًّا إِلاَّ فِيمَا زَادَ فِي رُتْبَتِهِ , وَفِي جَلاَلَةِ مِقْدَارِهِ , وَفِيمَا يُقَرِّبُهُ مِنْ رَبِّهِ تَعَالَى . وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي تَوْكِيدِ مَا ذَكَرْنَا
مَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ الأَنْصَارِيُّ , وَبَكْرُ بْنُ إدْرِيسَ الأَزْدِيُّ قَالاَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَانِ الْمُقْرِي , حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ , حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ , عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ : إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ , وَاجْتَهَدَ , ثُمَّ أَصَابَ , فَلَهُ أَجْرَانِ , وَإِذَا حَكَمَ , وَاجْتَهَدَ , ثُمَّ أَخْطَأَ , فَلَهُ أَجْرٌ , قَالَ : فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبَا بَكْرِ بْنَ حَزْمٍ , فَقَالَ : هَكَذَا حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ .
وَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , وَفَهْدٌ , قَالاَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ , حَدَّثَنِي اللَّيْثُ , حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ .
وَمَا قَدْ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ , أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ ، يَعْنِي الْكَوْسَجَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام مِثْلَهُ .
وَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد , حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ , حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ , حَدَّثَنِي شَرِيكٌ , عَنِ الأَعْمَشِ , عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ , عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ , عَنْ رَسُولِ اللهِ r , قَالَ : الْقُضَاةُ ثَلاَثَةٌ : فَقَاضِيَانِ فِي النَّارِ , وَقَاضٍ فِي الْجَنَّةِ : قَاضٍ تَرَكَ الْحَقَّ وَهُوَ يَعْلَمُ , وَقَاضٍ قَضَى بِغَيْرِ الْحَقِّ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ , فَأَهْلَكَ حُقُوقَ النَّاسِ , فَهَذَانِ فِي النَّارِ , وَقَاضٍ قَضَى بِالْحَقِّ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد , حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ , وَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد , حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ , قَالاَ : حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ , حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ , قَالَ : لَوْلاَ حَدِيثُ ابْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ , عَنْ رَسُولِ اللهِ r أَنَّهُ قَالَ : الْقُضَاةُ ثَلاَثَةٌ : اثْنَانِ فِي النَّارِ , وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ : رَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ , وَقَضَى بِهِ , فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ , وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ , فَلَمْ يَقْضِ بِهِ , وَجَارَ فِي الْحُكْمِ , فَهُوَ فِي النَّارِ , وَرَجُلٌ لَمْ يَعْرِفْ الْحَقَّ فَقَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ , فَهُوَ فِي النَّارِ . [ لَقُلْنَا : إنَّ الْقَاضِيَ إذَا اجْتَهَدَ , فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ ] .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : أَفَلاَ تَرَى مَا فِي الْقَضَاءِ مِمَّا يَكُونُ سَبَبًا لِلْجَنَّةِ , فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى جَلاَلَةِ مِقْدَارِهِ , وَعَلَى أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام لَمْ يَمْنَعْ أَبَا ذَرٍّ مِنْهُ لِلْقَضَاءِ بِعَيْنِهِ , وَلَكِنْ لِمَعْنًى سِوَاهُ . فَالْتَمَسْنَا ذَلِكَ الْمَعْنَى مَا هُوَ ؟
فَوَجَدْنَا يَزِيدَ بْنَ سِنَانٍ , وَعَلِيَّ بْنَ شَيْبَةَ , وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ مُنْقِذٍ الْعُصْفُرِيَّ , وَمُوسَى بْنَ النُّعْمَانَ الْمَكِّيَّ قَدْ حَدَّثُونَا عَنْ الْمُقْرِي ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ حَدَّثَنِي , عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْقُرَشِيِّ , عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي سَالِمٍ الْجَيَشَانِيِّ , ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ r : " يَا أَبَا ذَرٍّ , إنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي , وَإِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا , فَلاَ تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ , وَلاَ تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ . فَوَقَفْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ نَهَى رَسُولُ اللهِ r أَبَا ذَرٍّ عَمَّا نَهَاهُ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ , وَإِنَّهُ لِمَعْنًى فِيهِ نَقَصَ بِهِ عَنْ رُتْبَةِ الْقَضَاءِ مِمَّا كَانَ ضِدَّهُ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِمَّا اسْتَحَقَّ بِهِ وِلاَيَةَ الْقَضَاءِ .
وَوَجَدْنَا يُوسُفَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ كَامِلٍ الْقُرَشِيِّ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ , حَدَّثَنِي اللَّيْثُ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ , عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو , عَنْ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيِّ , عَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ الأَكْبَرِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ , قَالَ : قُلْت : يَا رَسُولَ اللهِ , أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِي ؟ قَالَ : فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي , ثُمَّ قَالَ : يَا أَبَا ذَرٍّ , إنَّكَ ضَعِيفٌ , وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ , وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا , وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا . فَوَقَفْنَا بِهَذَا أَيْضًا أَنَّهَا عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ كَرِهَ رَسُولُ اللهِ r لأَبِي ذَرٍّ مَا كَرِهَهُ لَهُ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ . وَوَقَفْنَا بِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ r الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ , وَهُوَ : إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا , وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا , أَنَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ , فَلَيْسَ مِمَّنْ لَحِقَهُ فِي ذَلِكَ نَهْيٌ , وَلاَ لَحِقَتْهُ فِيهِ كَرَاهَةٌ , وَأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِذَلِكَ إنَّمَا تَلْحَقُ الْمُتَعَرِّضِينَ لَهُ , الطَّالِبِينَ لِوِلاَيَتِهِ . وَ مِمَّا قَدْ رُوِيَ فِي تَوْكِيدِ هَذَا الْمَعْنَى
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ , حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ الأَصْبَهَانِيُّ , حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , عَنْ إسْمَاعِيلَ ، وَهُوَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ أَخِيهِ , عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ : قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ عليه السلام رَجُلاَنِ مِنْ الأَشْعَرِيِّينَ , فَخَطَبَا , ثُمَّ تَعَرَّضَا لِلْعَمَلِ , فَقَالَ : إنَّ أَخْوَنَكُمْ عِنْدِي مَنْ طَلَبَهُ , فَعَلَيْكُمَا بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ الْكُوفِيُّ أَبُو الْحُسَيْنِ , حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ , عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ , عَنْ الْحَسَنِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ سَمُرَةَ , قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ r : " يَا عَبْدَ الرَّحْمَانِ لاَ تَسْأَلْ الإِمَارَةَ ; فَإِنَّكَ إنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إلَيْهَا , وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَفِي مَا قَدْ ذَكَرْت مَا قَدْ وَضَحَ بِهِ جَمِيعُ مَا رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِي هَذَا الْبَابِ بِالْحَدِيثِ الأَوَّلِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْهُ فِيهِ نَهْيُهُ أَبَا ذَرٍّ عَمَّا نَهَاهُ عَنْهُ , وَفِي الأَحَادِيثِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا بَعْدَهُ مِمَّا فِيهِ نَفْيُ ذَلِكَ النَّهْيِ عَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ بِهِ الْقُوَّةُ عَلَى مَا يَتَوَلَّاهُ مِنْ ذَلِكَ . فَبَانَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنْ لاَ تَضَادَّ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللهِ r , وَأَنَّ مَعَانِيَهُ قَدْ اتَّضَحَتْ مُلْتَئِمَةً بَائِنَةً لِمُعَايِنِهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِيهِ . وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ فِي السَّبَبِ الَّذِي فِيهِ نَزَلَتْ
وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ
﴿مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ﴾ الفتح )
مِمَّا قَدْ ظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ قَدْ تَضَادَّتْ الرِّوَايَاتُ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِمَّا هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ بِخِلاَفِ ذَلِكَ .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَحْرِ بْنِ مَطَرٍ , حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد بْن مُوسَى , عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيِّ , عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ , عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ : أَنَّ ثَمَانِينَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ r وَأَصْحَابِهِ بِالتَّنْعِيمِ عِنْدَ صَلاَةِ الْفَجْرِ لِيَقْتُلُوهُمْ , فَأَخَذَهُمْ رَسُولُ اللهِ r سِلْمًا , فَأَعْتَقَهُمْ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ الآيَةَ . قَالَ أَبُو سَلَمَةَ : فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْكَلْبِيَّ , فَقَالَ : هَكَذَا كَانَ الْحَدِيثُ .
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَعْيَنَ , حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إسْرَائِيلَ , أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْبَزَّازُ أَبُو الْقَاسِمِ ، الْمَعْرُوفُ مُحَمَّدٌ هَذَا بِرِجَالٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , ثُمَّ اجْتَمَعَا , فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي جَانِبٍ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ , عَنْ الزُّهْرِيِّ , قَالَ : وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ الْمِسْوَرِ , وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ , قَالَ فِي حَدِيثِ الْهُدْنَةِ : إنَّ سُهَيْلاً كَانَ مِمَّا اشْتَرَطَ فِي الصُّلْحِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ لاَ يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ , وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ , إِلاَّ رَدَدْتَهُ إلَيْنَا , ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ r إلَى الْمَدِينَةِ , فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ , وَهُوَ مُسْلِمٌ , فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ , فَقَالُوا : الْعَهْدُ الَّذِي جَعَلْت لَنَا , فَدَفَعَهُ إلَى الرَّجُلَيْنِ , فَخَرَجَا بِهِ , فَلَمَّا بَلَغَا ذَا الْحُلَيْفَةِ , نَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرِهِمْ , فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ : وَاَللَّهِ إنِّي لاََرَى سَيْفَكَ يَا فُلاَنٌ جَيِّدًا , فَاسْتَلَّهُ الآخَرُ , فَقَالَ : أَجَلْ وَاَللَّهِ إنَّهُ لَجَيِّدٌ , فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ : أَرِنِي أَنْظُرْ إلَيْهِ , فَضَرَبَهُ بِهِ حَتَّى بَرَدَ , وَفَرَّ الآخَرُ حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ , فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r حِينَ رَآهُ : لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا , فَلَمَّا انْتَهَى إلَيْهِ قَالَ : قُتِلَ وَاَللَّهِ صَاحِبِي , وَإِنِّي لَمَقْتُولٌ , فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ , فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللهِ , قَدْ وَاَللَّهِ وَفَّى اللَّهُ ذِمَّتَكَ أَنْ رَدَدْتَنِي إلَيْهِمْ , ثُمَّ أَنْجَانِي اللَّهُ مِنْهُمْ , فَقَالَ النَّبِيُّ r : وَيْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ , فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ , عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إلَيْهِمْ , فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سِيفَ ، يَعْنِي ، الْبَحْرَ قَالَ : وَتَفَلَّتَ مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلٍ , فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ , فَجَعَلَ لاَ يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إِلاَّ لَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ , حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ , قَالَ : فَوَاَللَّهِ مَا سَمِعُوا بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إلَى الشَّامِ إِلاَّ اعْتَرَضُوا لَهُمْ , فَقَتَلُوهُمْ , وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ , فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إلَى النَّبِيِّ عليه السلام تُنَاشِدُهُ اللَّهَ , وَالرَّحِمَ لَمَّا أَرْسَلَ إلَيْهِمْ , فَمَنْ أَتَاهُ , فَهُوَ آمِنٌ , فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ r إلَيْهِمْ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ حَتَّى بَلَغَ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أَنَّهُ نَبِيُّ اللهِ , وَلَمْ يُقِرُّوا بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ , وَحَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرِ : وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ : أَنَّ ثَمَانِينَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ r وَأَصْحَابِهِ مِنْ التَّنْعِيمِ عِنْدَ صَلاَةِ الْفَجْرِ لِيَقْتُلُوهُمْ , وَأَنَّ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ كَانَ فِي ذَلِكَ , وَكَانَ مَا فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ مُضَافًا إلَى أَنَسٍ لِغَيْرِ حِكَايَةٍ مِنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ r أَنَّهُ قَالَ لَهُ ذَلِكَ . وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ , وَمَرْوَانَ أَنَّ نُزُولَهَا كَانَ فِيمَا كَانَ مِنْ أَبِي بَصِيرٍ , وَأَبِي جَنْدَلٍ , وَمِمَّنْ لَحِقَ بِهِمَا مِمَّنْ أَسْلَمَ مِنْ قُرَيْشٍ بِسِيفِ الْبَحْرِ فِي قَطْعِهِمْ مَا كَانَ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ عَيْرَاتِ قُرَيْشٍ , وَمِمَّا سِوَاهَا مِمَّا كَانَتْ مِيرَةً لَهُمْ , حَتَّى كَانَ مِنْ قُرَيْشٍ الَّذِينَ كَانُوا بِمَكَّةَ سُؤَالُهُمْ رَسُولَ اللهِ r , وَمُنَاشَدَتُهُمْ إيَّاهُ بِاَللَّهِ وَبِالرَّحِمِ لَمَّا أَرْسَلَ إلَيْهِمْ , فَمَنْ أَتَاهُ , فَهُوَ آمِنٌ , وَأَنَّ إنْزَالَ اللهِ هَذِهِ الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا كَانَ فِي ذَلِكَ , وَكَانَ كُلُّ وَجْهٍ مِمَّا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مُضَافًا إلَى رُوَاتِهِ لاَ إلَى رَسُولِ اللهِ r . فَبَانَ بِذَلِكَ أَنْ لاَ تَضَادَّ فِي وَاحِدٍ مِمَّا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللهِ r , وَأَنَّ التَّضَادَّ الَّذِي فِيهِمَا فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ كَانَ مِمَّنْ دُونَهُ عليه السلام مِنْهُ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ فِي نُزُولِهَا أَيْضًا شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَهُ أَنَسٌ , وَأَنَّ نُزُولَهَا كَانَ فِيهِ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد , أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ , حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ الْعِجْلِيّ , عَنْ إيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِيهِ سَلَمَةَ قَالَ : جَاءَ عَمِّي بِرَجُلٍ مِنْ عَبَلاَتٍ وَبِفَرَسِهِ مُجَفِّفًا فِي سَبْعِينَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى وَقَفَ بِهِمْ عَلَى رَسُولِ اللهِ r فَقَالَ : دَعُوهُمْ تَكُونُ لَنَا الْيَدُ وَالْفَخَارُ , فَعَفَا عَنْهُمْ رَسُولُ اللهِ r , فَأَنْزَلَ اللَّهُ : وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ الآيَةَ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : ثُمَّ تَأَمَّلْنَا نَحْنُ مِنْ بَعْدُ مَا قَالُوهُ فِي ذَلِكَ ,
فَوَجَدْنَا فِي الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَهُ أَنَسٌ فِي السَّبَبِ الَّذِي فِيهِ أُنْزِلَتْ لاَ عَلَى مَا قَالَ مَرْوَانُ , وَالْمِسْوَرُ فِي ذَلِكَ ; لأَنَّ فِيهَا وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ الآيَةَ , وَكَانَ التَّنْعِيمُ مِنْ مَكَّةَ , وَكَانَ سِيفُ الْبَحْرِ لَيْسَ مِنْ بَطْنِ مَكَّةَ , وَكَانَ الَّذِي كَانَ فِي ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ : الظَّفَرُ بِالْقَوْمِ الَّذِينَ حَاوَلُوا مَا حَاوَلُوا مِنْ رَسُولِ اللهِ r , وَمِنْ أَصْحَابِهِ , وَلاَ ظَفَرَ فِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ , وَمَرْوَانَ .
وَمِنْ ذَلِكَ
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ
عليه السلام ثُمَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِمَّا يُحِيطُ عِلْمًا أَنَّهُ
لَمْ يَقُلْهُ إِلاَّ بِأَخْذِهِ إيَّاهُ عَنْهُ إذْ كَانَ مِثْلُهُ لاَ يُوجَدُ
إِلاَّ عَنْهُ , وَلاَ مِمَّا يُدْرَكُ بِالرَّأْيِ , وَلاَ مِنْ اسْتِنْبَاطٍ
وَلاَ مِنْ اسْتِخْرَاجٍ فِي التِّسْعِ الآيَاتِ الَّتِي أُوتِيَهَا مُوسَى r
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد , حَدَّثَنَا مُسَدِّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ , حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ , عَنْ شُعْبَةَ , حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ , قَالَ : قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ لِآخَرَ : اذْهَبْ بِنَا إلَى هَذَا النَّبِيِّ , فَقَالَ لَهُ الآخَرُ : لاَ تَقُلْ هَذَا النَّبِيَّ ; فَإِنَّهُ إنْ سَمِعَهَا كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ , فَانْطَلَقَا إلَيْهِ , فَسَأَلاَهُ عَنْ تِسْعِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ , فَقَالَ : تَعْبُدُوا اللَّهَ لاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا , وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ , وَلاَ تَزْنُوا , وَلاَ تَسْرِقُوا , وَلاَ تَفِرُّوا مِنْ الزَّحْفِ , وَلاَ تُسْحِرُوا , وَلاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا , وَلاَ تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إلَى سُلْطَانٍ , وَعَلَيْكُمْ يَهُودَ أَنْ لاَ تَعْدُوا فِي السَّبْتِ . فَقَالاَ : نَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : هَذَا الْحَرْفُ " نَشْهَدُ أَنَّك رَسُولُ اللهِ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَصْحَابِ شُعْبَةَ إِلاَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ ,
فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ التِّسْعَ آيَاتٍ الَّتِي آتَاهَا اللَّهُ مُوسَى هِيَ التِّسْعُ الآيَاتُ الْمَذْكُورَاتُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ , وَأَنَّهَا عِبَادَاتٌ لاَ نِذَارَاتٌ , وَلاَ تَخْوِيفَاتٌ , وَلاَ وَعِيدَاتٌ . وَمَا عَلِمْنَا أَحَدًا مِمَّنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ شُعْبَةَ ضَبَطَ التِّسْعَ الآيَاتِ الْمَذْكُورَاتِ فِيهِ غَيْرَ يَحْيَى , وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ قَدْ ضَبَطَهَا عَنْ شُعْبَةَ أَيْضًا بِضَبْطِ يَحْيَى إيَّاهَا عَنْهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ إدْرِيسَ الأَوْدِيُّ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ :
مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ , أَخْبَرَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , عَنِ ابْنِ إدْرِيسَ , أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ , عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ عَبْدِ اللهِ عَنْ صَفْوَانَ قَالَ : قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ : اذْهَبْ بِنَا إلَى هَذَا النَّبِيِّ , فَقَالَ صَاحِبُهُ : لاَ تَقُلْ نَبِيٌّ , لَوْ سَمِعَهَا كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ , فَأَتَيَا رَسُولَ اللهِ r , فَسَأَلاَهُ عَنْ تِسْعِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَقَالَ لَهُمْ : لاَ تُشْرِكُوا بِاَللَّهِ شَيْئًا , وَلاَ تَسْرِقُوا , وَلاَ تَزْنُوا , وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ , وَلاَ تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إلَى سُلْطَانٍ , وَلاَ تُسْحِرُوا , وَلاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا , وَلاَ تَقْذِفُوا الْمُحْصَنَةَ , وَلاَ تَوَلُّوا يَوْمَ الزَّحْفِ , وَعَلَيْكُمْ خَاصَّةً يَهُودُ أَنْ لاَ تَعْدُوا فِي السَّبْتِ فَقَبَّلُوا يَدَيْهِ , وَرِجْلَيْهِ , وَقَالُوا : نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ قَالَ : فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَتَّبِعُونِي ؟ قَالُوا : إنَّ دَاوُد دَعَا أَنْ لاَ يَزَالَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ , وَإِنَّا نَخَافُ إنْ تَبِعْنَاكَ أَنْ تَقْتُلَنَا يَهُودُ . هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ ابْنُ شُعَيْبٍ بِلاَ شَكٍّ مِنْهُ فِيهِ , وَلاَ مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ , وَلاَ مِمَّنْ فَوْقَهُ مِنْ رُوَاتِهِ فِيهِ . وَكَانَ مَا ظَنَّ هَذَا الظَّانُّ بِخِلاَفِ مَا ظَنَّهُ ; لأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا ظَنَّ , لَكَانَ ابْنُ إدْرِيسَ قَدْ زَادَ عَلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِيهِ آيَةً أُخْرَى , فَصَارَ الَّذِي فِيهِ عَشْرُ آيَاتٍ , وَإِنَّمَا الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ آتَاهُ مُوسَى مِنْهَا تِسْعُ آيَاتٍ لاَ عَشْرُ آيَاتٍ . وَلَكِنَّ حَقِيقَةَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ الَّتِي فِيهِ مِنْ عَبْدِ اللهِ عَلَى يَحْيَى إنَّمَا هِيَ أَنَّ شُعْبَةَ قَدْ كَانَ شَكَّ فِيهِ بِآخِرِهِ , فَلَمْ يَدْرِ : هَلْ مِنْ الآيَاتِ الَّتِي فِيهِ التَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ , أَوْ قَذْفُ الْمُحْصَنَةِ , وَكَانَ يُحَدِّثُ بِهِ كَذَلِكَ إلَى أَنْ مَاتَ , وَكَأَنَّ سَمَاعَ يَحْيَى إيَّاهُ مِنْهُ بِلاَ شَكٍّ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ .
وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا :
أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَتَّابِيَّ أَخْبَرَنَا خَالِدٌ , وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ , وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد , وَأَحْمَدُ بْنُ دَاوُد قَدْ حَدَّثُونَا , قَالُوا : حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ , عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ أَنَّ يَهُودِيًّا قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ حَتَّى نَسْأَلَ هَذَا النَّبِيَّ فَقَالَ الآخَرُ : لاَ تَقُلْ هَذَا النَّبِيَّ فَإِنَّهُ إنْ سَمِعَهَا صَارَتْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَقَالَ لاَ تُشْرِكُوا بِاَللَّهِ شَيْئًا وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ تَسْرِقُوا وَلاَ تَزْنُوا وَلاَ تَسْحَرُوا وَلاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا وَلاَ تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إلَى ذِي سُلْطَانٍ لِيَقْتُلَهُ وَلاَ تَقْذِفُوا الْمُحْصَنَةَ أَوْ تَفِرُّوا مِنْ الزَّحْفِ وَعَلَيْكُمْ خَاصَّةً الْيَهُودَ أَنْ لاَ تَعْدُوا فِي السَّبْتِ قَالَ : فَقَبَّلُوا يَدَهُ وَقَالُوا : نَشْهَدُ أَنَّك نَبِيٌّ قَالَ : فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَتَّبِعُونِي قَالُوا : إنَّ دَاوُد دَعَا أَنْ لاَ يَزَالَ فِي ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ وَإِنَّا نَخْشَى إنْ اتَّبَعْنَاك أَنْ تَقْتُلَنَا الْيَهُودُ . وَأَنَّ بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ قَدْ حَدَّثَنَا , حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد صَاحِبُ الطَّيَالِسَةِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي الْوَلِيدِ بِالشَّكِّ الَّذِي فِيهِ . وَأَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ الرَّقِّيَّ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , وَزَادَ أَنَّ ذَلِكَ الشَّكَّ مِنْ شُعْبَةَ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ انْفِرَادَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ شُعْبَةَ خَالِيًا عَنْ الشَّكِّ فِيهِ دُونَ ابْنِ إدْرِيسَ وَدُونَ مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ شُعْبَةَ مِمَّنْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ فَهَذَا مَا وَجَدْنَاهُ فِي هَذِهِ الآيَاتِ عَنْ رَسُولِ اللهِ r . وَالْمَوْضِعُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الشَّكُّ مِنْهَا هُوَ مَوْضِعٌ يَجِبُ أَنْ يُوقَفَ عَلَى الْفَائِدَةِ فِيهِ وَهُوَ
مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ حُكْمَ اللهِ تَعَالَى كَانَ تَحْرِيمَ الْفِرَارِ مِنْ الزَّحْفِ مِمَّا تَعَبَّدَ بِهِ نَبِيُّهُ مُوسَى عليه السلام وَمِمَّا لَمْ يَنْسَخْهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى صَارَ مِنْ شَرِيعَةِ نَبِيِّنَا وَكَانَ فِي ذَلِكَ دَفْعٌ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ الآيَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي سُورَةِ الأَنْفَالِ إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي يَوْمِ بَدْرٍ خَاصَّةً وَأَنَّ حُكْمَهُ لَيْسَ فِيمَا بَعْدَهُ فَأَمَّا مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَأْوِيلِهَا وَفِي التِّسْعِ الآيَاتِ الْمَذْكُورَاتِ فِيهَا . فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُد الْحَرَّانِيُّ أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ قَالَ : الْيَدُ ، وَالْعَصَا ، وَالطُّوفَانُ ، وَالْجَرَادُ ، وَالْقُمَّلُ وَالضَّفَادِعُ ، وَالدَّمُ ، وَالسُّنُونَ ، وَنَقْصٌ مِنْ الثَّمَرَاتِ . غَيْرَ أَنَّا تَأَمَّلْنَا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ مَوْلاَهُ
فَوَجَدْنَا ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي حَدِيثِهِ فِي الْفُتُونِ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا الأَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ سَأَلْت ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قوله تعالى لِمُوسَى وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَسَأَلْتُهُ عَنْ الْفُتُونِ مَا هُوَ ؟ قَالَ : اسْتَأْنِفْ النَّهَارَ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ فَإِنَّ لَهَا حَدِيثًا طَوِيلاً فَلَمَّا أَصْبَحْت غَدَوْت إلَيْهِ لأَنْتَجِزَ مِنْهُ مَا وَعَدَنِي فَذَكَرَ عَنْهُ مَا ذَكَرَ عَنْهُ فِي حَدِيثِهِ إلَى أَنْ ذَكَرَ قَوْلَ مُوسَى لِفِرْعَوْنَ أُرِيدُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَتُرْسِلَ مَعِي بَنِي إسْرَائِيلَ وَأَنَّ فِرْعَوْنَ أَبَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَقَالَ ائْتِ بِآيَةٍ إنْ كُنْت مِنْ الصَّادِقِينَ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ فَاغِرَةٌ فَاهَا قَاصِدَةٌ مُسْرِعَةٌ إلَى فِرْعَوْنَ فَلَمَّا رَآهَا فِرْعَوْنُ قَاصِدَةً إلَيْهِ خَافَهَا فَاقْتَحَمَ عَنْ سَرِيرِهِ وَاسْتَغَاثَ بِمُوسَى أَنْ يَكُفَّهَا عَنْهُ فَفَعَلَ , ثُمَّ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ جَيْبِهِ فَرَآهَا بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ مِنْ غَيْرِ بَرَصٍ , ثُمَّ رَدَّهَا فَعَادَتْ إلَى لَوْنِهَا الأَوَّلِ , ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ حَتَّى بَلَغَ ذِكْرَ مُكْثِ مُوسَى لِمَوَاعِيدِ فِرْعَوْنَ الْكَاذِبَةِ كُلَّمَا جَاءَهُ بِآيَةٍ وَعَدَهُ عِنْدَهَا أَنْ يُرْسِلَ مَعَهُ بَنِي إسْرَائِيلَ فَإِذَا مَضَتْ أَخْلَفَ مَوْعِدَهُ وَقَالَ : هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّك أَنْ يَصْنَعَ غَيْرَ هَذَا ؟ فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْمِهِ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاَتٍ كُلُّ ذَلِكَ يَشْكُو إلَى مُوسَى وَيَطْلُبُ إلَيْهِ أَنْ يَكُفَّهَا عَنْهُ وَيُوَافِقَهُ عَلَى أَنْ يُرْسِلَ مَعَهُ بَنِي إسْرَائِيلَ فَإِذَا كَفَّ ذَلِكَ عَنْهُ نَكَثَ عَهْدَهُ وَأَخْلَفَ حَتَّى أُمِرَ مُوسَى عليه السلام بِالْخُرُوجِ بِقَوْمِهِ فَخَرَجَ بِهِمْ لَيْلاً فَلَمَّا أَصْبَحَ فِرْعَوْنُ وَرَآهُمْ قَدْ مَضَوْا أَرْسَلَ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ فَتَبِعَهُمْ جُنْدٌ عَظِيمَةٌ كَثِيرَةٌ وَأَوْحَى اللَّهُ إلَى الْبَحْرِ إذَا ضَرَبَك عَبْدِي مُوسَى بِعَصَاهُ فَانْفَرِقْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِرْقَةً حَتَّى يَجُوزَ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ ثُمَّ الْتَقِمْ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْ فِرْعَوْنَ وَأَشْيَاعِهِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا كَانَ مِنْ اللهِ تَعَالَى مِمَّا أَهْلَكَ بِهِ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ مِنْ الْغَرَقِ حَتَّى بَلَغَ إلَى مَا كَانَ مِنْ اللهِ تَعَالَى فِيمَا كَانَ مِنْهُ فِي قَوْمِ مُوسَى عليه السلام , وَأَنَّهُ نَتَقَ عَلَيْهِمْ الْجَبَلَ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَدَنَا مِنْهُمْ حَتَّى خَافُوا أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِمْ . ثُمَّ ذَكَرَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ حَتَّى بَلَغَ إلَى مَوْضُوعِ تَحْرِيمِ اللهِ تَعَالَى عَلَى مَنْ حَرَّمَ مِنْ الْقَوْمِ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ مُوسَى قَبْلَ ذَلِكَ فَاسِقِينَ ثُمَّ ابْتَلاَهُمْ بِمَا ابْتَلاَهُمْ بِهِ مِنْ التِّيهِ فِي الأَرْضِ الَّتِي ابْتَلاَهُمْ بِالتِّيهِ فِيهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَيُصْبِحُونَ كُلَّ يَوْمٍ فَيَسِيرُونَ لَيْسَ لَهُمْ قَرَارٌ , ثُمَّ ظَلَّلَ عَلَيْهِمْ الْغَمَامَ فِي التِّيهِ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى وَجَعَلَ لَهُمْ ثِيَابًا لاَ تَبْلَى وَلاَ تَتَّسِخُ وَجَعَلَ بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ حَجَرًا مُرَبَّعًا وَأَمَرَ تَعَالَى مُوسَى فَضَرَبَهُ بِعَصَاهُ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ ثَلاَثَةُ أَعْيُنٍ وَأَعْلَمَ كُلَّ سِبْطٍ عَيْنَهُمْ الَّتِي يَشْرَبُونَ مِنْهُ وَلاَ يَرْتَحِلُونَ مِنْ مَنْقَلَةٍ إِلاَّ وَجَدُوا ذَلِكَ الْحَجَرَ مِنْهُمْ بِالْمَكَانِ الَّذِي كَانَ مِنْهُمْ بِالأَمْسِ رَفَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذَا الْحَدِيثَ إلَى النَّبِيِّ عليه السلام .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ الآيَاتِ التِّسْعِ سَبْعَ آيَاتٍ كَانَتْ مِنْ اللهِ تَعَالَى قَبْلَ تَغْرِيقِهِ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ فِي الْبَحْرِ وَهِيَ عَصَا مُوسَى وَيَدُهُ وَإِرْسَالُهُ عَلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ ، وَالْقُمَّلَ ، وَالضَّفَادِعَ ، وَالدَّمَ ، وَمِنْهَا مَا بَعْدَ تَغْرِيقِهِ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ
مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ نَتْقِهِ الْجَبَلَ عَلَى مَنْ نَتَقَهُ وَمِنْ التِّيهِ الَّذِي ابْتَلَى بِهِ مَنْ ابْتَلاَهُ وَمِمَّا كَانَ مِنْهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ مِنْ تَظْلِيلِهِ عَلَيْهِمْ الْغَمَامَ فِي التِّيهِ وَإِنْزَالِهِ عَلَيْهِمْ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى وَمِمَّا جَعَلَ لَهُمْ مِنْ الثِّيَابِ الَّتِي لاَ تَبْلَى وَلاَ تَتَّسِخُ وَمِمَّا جَعَلَ بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ مِنْ الْحَجَرِ الْمَوْصُوفِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمِمَّا كَانَ مِنْ مُوسَى فِيهِ مِنْ ضَرْبِهِ إيَّاهُ بِعَصَاهُ حَتَّى انْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ مِنْهُ ثَلاَثَةُ أَعْيُنٍ وَإِعْلاَمِهِ كُلَّ سِبْطٍ عَيْنَهُمْ الَّتِي يَشْرَبُونَ وَمِنْ أَنَّهُمْ كَانُوا لاَ يَرْحَلُونَ مِنْ مَنْقَلَةٍ إِلاَّ وَجَدُوا ذَلِكَ الْحَجَرَ مِنْهُمْ بِالْمَكَانِ الَّذِي كَانُوا مِنْهُ بِالأَمْسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا الآيَتَانِ الْبَاقِيَتَانِ بَعْدَ السَّبْعِ الآيَاتِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ تَغْرِيقِ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ مِنْ هَذِهِ الأَشْيَاءِ وَصَارَ هَذَا الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ عليه السلام . ثُمَّ اعْتَبَرْنَا مَا يُرْوَى عَمَّنْ قَدَرْنَا عَلَيْهِ مِمَّنْ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ هَلْ هُوَ مُوَافِقٌ لِمَا رَوَيْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام وَعَنْ صَفْوَانَ فِي ذَلِكَ .
فَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ دَاوُد حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ عَنْ الْحَسَنِ وَمُغِيرَةُ عَنْ الشَّعْبِيِّ فِي قوله تعالى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ قَالَ : الطُّوفَانُ ، وَالْجَرَادُ ، وَالْقُمَّلُ ، وَالضَّفَادِعُ ، وَالدَّمُ ، وَيَدُهُ ، وَعَصَاهُ ، وَالسُّنُونَ ، وَنَقْصٌ مِنْ الثَّمَرَاتِ ، .
وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ إسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَعِكْرِمَةَ مِثْلَهُ .
وَوَجَدْنَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ . وَكَانَتْ الآيَاتُ الْمَذْكُورَاتُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِي أَحَادِيثِ مَنْ ذَكَرْنَاهُ مَعَهُ مِنْ التَّابِعِينَ نِذَارَاتٍ وَتَخْوِيفَاتٍ وَوَعِيدَاتٍ وَكَانَتْ الآيَاتُ هِيَ الْعَلاَمَاتُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَقَالَ : وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَكَانَتْ تِلْكَ الآيَاتُ حُجَجًا عَلَى الْخَلْقِ ; لأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا لاَ تَكُونُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى , وَأَنَّ الْمَخْلُوقِينَ عَاجِزُونَ عَنْهَا فَيَعْقِلُونَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ الرُّجُوعُ إلَى أَمْرِهِ مِمَّا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ أَجْلِهِ مُعَاقِبُهُمْ وَمُعَذِّبُهُمْ وَالآيَاتُ أَيْضًا فَقَدْ تَكُونُ عِبَادَاتٍ . وَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، عَنْ عَبْدِهِ وَنَبِيِّهِ زَكَرِيَّا عليه السلام مِنْ قَوْلِهِ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً وَمِنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى لَهُ : آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِيهِمَا فِي كِتَابِهِ وَفِي الْمَوْضِعِ الآخَرِ مِنْهُمَا قَالَ : آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيًّا فَكَانَ تَصْحِيحُ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَا فِي حَدِيثِ صَفْوَانَ فِي ذَلِكَ إنَّمَا فِي حَدِيثِ صَفْوَانَ هُوَ عَلَى الآيَاتِ الَّتِي تَعَبَّدُوا بِهَا وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ الآيَاتُ الَّتِي أُوعِدُوا بِهَا وَخَوِّفُوهَا وَأُنْذِرُوا بِهَا إنْ لَمْ يَعْلَمُوا مَا تُعُبِّدُوا بِهِ
مَا قَدْ بَيَّنَهُ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ عليه السلام فَصَحَّ ذَلِكَ مَا فِي الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا وَعَقَلْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ r أَنَّ مُرَادَهُ بِمَا فِي أَحَدِهِمَا غَيْرُ مُرَادِهِ بِمَا فِي الآخَرِ مِنْهُمَا , وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ . وَسَأَلَ سَائِلٌ فَقَالَ : فِي
مَا قَدْ رَوَيْتَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , وَعَنْ صَفْوَانَ
مَا قَدْ وَقَفْنَا بِهِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ كَانَ آتَى نَبِيَّهُ مُوسَى عليه السلام ثَمَانِيَ عَشْرَةَ آيَةً فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ رَوَيْتُهُمَا مِنْهُ تِسْعُ آيَاتٍ وَإِنَّمَا فِي الآيَةِ الَّتِي ذَكَرْت هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مِنْ أَجْلِهَا إيتَاؤُهُ إيَّاهُ تِسْعَ آيَاتٍ وَهِيَ قَوْلُهُ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا مِنْ الآيَاتِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَالْحَاجَةُ بِنَا مِنْ بَعْدُ إلَى الْوُقُوفِ عَلَى التِّسْعِ الآيَاتِ الْمَذْكُورَاتِ فِيهَا مَا هِيَ قَائِمَةٌ فَكَانَ جَوَابُنَا فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ أَنَّ فِي الآيَةِ الَّتِي تَلاَهَا قوله تعالى فَاسْأَلْ بَنِي إسْرَائِيلَ إذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إنِّي لاََظُنّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ مُوسَى إنَّمَا كَانَ جَاءَ بَنِي إسْرَائِيلَ بِمَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى تَعَبَّدَهُمْ بِهِ حِينَئِذٍ لاَ بِمَا سِوَاهُ ; وَلأَنَّهُ لَيْسَ مَنْ أُرْسِلَ إلَى قَوْمٍ بِمَا تُعُبِّدُوا بِهِ يَأْتِيهِمْ بِنِذَارَاتٍ وَلاَ وَعِيدَاتٍ وَلاَ تَخْوِيفَاتٍ وَإِنَّمَا يَأْتِيهِمْ بِمَا أُرْسِلَ بِهِ إلَيْهِمْ لاَ بِمَا سِوَاهُ فَإِنْ أَجَابُوهُ إلَى ذَلِكَ وَقَبِلُوهُ مِنْهُ اكْتَفَى بِذَلِكَ مِنْهُمْ وَحَمَلَهُمْ عَلَيْهِ وَغَنِيَ بِذَلِكَ عَمَّا سِوَاهُ مِنْ النِّذَارَاتِ وَالتَّخْوِيفَاتِ وَمِنْ الْوَعِيدَاتِ فَلَمَّا قَابَلَهُ فِرْعَوْنُ لَمَّا جَاءَهُمْ بِهَا بِمَا قَابَلَهُ بِهِ فِيهِمْ مِنْ حَبْسِهِمْ وَدَعْوَاهُ رُبُوبِيَّتِهِمْ بِمَا حَكَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ لَهُمْ : مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرِي , وَمِنْ قَوْلِهِ لِمُوسَى لَمَّا قَالَ لَهُ
مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي
مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ الْفُتُونِ فِي هَذَا الْبَابِ لَمَّا جَاءَهُ هُوَ وَأَخُوهُ هَارُونُ عليهما السلام مِنْ قَوْلِهِ لَمَّا سَأَلَهُ عَمَّا يُرِيدُ فَقَالَ لَهُ مُوسَى تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَتُرْسِلُ مَعِي بَنِي إسْرَائِيلَ وَمِنْ قَوْلِ فِرْعَوْنَ عِنْدَ ذَلِكَ فَأْتِ بِآيَةٍ إنْ كُنْت مِنْ الصَّادِقِينَ فَجَاءَهُ مُوسَى مِنْ الآيَاتِ بِمَا جَاءَهُ بِهِ
مِمَّا قَدْ رَوَيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ التَّخْوِيفَاتِ وَالنِّذَارَاتِ وَالْوَعِيدَاتِ فَلَمَّا عَتَا عَنْ ذَلِكَ وَتَمَادَى فِي كُفْرِهِ وَفِي إبَاءَتِهِ عَلَى مُوسَى مَا دَعَا بَنِي إسْرَائِيلَ إلَيْهِ جَاءَهُ مِنْ اللهِ حَقِيقَةُ وَعِيدِهِ فَأَهْلَكَهُ وَقَوْمَهُ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ بِمَا أَهْلَكَهُمْ بِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ عليه السلام فِيمَا رَوَيْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ الْفُتُونِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ
مَا قَدْ بَانَ بِهِ مَا الآيَاتُ التِّسْعُ مِنْ الثَّمَانِيَ عَشْرَةَ الآيَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا وَإِنَّمَا كَانَ قَصْدُنَا فِي هَذَا الْجَوَابِ إلَى حَدِيثِ ابْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْفُتُونِ دُونَ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ مَوْلاَهُ عَنْهُ اللَّذَيْنِ رَوَيْنَاهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ ; لأَنَّ الَّذِي فِي حَدِيثِ ابْنِ جُبَيْرٍ هِيَ الَّتِي خَوَّفَ بِهَا مُوسَى فِرْعَوْنَ وَأَوْعَدَهُ بِهَا حِينَ لَمْ يُؤْمِنْ وَلَمْ يُجِبْهُ إلَى إرْسَالِ بَنِي إسْرَائِيلَ مَعَهُ وَحَدِيثُ عِكْرِمَةَ فِي تَحْقِيقِ الآيَاتِ التِّسْعِ الْمُرَادَاتِ بِقَوْلِهِ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ , وَذَلِكَ
مِمَّا قَدْ دَفَعَهُ حَدِيثُ صَفْوَانَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r ; لأَنَّ حَدِيثَ صَفْوَانَ هَذَا مَخْرَجُهُ تَفْسِيرُ قوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ كَمَا خُرِّجَ حَدِيثُ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ تِلْكَ الآيَاتِ هِيَ الآيَاتُ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي حَدِيثِهِ عَنْهُ فَضَادَّ ذَلِكَ حَدِيثَ صَفْوَانَ وَلَيْسَ لأَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ r حُجَّةٌ وَلأَنَّ مَعْقُولاً , أَنَّ الَّذِي فِي حَدِيثِ عِكْرِمَةَ هَذَا مُحَالٌ ; لأَنَّ فِيهِ الْمَجِيءَ بِالنِّذَارَاتِ وَالْوَعِيدَاتِ وَالتَّخْوِيفَاتِ قَبْلَ الْمَجِيءِ بِالشَّرِيعَةِ الَّتِي تَكُونُ هَذِهِ الأَشْيَاءُ عِنْدَ إبَاءَتِهَا , وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .ئئ
بَيَانُ مَا أَشْكَلَ مِمَّا رُوِيَ عَنْهُ r فِي السَّبَبِ الَّذِي كَانَ
فِيهِ نُزُولُ قوله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَاَلَّذِين
َ آذَوْا مُوسَى الآيَةَ وَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ مِمَّا يُحِيطُ عِلْمًا
أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ رَأْيًا وَلاَ اسْتِنْبَاطًا إذْ كَانَ مِثْلُهُ لاَ يُقَالُ بِالرَّأْيِ
وَلاَ بِالاِسْتِنْبَاطِ بِهِمَا وَلاَ يُقَالُ إِلاَّ بِالتَّوْقِيفِ مِنْ النَّبِيِّ عليه السلام
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنِ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذِهِ الآيَةِ لاَ تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ آذَوْا مُوسَى الآيَةَ قَالَ رَسُولُ اللهِ r إنَّ مُوسَى عليه السلام كَانَ رَجُلاً حَيِيًّا سِتِّيرًا لاَ يَكَادُ أَنْ يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ فَآذَاهُ مَنْ آذَاهُ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَقَالُوا مَا يَسْتَتِرُ هَذَا التَّسَتُّرَ إِلاَّ مِنْ عَيْبٍ بِجِلْدِهِ إمَّا بَرَصٍ وَإِمَّا أُدْرَةٍ ، هَكَذَا قَالَ لَنَا إبْرَاهِيمُ فِي حَدِيثِهِ وَأَهْلُ اللُّغَةِ يُخَالِفُونَهُ فِي ذَلِكَ وَيَقُولُونَ : إنَّهَا أُدْرَةٌ ; لأَنَّهَا آدَرٌ بِمَعْنَى آدَم فَمِنْهَا بِالإِضَافَةِ إلَيْهَا أُدْرَةٌ وَإِمَّا آفَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَهُ مِمَّا قَالُوا وَإِنَّ مُوسَى خَلاَ يَوْمًا وَحْدَهُ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ , ثُمَّ اغْتَسَلَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ أَقْبَلَ إلَى ثَوْبِهِ لِيَأْخُذَهُ , وَإِنَّ الْحَجَرَ عَدَا بِثَوْبِهِ فَأَخَذَ مُوسَى عَصَاهُ وَطَلَبَ الْحَجَرَ وَجَعَلَ يَقُولُ : ثَوْبِي حَجَرٌ ثَوْبِي حَجَرٌ إلَى أَنْ انْتَهَى إلَى مَلاَِ بَنِي إسْرَائِيلَ فَرَأَوْهُ عُرْيَانًا كَأَحْسَنِ الرِّجَالِ خَلْقًا فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا , وَإِنَّ الْحَجَرَ قَامَ , فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَلَبِسَهُ فَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا قَالَ فَوَاَللَّهِ إنَّ فِي الْحَجَرِ لَنَدَبًا مِنْ أَثَرِ ضَرْبِهِ ثَلاَثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا فَهَذَا مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْمَعْنَى عَنْ رَسُولِ اللهِ r . وَأَمَّا
مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ مِمَّا نُحِيطُ عِلْمًا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ إِلاَّ بِأَخْذِهِ إيَّاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ r ; لأَنَّ فِيهِ إخْبَارَهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَنَى مَا ذَكَرَهُ فِيهِ , وَذَلِكَ شَهَادَةٌ مِنْهُ عَلَى اللهِ بِهِ وَلاَ يَسَعُهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِأَخْذِهِ إيَّاهُ مِنْ حَيْثُ ذَكَرْنَا كَمَا . حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ الْحَكَمِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيٍّ لاَ تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ آذَوْا مُوسَى قَالَ صَعِدَ مُوسَى وَهَارُونُ الْجَبَلَ فَمَاتَ هَارُونُ فَقَالَ بَنُو إسْرَائِيلَ أَنْتَ قَتَلَتْهُ كَانَ أَلْيَنَ لَنَا مِنْك وَأَشَدَّ حَيَاءً فَآذَوْهُ فِي ذَلِكَ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَلاَئِكَةَ فَحَمَلَتْهُ وَتَكَلَّمَتْ بِمَوْتِهِ حَتَّى عَرَفَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ فَدَفَنُوهُ فَلَمْ يَعْرِفْ مَوْضِعَ قَبْرِهِ إِلاَّ الرَّخَمُ فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ أَبْكَمَ أَصَمَّ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَكَانَ مَنْ لاَ عِلْمَ عِنْدَهُ مِمَّنْ وَقَفَ عَلَى هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ يَرَى أَنَّهُمَا مُتَضَادَّانِ وَحَاشَا لِلَّهِ أَنْ يَكُونَا كَذَلِكَ ; لأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بَنُو إسْرَائِيلَ آذَتْ مُوسَى مِمَّا ذَكَرَ مِمَّا كَانَ مِمَّا آذَتْهُ بِهِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ حَتَّى بَرَّأَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ بِمَا بَرَّأَهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَذْكُورٌ [ فِي ] هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْهُ عليه السلام مِمَّا كَانَ مِنْهُ فِي عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ رَأْسِ الْمُنَافِقِينَ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ صَلاَتِهِ عَلَيْهِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى خِلاَفِ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ فِيهِ . حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد جَمِيعًا قَالاَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللهِ r لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللهِ r وَثَبْتُ إلَيْهِ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللهِ أَتُصَلِّي عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ , وَقَدْ قَالَ يَوْمَ كَذَا , وَكَذَا كَذَا , وَكَذَا أُعَدِّدُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ r وَقَالَ أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ فَلَمَّا أَكْثَرْت عَلَيْهِ قَالَ إنِّي خُيِّرْت فَاخْتَرْت وَلَوْ أَعْلَمُ أَنِّي لَوْ زِدْت عَلَى السَّبْعِينَ غُفِرَ لَهُ زِدْت عَلَيْهَا قَالَ فَصَلَّى عَلَيْهِ هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ يَزِيدُ وَابْنُ أَبِي دَاوُد . خَاصَّةً فِي حَدِيثِهِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمْ يَمْكُثْ إِلاَّ يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتْ الآيَتَانِ مِنْ بَرَاءَةٌ وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إلَى قوله تعالى وَهُمْ فَاسِقُونَ . حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد وَأَحْمَدُ بْنُ دَاوُد بْنِ مُوسَى جَمِيعًا قَالاَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ لَمَّا تُوُفِّيَ جَاءَ ابْنُهُ إلَى رَسُولِ اللهِ r فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ أَعْطِنِي قَمِيصَك أُكَفِّنْهُ بِهِ وَصَلِّ عَلَيْهِ وَاسْتَغْفِرْ لَهُ فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ , ثُمَّ قَالَ آذِنِّي بِهِ أُصَلِّ عَلَيْهِ فَآذَنَهُ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ جَذَبَهُ عُمَرُ وَقَالَ أَلَيْسَ اللَّهُ قَدْ نَهَاك أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ ؟ فَقَالَ : أَنَا بَيْنَ خِيرَتَيْنِ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ فَنَزَلَتْ وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ فَتَرَكَ الصَّلاَةَ عَلَيْهِمْ . حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ إلَى رَسُولِ اللهِ r فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ يُكَفِّنُ فِيهِ أَبَاهُ فَأَعْطَاهُ , ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَقَامَ رَسُولُ اللهِ r لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللهِ r فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ أَتُصَلِّي عَلَيْهِ , وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r إنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ فَقَالَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً وَسَأَزِيدُهُ عَلَى سَبْعِينَ فَقَالَ : إنَّهُ مُنَافِقٌ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ r فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا قَوْلُ عُمَرَ لِرَسُولِ اللهِ r أَتُصَلِّي عَلَيْهِ , وَقَدْ نَهَاك اللَّهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ , وَقَدْ نَهَاك اللَّهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ وَمَكَانُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ " أَتُصَلِّي عَلَيْهِ , وَقَدْ قَالَ قَوْمَ كَذَا , وَكَذَا كَذَا , وَكَذَا " وَاَلَّذِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ هَذَا أَوْلَى عِنْدَنَا مِمَّا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ; لأَنَّ مُحَالاً أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى يَنْهَى نَبِيَّهُ عَنْ شَيْءٍ , ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَلاَ نَرَى هَذَا إِلاَّ وَهْمًا مِنْ بَعْضِ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَوْصَى رَأْسُ الْمُنَافِقِينَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ عليه السلام وَأَنْ يُكَفِّنَهُ فِي قَمِيصِهِ فَلَمَّا مَاتَ كَفَّنَهُ فِي قَمِيصِهِ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَقَامَ عَلَى قَبْرِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ . قُلْت ظَنَّ عُمَرُ أَنَّ فِي قَوْلِهِ : اسْتَغْفِرْ لَهُمْ الآيَةُ نَهْيًا عَنْ الصَّلاَةِ عَلَيْهِمْ فَأَعْلَمَهُ النَّبِيُّ عليه السلام أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِنَهْيٍ وَلَمْ يَكُنْ قوله تعالى وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ نَزَلَ بَعْدُ وَهَذَا بَيِّنٌ فِي الْخَبَرِ وَمِمَّا يُؤَكِّدُ هَذَا وَأَنَّ الأَمْرَ عَلَى خِلاَفِ مَا ظَنَّهُ أَبُو جَعْفَرٍ : مَا رَوَاهُ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ عَنْ سُنَيْدِ بْنِ دَاوُد عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ جَاءَ ابْنُهُ الْحُبَابُ وَكَانَ مِنْ صَالِحِي أَصْحَابِهِ فَقَالَ يَا رَسُولِ اللهِ إنَّ أَبَا الْحُبَابِ قَدْ مَاتَ فَأَعْطِهِ قَمِيصَكَ الَّذِي يَلِي جِلْدَكَ أُكَفِّنُهُ فِيهِ وَصَلِّ عَلَيْهِ فَقَالَ عُمَرُ : أَتُصَلِّي عَلَى هَذَا وَقَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْهُ ؟ قَالَ وَأَيْنَ النَّهْيُ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ؟ فَقَرَأَ عَلَيْهِ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إلَى قَوْلِ اللهِ لَهُمْ قَالَ وَأَيْنَ النَّهْيُ تَرَى نَهْيًا , فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَفِيمَا رَوَيْنَا مِنْ هَذِهِ الآثَارِ صَلاَةُ رَسُولِ اللهِ r عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ , وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ
مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صَلَّى عَلَيْهِ .
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ أَبِي عَقِيلٍ أَبُو جَعْفَرٍ اللَّخْمِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ أَتَى النَّبِيُّ عليه السلام ابْنَ أُبَيٍّ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ فَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ صلى الله عليه وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَكَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ جَاءَ ابْنُهُ إلَى النَّبِيِّ r فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إنَّكَ إنْ لَمْ تَشْهَدْهُ لَمْ نَزَلْ نُعَيَّرُ بِهِ فَأَتَاهُ , وَقَدْ أُدْخِلَ فِي حُفْرَتِهِ فَقَالَ : أَفَلاَ قَبْلَ أَنْ تُدْخِلُوهُ قَالَ : فَأُخْرِجَ مِنْ حُفْرَتِهِ فَتَفَلَ عَلَيْهِ مِنْ قَرْنِهِ إلَى قَدَمِهِ وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ .
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قَاسِمٍ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مِثْلَهُ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا
مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صَلَّى عَلَيْهِ وَلاَ شَهِدَهُ وَلاَ أَتَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَهَذَا هُوَ أَشْبَهُ بِأَفْعَالِهِ كَانَتْ فِيمَنْ سِوَاهُ مِنْ النَّاسِ ; أَنَّ صَلاَتَهُ عَلَى مَنْ كَانَ يُصَلِّي عَلَيْهِ إنَّمَا كَانَتْ لِمَا يَفْعَلُ اللَّهُ لِمَنْ صَلَّاهَا عَلَيْهِ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ : لاَ أَعْرِفَنَّ أَحَدًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ مَاتَ إِلاَّ آذَنْتُمُونِي لِلصَّلاَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّ صَلاَتِي عَلَيْهِمْ رَحْمَةٌ . وَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ دَخَلَ الْمَقْبَرَةَ فَصَلَّى عَلَى رَجُلٍ بَعْدَ مَا دُفِنَ فَقَالَ مُلِئَتْ هَذِهِ الْمَقْبَرَةُ نُورًا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مُظْلِمَةً عَلَيْهِمْ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَإِذَا كَانَتْ صَلاَتُهُ لِمَنْ كَانَ يُصَلِّي عَلَيْهِ إنَّمَا كَانَتْ لِمَنْ ذَكَرَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ ابْنُ أُبَيٍّ مِمَّنْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ صَلَّى عَلَيْهِ , وَقَدْ تَرَكَ عليه السلام الصَّلاَةَ عَلَى مَنْ غَلَّ مِنْ الْغَنَائِمِ وَهُوَ مِمَّنْ كَانَ غَزَا مَعَهُ لِقِتَالِ أَعْدَائِهِ مِمَّنْ لاَ يَعْلَمُهُ لَحِقَهُ ذَمٌّ مِنْ فِعْلٍ كَانَ مِنْهُ سِوَى ذَلِكَ وَأَبَاحَ غَيْرُهُ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ الصَّلاَةَ عَلَيْهِ .
كَمَا حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ عليه السلام بِخَيْبَرَ فَمَاتَ رَجُلٌ مِنْ أَشْجَعَ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ عليه السلام وَقَالَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَنَظَرُوا فِي مَتَاعِهِ فَوَجَدُوا فِيهِ خَرَزًا مِنْ خَرَزِ يَهُودَ لاَ يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ .
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ أَيْضًا حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ قَالَ : سَمِعْت يَحْيَى بْنَ سَعِيدٌ يَقُولُ سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ رَجُلاً تُوُفِّيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ r مِنْ أَشْجَعَ يَوْمَ خَيْبَرَ , وَأَنَّهُمْ ذَكَرُوهُ لِرَسُولِ اللهِ r فَزَعَمَ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ النَّاسِ لِذَلِكَ فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ إنَّ صَاحِبَكُمْ قَدْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللهِ قَالَ : فَفَتَّشْنَا مَتَاعَهُ
فَوَجَدْنَا خَرَزًا مِنْ خَرَزِ يَهُودَ وَاَللَّهِ مَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَإِذَا كَانَ مِنْ سُنَّتِهِ أَنْ لاَ يُصَلِّيَ عَلَى مَنْ غَلَّ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ; لأَنَّهُ بِغُلُولِهِ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ لِلْمَدْحِ فِي صَلاَتِهِ عَلَيْهِ وَلاَ مُسْتَحَقٌّ لِسُؤَالِهِ لَهُ رَبَّهُ مَا يَسْأَلُهُ لَهُ فِي صَلاَتِهِ عَلَيْهِ مِمَّنْ هُوَ بَرِيءٌ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ كَانَتْ صَلاَتُهُ عَلَى الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ قَدْ أَخْبَرَهُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ أَبْعَدَ وَبِتَرْكِهَا عَلَيْهِمْ أَحَقُّ , وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي تَرْكِهِ الصَّلاَةَ عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ مِمَّنْ كَانَ يَنْتَحِلُ الإِسْلاَمَ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَزُهَيْرٌ عَنْ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ رَجُلاً نَحَرَ نَفْسَهُ بِمِشْقَصٍ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ عليه السلام وَإِذَا كَانَ لَمْ يُصَلِّ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ لِمَا كَانَ مِنْهُ مِنْ قَتْلِ نَفْسِهِ كَانَ بِأَنْ لاَ يُصَلِّيَ عَلَى مَنْ حَرَّمَهُ عَلَيْهِ r وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَعَلَى نَفْسِهِ فَوْقَ ذَلِكَ أَحْرَى وَبِتَرْكِهِ إيَّاهُ عَلَيْهِ أَوْلَى , وَقَدْ كَانَتْ سُنَّتُهُ فِيمَنْ كَانَ يَمُوتُ مِنْ أُمَّتِهِ فَيُدْعَى لِلصَّلاَةِ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَبِرَ فِي أَمْرِهِ مِنْ أَحْوَالِهِ .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ , وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ , حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، ثُمَّ اجْتَمَعَا جَمِيعًا فَقَالاَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الْمَيِّتِ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَيَسْأَلُ مَا تَرَكَ لِدَيْنِهِ مِنْ قَضَاءٍ فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ وَفَاءً صَلَّى عَلَيْهِ وَإِلَّا قَالَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ قَالَ أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَمَنْ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَإِذَا كَانَ لاَ يُصَلِّي عَلَى الْمَدِينِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْمَوْتَى ; لأَنَّهُمْ مَحْبُوسُونَ عَنْ الْجَنَّةِ بِدُيُونِهِمْ الَّتِي عَلَيْهِمْ
كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مِمَّا . قَدْ حَدَّثَنَاهُ الْمُزَنِيّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللهِ r فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إنْ قُتِلْت فِي سَبِيلِ اللهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنِّي خَطَايَايَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r نَعَمْ فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ نَادَاهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ فَنُودِيَ فَقَالَ كَيْفَ قُلْت وَأَعَادَ عَلَيْهِ الْقَوْلَ فَقَالَ نَعَمْ إِلاَّ الدَّيْنَ كَذَلِكَ قَالَ لِي جِبْرِيلُ عليه السلام . وَ
مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَاهُ الْمُزَنِيّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ عليه السلام فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْت إنْ ضَرَبْت بِسَيْفِي هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ أَتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ فَقَالَ : نَعَمْ فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ تَعَالَ هَذَا جِبْرِيلُ يَقُولُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلَيْك دَيْنٌ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ أَيْ : أَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَأَجَابَهُ بِمَا أَجَابَهُ بِهِ فِي ذَلِكَ كَانَ بِأَنْ لاَ يُصَلِّيَ عَلَى مَنْ هُوَ مَحْبُوسٌ عَنْ الْجَنَّةِ بِمَا هُوَ أَغْلَظُ مِنْ الدَّيْنِ أَحْرَى
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْهُ r فِي الأَعْدَادِ مِنْ الزَّمَانِ الَّتِي لَوْ وَقَفَهَا مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي كَانَتْ خَيْرًا لَهُ مِنْ مُرُورِهِ مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مَا هِيَ , وَهَلْ هِيَ مِنْ السِّنِينِ أَوْ مِنْ الشُّهُورِ أَوْ مِنْ الأَيَّامِ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَرْسَلَهُ أَبُو جُهَيْمِ ابْنُ أُخْتِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ إلَى زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ يَسْأَلُهُ مَا سَمِعْت مِنْ النَّبِيِّ عليه السلام فِي الَّذِي يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي فَحَدَّثَهُ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ لاََنْ يَقُومَ أَحَدُكُمْ أَرْبَعِينَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ لاَ يَدْرِي أَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ شَهْرًا أَوْ يَوْمًا . حَدَّثَنَا يُونُسُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ بُسْرٍ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَاهُ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ أَرْسَلَهُ زَيْدٌ إلَى أَبِي الْجُهَيْمِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَلَمَّا اخْتَلَفَ مَالِكٌ وَسُفْيَانُ فِي الْمَرْدُودِ إلَيْهِ رِوَايَةُ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام مَنْ هُوَ ، مِنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَمِنْ أَبِي الْجُهَيْمِ الأَنْصَارِيِّ احْتَجْنَا إلَى طَلَبِهِ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِمَا مِنْ الأَئِمَّةِ الَّذِينَ رَوَوْهُ عَنْ أَبِي النَّضْرِ لِيَكُونَ مَا عَسَى أَنْ نَجِدَهُ فِي ذَلِكَ قَاضِيًا بَيْنَ مَالِكٍ وَابْنِ عُيَيْنَةَ فِيهِ .
فَوَجَدْنَا إبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ يَعْنِي الثَّوْرَيَّ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الْجُهَيْمِ الأَنْصَارِيِّ قَالَ سَمِعْت النَّبِيَّ عليه السلام يَقُولُ لاََنْ يَقُومَ أَحَدُكُمْ أَرْبَعِينَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ مَا أَدْرِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْرًا أَوْ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَكَانَ فِي ذَلِكَ أَنَّ رَاوِيَهُ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام هُوَ أَبُو الْجُهَيْمِ الأَنْصَارِيُّ لاَ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ فَوَجَبَ بِذَلِكَ الْقَضَاءُ فِيمَا اخْتَلَفَ فِيهِ مَالِكٌ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ لِمَالِكٍ عَلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ ; لأَنَّ مَالِكًا وَالثَّوْرِيَّ لَمَّا اجْتَمَعَا فِي ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ كَانَا أَوْلَى بِحِفْظِهِ مِنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ فِيمَا خَالَفَهُمَا فِيهِ . ثُمَّ رَجَعْنَا إلَى طَلَبِ الأَعْدَادِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ هَلْ هِيَ مِنْ السِّنِينَ أَوْ مِنْ الشُّهُورِ أَوْ مِنْ الأَيَّامِ .
فَوَجَدْنَا أَبَا أُمَيَّةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ يَعْنِي ابْنَ وَهْبٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ r لَوْ يَعْلَمُ الَّذِي يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْ أَخِيهِ مُعْتَرِضًا وَهُوَ يُنَاجِي رَبَّهُ لَكَانَ [ أَنْ ] يَقِفَ مَكَانَهُ مِائَةَ عَامٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ الْخُطْوَةِ الَّتِي خَطَا .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ تِلْكَ الأَرْبَعِينَ مِنْ الأَعْوَامِ لاَ مِمَّا سِوَاهَا مِنْ الشُّهُورِ وَمِنْ الأَيَّامِ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ . وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا هُوَ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مُتَأَخِّرٌ عَنْ حَدِيثِ أَبِي الْجُهَيْمِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ ; لأَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الزِّيَادَةَ فِي الْوَعِيدِ لِلْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي وَاَلَّذِي فِي حَدِيثِ أَبِي الْجُهَيْمِ التَّخْفِيفُ وَأَوْلَى الأَشْيَاءِ بِنَا أَنْ نَظُنَّهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى الزِّيَادَةُ فِي الْوَعِيدِ لِلْعَاصِي الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي لاَ التَّخْفِيفُ مِنْ ذَلِكَ عَنْهُ فِي مُرُورِهِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِنْ قَوْلِهِ r إنَّ الأَمِيرَ إذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ فِي النَّاسِ أَفْسَدَهُمْ . حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد قَالاَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ زُرْعَةَ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَالْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ وَكَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ وَعَمْرِو بْنِ الأَسْوَدِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ إنَّ الأَمِيرَ إذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ فِي النَّاسِ أَفْسَدَهُمْ . حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَلاَءِ بْنِ زِبْرِيقٍ الْحِمْصِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْوَاسِطِيُّ قَالاَ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ زُرْعَةَ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ وَكَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ وَعَمْرِو بْنِ الأَسْوَدِ وَالْمِقْدَامِ وَأَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ r مِثْلَهُ . حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ إسْمَاعِيلِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ ضَمْضَمٍ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ وَعَمْرِو بْنِ الأَسْوَدِ وَأَبِي أُمَامَةَ قَالاَ إنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ إنَّ الأَمِيرَ إذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ فِي النَّاسِ أَفْسَدَهُمْ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَ عِبَادَهُ بِالسَّتْرِ وَأَنْ لاَ يَكْشِفُوا عَنْهُمْ سَتْرَهُ الَّذِي سَتَرَهُمْ بِهِ فِيمَا يُصِيبُونَهُ
مِمَّا قَدْ نَهَاهُمْ عَنْهُ لِمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ النَّاسِ وَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ أَبُو الْفَتْحِ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَامَ بَعْدَ أَنْ رَجَمَ الأَسْلَمِيَّ فَقَالَ اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا فَمَنْ أَلَمَّ فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللهِ تَعَالَى , وَلْيَتُبْ إلَى اللهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللهِ .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ يَحْيَى حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r , ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ حَرْفًا حَرْفًا .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ هَزَّالٍ وَكَانَ هَزَّالٌ اسْتَرْجَمَ لِمَاعِزٍ قَالَ كَانَ فِي أَهْلِهِ جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا , وَإِنَّ مَاعِزًا وَقَعَ عَلَيْهَا , وَإِنَّ هَزَّالاً أَخَذَهُ فَمَكَرَ بِهِ وَخَدَعَهُ فَقَالَ انْطَلِقْ إلَى رَسُولِ اللهِ r فَنُخْبِرُهُ بِاَلَّذِي صَنَعْت عَسَى أَنْ يَنْزِلَ فِيك قُرْآنٌ فَأَمَرَ بِهِ نَبِيُّ اللهِ r أَنْ يُرْجَمَ فَرُجِمَ فَلَمَّا عَضَّهُ مَسُّ الْحِجَارَةِ انْطَلَقَ يَسْعَى فَاسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ بِلَحْيِ بَعِيرٍ فَضَرَبَهُ فَصَرَعَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام يَا هَزَّالُ لَوْ كُنْت سَتَرْتَهُ بِثَوْبِك لَكَانَ خَيْرًا لَك .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَكَانَ الأَمِيرُ إذَا تَتَبَّعَ
مَا قَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِتَرْكِ تَتَبُّعِهِ امْتَثَلَ النَّاسُ ذَلِكَ مِنْهُ وَكَانَ فِي ذَلِكَ فَسَادُهُمْ .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَكَيْفَ يَكُونُ مَا ذَكَرْت كَمَا ذَكَرْتَ , وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ عليه السلام أُنَيْسًا الأَسْلَمِيَّ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَةَ الرَّجُلِ الَّذِي ذُكِرَ لَهُ عَنْهَا أَنَّهَا زَنَتْ فَيَسْأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ وَأَنْ يَرْجُمَهَا إنْ اعْتَرَفَتْ عِنْدَهُ بِذَلِكَ . وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ وَعِيسَى بْنُ إبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ قَالاَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَشِبْلٍ قَالُوا كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ النَّبِيِّ r فَقَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ أَنْشُدُك اللَّهَ أَلاَ قَضَيْت بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ فَقَامَ خَصْمُهُ وَكَانَ أَفْقَهَ مِنْهُ فَقَالَ صَدَقَ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ وَائْذَنْ لِي قَالَ قُلْ قَالَ إنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَافْتَدَيْت مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ , ثُمَّ إنِّي سَأَلْت رِجَالاً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ وَعَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ فَقَالَ : وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاََقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ [ اللهِ ] الْمِائَةُ شَاةٍ وَالْخَادِمُ رَدٌّ عَلَيْك وَعَلَى ابْنِك جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللهِ r فَقَالَ أَحَدُهُمَا يَا رَسُولَ اللهِ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ فَقَالَ الآخَرُ وَهُوَ أَفْقَهُهُمَا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللهِ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ وَائْذَنْ لِي فِي أَنْ أَتَكَلَّمَ فَقَالَ تَكَلَّمْ فَقَالَ إنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأُخْبِرْت أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ فَافْتَدَيْت مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَبِجَارِيَةٍ , ثُمَّ إنِّي سَأَلْت أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ , وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r أَمَا وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاََقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللهِ أَمَّا غَنَمُك وَجَارِيَتُك فَرَدٌّ عَلَيْك وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا وَأَمَرَ أُنَيْسًا الأَسْلَمِيَّ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَةَ الآخَرِ فَإِنْ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا قَالَ مَالِكٌ وَالْعَسِيفُ الأَجِيرُ .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ وَمَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٌ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدٍ قَالاَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ عليه السلام وَذَكَرَ مِثْلَهُ . قِيلَ لَهُ قَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ فِي ذَلِكَ
مَا قَدْ حَكَاهُ لَنَا الْمُزَنِيّ عَنْهُ فِي " مُخْتَصَرِهِ " قَوْلَهُ إنَّهُ قَالَ وَلَيْسَ لِلإِمَامِ إذَا رُمِيَ رَجُلٌ بِالزِّنَا أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهِ فَيَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ ; لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ وَلاَ تَجَسَّسُوا فَإِنْ شُبِّهَ عَلَى أَحَدٍ بِأَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام بَعَثَ أُنَيْسًا إلَى امْرَأَةِ رَجُلٍ فَقَالَ إنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا فَتِلْكَ امْرَأَةٌ ذَكَرَ أَبُو الزَّانِي بِهَا أَنَّهَا زَنَتْ فَكَانَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْأَلَ فَإِنْ اعْتَرَفَتْ حُدَّتْ وَسَقَطَ الْحَدُّ عَمَّنْ قَذَفَهَا وَإِنْ أَنْكَرَتْ حُدَّ قَاذِفُهَا .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَنَا أَقُولُ جَوَابًا عَنْ ذَلِكَ لِقَائِلِهِ هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَسْتَوْعِبْ لَنَا فِيهِ مَا كَانَ مِمَّا جَرَى مِنْ الْخَصْمَيْنِ وَمِنْ ابْنِ أَحَدِهِمَا عِنْدَ النَّبِيِّ عليه السلام , وَذَلِكَ أَنَّ فِيهِ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَالَ إنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا يَعْنِي الآخَرَ مِنْهُمَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ فَافْتَدَيْت مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ وَنَحْنُ نُحِيطُ عِلْمًا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَافَ عَلَى ابْنِهِ مِنْ اعْتِرَافِهِ عَلَيْهِ وَنَعْلَمُ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ خَافَ عَلَيْهِ مِنْ اعْتِرَافِهِ بِذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ ; لأَنَّ أَحَدًا لاَ يُؤْخَذُ بِاعْتِرَافِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَلَمَّا عَقَلْنَا ذَلِكَ عَقَلْنَا أَنَّ ابْنَ هَذَا الْخَصْمِ قَدْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا ذَكَرَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِزِنَاهُ بِامْرَأَةِ خَصْمِ أَبِيهِ فَيَكُونُ الَّذِي عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ حَدُّ الزِّنَا لاَ مَا سِوَاهُ أَوْ يَكُونُ كَاذِبًا فِي ذَلِكَ فَيَكُونُ الَّذِي عَلَيْهِ فِيهِ حَدَّ الْقَذْفِ لاِمْرَأَةِ خَصْمِ أَبِيهِ لِمَا رَمَاهَا مِنْ الزِّنَا لاَ مَا سِوَى ذَلِكَ فَلَمَّا وَقَفَ النَّبِيُّ عليه السلام عَلَى وُجُوبِ حَدٍّ عَلَيْهِ مِنْ ذَيْنِكَ الْحَدَّيْنِ لاَ يَدْرِي أَيَّهُمَا هُوَ دَعَتْهُ الضَّرُورَةُ فِي ذَلِكَ إلَى اسْتِعْلاَمِ مَا تَقُولُهُ الْمَرْأَةُ الْمَرْمِيَّةُ بِالزِّنَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَصْدِيقِ رَامِيهَا بِهِ فَيَكُونُ الَّذِي عَلَيْهَا فِيهِ حَدُّ الزِّنَا لاَ مَا سِوَاهُ أَوْ تُكَذِّبُهُ فِي ذَلِكَ فَيَكُونُ الَّذِي عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ لَهَا فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا لاَ مَا سِوَاهُ فَهَذَا عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي أَمَرَ النَّبِيُّ عليه السلام أُنَيْسًا أَنْ يَغْدُوَ إلَى تِلْكَ الْمَرْأَةِ فِيهِ , وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْهُ عليه السلام أَنَّ ابْنَ آدَمَ خُلِقَ عَلَى ثَلاَثِ مِائَةٍ وَسِتِّينَ مَفْصِلاً فَإِذَا كَبَّرَ اللَّهَ تَعَالَى وَهَلَّلَهُ وَحَمِدَهُ وَاسْتَغْفَرَهُ وَسَبَّحَهُ وَعَزَلَ الْعَظْمَ وَالْحَجَرَ وَالشَّوْكَ عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ وَأَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَى عَنْ الْمُنْكَرِ عَدَّ ذَلِكَ ثَلاَثَ مِائَةِ مَفْصِلٍ . حَدَّثَنَا جَعْفَرُ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ حَدَّثَنَا أَبَانُ الْعَطَّارُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ زَيْدًا حَدَّثَهُ يَعْنِي ابْنَ سَلاَمٍ أَنَّ أَبَا سَلاَمٍ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ فَرُّوخَ حَدَّثَهُ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهُوَ مَوْلَى أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ خُلِقَ ابْنُ آدَمَ عَلَى ثَلاَثِ مِائَةٍ وَسِتِّينَ مَفْصِلاً فَإِذَا كَبَّرَ اللَّهَ وَهَلَّلَهُ وَحَمِدَ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ وَسَبَّحَ اللَّهَ وَعَزَلَ الْعَظْمَ عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ وَالْحَجَرَ وَالشَّوْكَ عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ وَأَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَى عَنْ الْمُنْكَرِ عَدَّ ذَلِكَ ثَلاَثَ مِائَةٍ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَرَاهُ سَقَطَ مِنْ الْحَدِيثِ وَسِتِّينَ مَفْصِلاً أَمْسَى يَوْمَئِذٍ , وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنْ النَّارِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا ذَلِكَ لِنَقِفَ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي جَعَلَ بِهِ الثَّوَابَ لِكُلِّ مَفْصِلٍ مِنْ هَذِهِ الْمَفَاصِلِ , وَهَلْ نَجِدُ لِذَلِكَ مَثَلاً فِي
مَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ عليه السلام فِيمَا سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ .
فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ كَتَبَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ عُضْوٍ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا فَالْعَيْنُ تَزْنِي وَزِنَاهَا النَّظَرُ وَاللِّسَانُ يَزْنِي وَزِنَاهُ الْكَلاَمُ ، وَالْيَدُ تَزْنِي وَزِنَاهَا الْبَطْشُ ، وَالرِّجْلُ تَزْنِي وَزِنَاهَا الْمَشْيُ ، وَالسَّمْعُ يَزْنِي وَزِنَاهُ الاِسْتِمَاعُ ، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ أَوْ يُكَذِّبُهُ وَإِذَا كَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي الأَمْرِ الْمَذْمُومِ مَعْمُومًا بِهِ كُلَّ الأَعْضَاءِ كَانَ الأَمْرُ الْمَحْمُودُ أَيْضًا مَعْمُومًا بِهِ كُلَّ الأَعْضَاءِ فَاتَّفَقَ بِمَا ذَكَرْنَا مَعْنَى هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَبَانَ بِهِ الْمُرَادُ فِيهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . ثُمَّ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ r حَدِيثًا فِيهِ بَيَانُ مَعْنَى الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ .
وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْمَرْوَزِيِّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقِ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ سَمِعْت أَبِي يَقُولُ [ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ r يَقُولُ ] فِي الإِنْسَانِ سِتُّونَ وَثَلاَثُ مِائَةِ مَفْصِلٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ كُلِّ مَفْصِلٍ مِنْهُ صَدَقَةً قَالُوا وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ : النُّخَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ تَدْفِنُهَا أَوْ الشَّيْءُ تُنَحِّيهِ عَنْ الطَّرِيقِ فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَرَكْعَتَا الضُّحَى تُجْزِئُكَ فَوَقَفْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ هُوَ الصَّدَقَةُ عَنْ كُلِّ مَفْصِلٍ مِنْ تِلْكَ الْمَفَاصِلِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ لِمَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الثَّانِي , وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
بَابٌ بَيَانُ مَا أُشْكِلَ عَلَيْنَا مِمَّا رَوَيْنَاهُ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام مِنْ قَوْلِهِ وَعَلَى الْمُقْتَتِلِينَ أَنْ يَنْحَجِزُوا الأَدْنَى فَالأَدْنَى وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنِي حِصْنٌ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ عَلَى الْمُقْتَتِلِينَ أَنْ يَنْحَجِزُوا الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً . حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ وَهُوَ الصُّورِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنِي حِصْنٌ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللهِ r وَعَلَى الْمُقْتَتِلِينَ أَنْ يَنْحَجِزُوا الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً سَمِعْت أَبَا زُرْعَةَ يَقُولُ وَحَدَّثَنِي سُلَيْمَانَ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَزَادَ فِيهِ قَالَ قَالَ الأَوْزَاعِيِّ لَيْسَ لِلنِّسَاءِ عَفْوٌ . وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الشِّيرَازِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ الْحَوْطِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ لَنَا مَا حَكَاهُ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِهِ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ فِي عَفْوِ النِّسَاءِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ , وَقَدْ كُنَّا سَأَلْنَا غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِنَا عَنْ تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ فَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فَكَانَ جَوَابُهُ لَنَا فِي ذَلِكَ أَنْ قَالَ قَالَ الْفِرْيَابِيُّ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ سَأَلْت الأَوْزَاعِيِّ عَنْ تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ لاَ أَدْرِي مَا هُوَ . قَالَ : مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ فَإِذَا كَانَ الَّذِي رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ لاَ يَدْرِي مَا تَأْوِيلُهُ كُنَّا نَحْنُ بِأَنْ لاَ نَدْرِي مَا تَأْوِيلُهُ أَوْلَى . وَأَمَّا إسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيّ فَقَالَ : تَأْوِيلُهُ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ فِي الْمُقْتَتِلِينَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ عَلَى التَّأْوِيلِ فَإِنَّ الْبَصَائِرَ رُبَّمَا أَدْرَكَتْ بَعْضَهُمْ فَيَحْتَاجُ مَنْ أَدْرَكَتْهُ مِنْهُمْ إلَى الاِنْصِرَافِ مِنْ مَقَامِهِ الْمَذْمُومِ إلَى الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ فَإِذَا لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا يَمُرُّ إلَيْهِ فِيهِ بَقِيَ فِي مَكَانِهِ الأَوَّلِ وَعَسَاهُ يُقْتَلُ فِيهِ فَأُمِرُوا بِمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِهَذَا الْمَعْنَى . وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ فَكَانَ جَوَابُهُ فِي ذَلِكَ أَنْ حَكَى عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ كَانَ يَزْعُمُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسُ عَلَى خِلاَفِ مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ وَيَذْكُرُ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ حِصْنٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَالَ لأَهْلِ الْقَتِيلِ أَنْ يَنْحَجِزُوا الأَدْنَى فَالأَدْنَى وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَهَذَا الاِنْحِجَازُ هُوَ الْعَفْوُ عَنْ الدَّمِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ
مَا قَدْ دَلَّ عَلَى جَوَازِ عَفْوِ النِّسَاءِ عَنْ الدَّمِ الْعَمْدِ كَمَا يَجُوزُ عَفْوُ الرِّجَالِ عَنْهُ كُلُّ هَذَا مِنْ كَلاَمِ أَبِي عُبَيْدٍ .
قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ : فَتَأَمَّلْنَا نَحْنُ ذَلِكَ
فَوَجَدْنَا مَا ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ مِنْ هَذَا وَهْمًا مِنْهُ إذْ كَانَ أَصْحَابُ الْوَلِيدِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ الَّذِينَ رَوَوْا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْهُمْ الْحُجَّةَ فِي حَدِيثِهِ , قَدْ رَوَوْهُ عَنْهُ بِخِلاَفِ مَا بَلَغَ أَبَا عُبَيْدٍ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُهُ فَمَا رَوَوْا مِنْ ذَلِكَ أَوْلَى مِمَّا بَلَغَهُ لاَ سِيَّمَا وَمَعَهُمْ سَمَاعُهُمْ إيَّاهُ مِنْ الْوَلِيدِ وَإِنَّمَا مَعَهُ هُوَ بَلاَغُهُ إيَّاهُ عَنْ الْوَلِيدِ , وَقَدْ تَابَعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ فَرَوَاهُ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ كَمَا رَوَوْهُ عَنْ الْوَلِيدِ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ وَلَمَّا انْتَفَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ تَأْوِيلُهُ أَحْسَنَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِيهِ عَنْ الْمُزَنِيّ غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا الْمُقْتَتِلُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي قِتَالِهِمْ أَهْلَ الْحَرْبِ إذْ كَانَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يُطْرَى عَلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مَنْ مَعَهُ الْعَدَدُ الَّذِي يُبِيحُ لَهُمْ الاِنْصِرَافَ عَنْ قِتَالِهِ إلَى فِئَةِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَقْوَوْنَ بِهَا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَيُقَاتِلُونَهُمْ مَعَهُمْ وَلَيْسَ هَذَا التَّأْوِيلُ بِبَعِيدٍ مِمَّا قَالَ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ , وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ قَوْلِ الأَوْزَاعِيِّ عُقَيْبًا لِهَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ لِلنِّسَاءِ عَفْوٌ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الأَوْزَاعِيِّ قَدْ كَانَ عِنْدَ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ عَلَى نَحْوِ مَا حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ بَلاَغًا عَنْ الْوَلِيدِ فِي الْعَفْوِ عَنْ الدَّمِ ثُمَّ خَالَفَهُ الأَوْزَاعِيِّ بِأَنْ قَالَ لَيْسَ لِلنِّسَاءِ عَفْوٌ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وآله وسلم لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام حَكَمًا مُقْسِطًا يَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى بْنِ صَالِحٍ أَبُو شُرَيْحٍ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيِّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r كَانَ يَقُولُ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا يَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ . حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام مِثْلَهُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ حَكَمًا عَادِلاً . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَخْبَرَنَا أَبِي وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ قَالاَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي ذُبَابٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ r لَيَنْزِلَنَّ ابْنُ مَرْيَمَ حَاكِمًا عَادِلاً وَلَيَكْسِرَنَّ الصَّلِيبَ وَلَيَقْتُلَنَّ الْخِنْزِيرَ وَلَيَضَعَنَّ الْجِزْيَةَ وَلَتُتْرَكَنَّ الْقِلاَصُ فَلاَ يُسْعَى عَلَيْهَا وَلَيُذْهِبَنَّ الشَّحْنَاءَ وَالتَّبَاغُضَ وَالتَّحَاسُدَ وَلَيَدْعُوَنَّ إلَى الْمَالِ فَلاَ يَقْبَلُهُ أَحَدٌ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فَوَقَفْنَا عَلَى أَنَّ الْمَالَ إذَا عَادَ فِي النَّاسِ إلَى أَنْ صَارَ لاَ يَقْبَلُهُ أَحَدٌ صَارُوا بِذَلِكَ جَمِيعًا أَغْنِيَاءَ وَذَهَبَ الْفَقْرُ وَالْمَسْكَنَةُ وَجَمِيعُ الْوُجُوهِ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ الصَّدَقَةَ لأَهْلِهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ . . . إلَى قَوْلِهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَلَمْ يَكُنْ لِلزَّكَاةِ أَهْلٌ يُوضَعُ فِيهِمْ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ سَقَطَ فَرْضُهَا , وَكَذَلِكَ الْجِزْيَةُ إنَّمَا جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَنْ جَعَلَهَا عَلَيْهِ لِيُصْرَفَ فِيمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ قِتَالٍ وَمِمَّا سِوَاهُ مِمَّا يَجِبُ صَرْفُهَا فِيهِ فَإِذَا ذَهَبَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَهْلٌ تُصْرَفُ إلَيْهِمْ سَقَطَ فَرْضُهَا فَهَذَا عِنْدَنَا وَجْهُ مَا رُوِيَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْهُ عليه السلام فِي الشَّيْطَانِ أَنَّهُ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ , وَهَلْ النَّبِيُّ عليه السلام كَانَ فِي ذَلِكَ كَمَنْ سِوَاهُ مِنْ النَّاسِ أَوْ بِخِلاَفِهِمْ . حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ عليه السلام أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا جَاءَتْ النَّبِيَّ عليه السلام تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً , ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ وَكَانَ النَّبِيُّ r مَعَهَا يَقْلِبُهَا حَتَّى إذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ الَّذِي عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ مَرَّ بِهِمَا رَجُلاَنِ مِنْ الأَنْصَارِ فَسَلَّمَا عَلَى النَّبِيِّ عليه السلام , ثُمَّ نَفَذَا فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ عليه السلام عَلَى رِسْلِكُمَا إنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ فَقَالاَ سُبْحَانَ اللهِ يَا رَسُولَ اللهِ , وَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا فَقَالَ : إنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنْ ابْنِ آدَمَ مَبْلَغَ الدَّمِ , وَإِنِّي خَشِيت أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا . حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ . حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ أَبُو الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r كَانَ مَعَ إحْدَى نِسَائِهِ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَدَعَاهُ فَقَالَ : يَا فُلاَنُ , إنَّهَا زَوْجَتِي فُلاَنَةُ , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ , مَنْ كُنْت أَظُنُّ بِهِ فَإِنِّي لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ بِك , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r : إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ فِيمَا رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ r هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ
مَا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ r قَدْ كَانَ فِي ذَلِكَ كَمَنْ سِوَاهُ مِنْ النَّاسِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ فِيهِ بِخِلاَفِهِمْ فَتَأَمَّلْنَا مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ سِوَى هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ هَلْ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
فَوَجَدْنَا فَهْدًا قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ .
وَوَجَدْنَا أَبَا أُمَيَّةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى قَالاَ أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ , وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنْ الْجِنِّ فَقِيلَ وَإِيَّاكَ قَالَ وَإِيَّايَ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ فَلاَ يَأْمُرُنِي إِلاَّ بِخَيْرٍ .
وَوَجَدْنَا فَهْدًا قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ لَنَا النَّبِيُّ عليه السلام لاَ تَدْخُلُوا عَلَى الْمُغَيَّبَاتِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ أَحَدِكُمْ مَجْرَى الدَّمِ قِيلَ : وَمِنْك يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ وَمِنِّي وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ .
وَوَجَدْنَا إبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي دَاوُد قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ قَالَ سَمِعْت أَبَا النَّضْرِ يَقُولُ سَمِعْت عُرْوَةَ يَقُولُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَدْت رَسُولَ اللهِ r لَيْلَةً وَكَانَ مَعِي عَلَى فِرَاشِي فَوَجَدْتُهُ سَاجِدًا رَاصًّا عَقِبَيْهِ مُسْتَقْبِلاً بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ الْقِبْلَةِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ أَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك وَبِعَفْوِك مِنْ عُقُوبَتِك وَبِك مِنْك لاَ أَبْلُغُ كُلَّ مَا فِيكَ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ يَا عَائِشَةُ أَخَذَكِ شَيْطَانُك ؟ فَقُلْتُ : أَمَا لَكَ شَيْطَانٌ ؟ قَالَ : مَا مِنْ آدَمِيٍّ إِلاَّ لَهُ شَيْطَانٌ فَقُلْت : وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : وَأَنَا , وَلَكِنِّي دَعَوْت اللَّهَ فَأَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَوَقَفْنَا عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَدْ كَانَ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَسَائِرِ النَّاسِ سِوَاهُ , وَأَنَّ اللَّهَ أَعَانَهُ عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ بِإِسْلاَمِهِ الَّذِي هَدَاهُ لَهُ حَتَّى صَارَ r فِي السَّلاَمَةِ مِنْهُ بِخِلاَفِ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ فِيمَنْ هُوَ مَعَهُ مِنْ جِنْسِهِ
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ مِمَّا يُوجِبُ أَنْ يُوقَفَ عَلَى ارْتِفَاعِ التَّضَادِّ عَنْهُ وَعَمَّا رَوَيْت
مِمَّا قَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ r خُصَّ بِهِ مِنْ إسْلاَمِ شَيْطَانِهِ لِكَيْ يَسْلَمَ مِنْهُ . وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ الأَسَدِيُّ الْبَصْرِيُّ أَبُو عَمْرٍو وَفَهْدٌ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ أَبِي الأَزْهَرِ الأَنْمَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r كَانَ إذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنْ اللَّيْلِ قَالَ . بِسْمِ اللهِ وَضَعْت جَنْبِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبِي وَأَخْسِئْ شَيْطَانِي وَفُكَّ رِهَانِي وَثَقِّلْ مِيزَانِي وَاجْعَلْنِي فِي النَّدِيِّ الأَعْلَى قِيلَ لَهُ هَذَا عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَانَ رَسُولُ اللهِ r قَبْلَ إسْلاَمِ شَيْطَانِهِ فَلَمَّا أَسْلَمَ اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ r يَدْعُو اللَّهَ فِيهِ بِذَلِكَ مَعَ إسْلاَمِهِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِمَّا أَمَرَ بِهِ فِي السَّيْرِ عَلَى الإِبِلِ فِي حَالِ الْخِصْبِ وَفِي حَالِ الْجَدْبِ . حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ الْجَارُودِ حَدَّثَنَا رُوَيْمٌ الْمُقْرِي اللُّؤْلُئِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي أَنَسٌ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ إذَا أَخْصَبَتْ الأَرْضُ فَانْزِلُوا عَنْ ظَهْرِكُمْ فَأَعْطُوهُ حَقَّهُ مِنْ الْكَلاَِ وَإِذَا أَجْدَبَتْ الأَرْضُ فَامْضُوا عَلَيْهَا بِنَقْيِهَا وَعَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ فَإِنَّ الأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ . حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فِيهِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ
فَوَجَدْنَا فِيهِ أَمْرَ رَسُولِ اللهِ r فِي حَالِ الْخِصْبِ بِالنُّزُولِ عَنْ الظَّهْرِ لِيَأْخُذَ حَاجَتَهُ مِنْ الْكَلاَِ وَأَمْرَهُ فِي حَالِ الْجَدْبِ بِالْمُضِيِّ عَلَيْهِ بِنَقْيِهِ وَهُوَ مُخَيَّرٌ وَأَمَرَهُمْ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَسِيرُهُمْ عَلَيْهِ فِي اللَّيْلِ ; لأَنَّ الأَرْضَ تُطْوَى فِيهِ فَتَكُونُ الْمَسَافَاتُ فِيهِ عَلَى الظَّهْرِ دُونَ الْمَسَافَاتِ فِي غَيْرِ اللَّيْلِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلٍ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ r إذَا سَافَرْتُمْ فِي الْخِصْبِ فَأَعْطُوا الإِبِلَ حَقَّهَا وَعَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ فَإِنَّ الأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ . وَمَا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ الأَنْمَاطِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ إذَا سَافَرْتُمْ فِي الْخِصْبِ فَأَعْطُوا الإِبِلَ حَقَّهَا وَإِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْجَدْبِ فَأَسْرِعُوا السَّيْرَ وَإِذَا أَرَدْتُمْ التَّعْرِيسَ فَتَنَكَّبُوا الطَّرِيقَ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي أُمَيَّةَ عَلَى الْقَصْدِ إلَى السَّيْرِ عَلَيْهَا فِي اللَّيْلِ وَكَانَ فِي حَدِيثِ ابْنِ خُزَيْمَةَ
مَا قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِذِكْرِهِ التَّعْرِيسَ , وَالتَّعْرِيسُ فِي هَذَا الْمَعْنَى إنَّمَا يَكُونُ فِي اللَّيْلِ لاَ فِي النَّهَارِ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِيمَا بَيْنَ وَضْعِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الأَقْصَى فِي الأَرْضِ مِنْ الْمُدَّةِ . حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قُلْت : يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلاً قَالَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ قَالَ قُلْت , ثُمَّ أَيُّ قَالَ , ثُمَّ الْمَسْجِدُ الأَقْصَى قَالَ قُلْت : كَمْ بَيْنَهُمَا قَالَ أَرْبَعُونَ سَنَةً فَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْك الصَّلاَةُ فَصَلِّ فَهُوَ مَسْجِدٌ . فَقَالَ قَائِلٌ بَانِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ هُوَ إبْرَاهِيمُ عليه السلام وَبَانِي الْمَسْجِدِ الأَقْصَى هُوَ دَاوُد وَابْنُهُ سُلَيْمَانُ عليهما السلام مِنْ بَعْدِهِ , وَقَدْ كَانَ بَيْنَ إبْرَاهِيمَ وَبَيْنَهُمَا مِنْ الْقُرُونِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ; لأَنَّهُ كَانَ بَعْدَ إبْرَاهِيمَ ابْنُهُ إِسْحَاقُ وَبَعْدَ ابْنِهِ إِسْحَاقَ ابْنُهُ يَعْقُوبُ وَبَعْدَ يَعْقُوبَ ابْنُهُ يُوسُفُ وَبَعْدَ يُوسُفَ مُوسَى وَبَعْدَ مُوسَى دَاوُد سِوَى مَنْ كَانَ بَيْنَهُمْ مِنْ الأَسْبَاطِ وَمِمَّنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللهِ عليهم السلام وَفِي ذَلِكَ مِنْ الْمُدَدِ مَا يَتَجَاوَزُ الأَرْبَعِينَ بِأَمْثَالِهَا . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ مَنْ بَنَى هَذَيْنِ الْمَسْجِدَيْنِ هُوَ مَنْ ذَكَرَهُ وَلَمْ يَكُنْ سُؤَالُ أَبِي ذَرٍّ رَسُولَ اللهِ r عَنْ مُدَّةِ مَا بَيْنَ بِنَائِهِمَا إنَّمَا سَأَلَهُ عَنْ مُدَّةِ مَا كَانَ بَيْنَ وَضْعِهِمَا فَأَجَابَهُ بِمَا أَجَابَهُ بِهِ . وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَاضِعُ الْمَسْجِدِ الأَقْصَى كَانَ بَعْضَ أَنْبِيَاءِ اللهِ قَبْلَ دَاوُد وَقَبْلَ سُلَيْمَانَ , ثُمَّ بَنَاهُ دَاوُد وَسُلَيْمَانُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي بَنَيَاهُ فِيهِ فَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِحَمْدِ اللهِ مَا يَجِبُ اسْتِحَالَتُهُ , وَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ تَأْوِيلُ مِثْلِهِ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه .
وَكَمَا
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَانِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ إذَا حُدِّثْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ r حَدِيثًا فَظُنُّوا بِرَسُولِ اللهِ أَهْنَاهُ وَأَتْقَاهُ وَأَهْدَاهُ
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَمَا رُوِيَ عَنْهُ مَا يُوجِبُ أَنَّهُمَا مِنْ الْقُرْآنِ . حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ سَأَلْت أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنْ الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَقُلْت لَهُ : إنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَحُكَّهُمَا مِنْ الْمُصْحَفِ فَقَالَ : إنِّي سَأَلْت رَسُولَ اللهِ r فَقَالَ قِيلَ لِي : قُلْ فَقُلْت نَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ r . حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ وَعَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ أَنَّهُمَا سَمِعَا زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ يَقُولُ سَأَلْت أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنْ الْمُعَوِّذَتَيْنِ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ . حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ قَالَ قُلْت لِأُبَيٍّ إنَّ عَبْدَ اللهِ يَقُولُ فِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ لاَ تُلْحِقُوا بِالْقُرْآنِ مَا لَيْسَ فِيهِ فَقَالَ إنِّي سَأَلْت عَنْهُمَا رَسُولَ اللهِ r فَقَالَ : قِيلَ لِي قُلْ فَقُلْت قَالَ أُبَيٌّ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ r قُولُوا فَنَحْنُ نَقُولُ . حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ قَالَ قُلْت لِأُبَيٍّ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ السُّورَتَانِ اللَّتَانِ لَيْسَتَا فِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللهِ فَقَالَ سَأَلْت عَنْهُمَا رَسُولَ اللهِ r فَقَالَ قِيلَ لِي قُلْ : فَقُلْت لَكُمْ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ r قُولُوا فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ مَا رَوَيْنَا عَنْ أُبَيٍّ فِي هَذِهِ الآثَارِ مِنْ جَوَابِهِ زِرًّا
مَا قَدْ ذَكَرَ فِيهَا مِمَّا لَيْسَ فِيهِ إثْبَاتٌ مِنْهُ أَنَّهُمَا مِنْ الْقُرْآنِ وَلاَ إخْرَاجٌ لَهُمَا مِنْهُ , ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام فِيهِمَا سِوَى ذَلِكَ هَلْ نَجِدُ فِيهِ تَحْقِيقَهُ أَنَّهُمَا مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ أَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْهُ .
فَوَجَدْنَا مَالِكَ بْنَ يَحْيَى الْهَمْدَانِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ r أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيَّ آيَاتٍ لَمْ يُنْزِلْ عَلَيَّ مِثْلَهُنَّ الْمُعَوِّذَاتِ , ثُمَّ قَرَأَهُمَا . حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسٍ عَنْ عُقْبَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ r لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَاتٌ مَا رَأَيْت أَوْ رَأَيْتُ مِثْلَهُنَّ يَعْنِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ .
وَوَجَدْنَا يَحْيَى بْنَ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ جَابِرٍ عَنْ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَانِ عَنْ عُقْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ r صَلَّى بِهِمْ صَلاَةَ الصُّبْحِ فَقَرَأَ لَهُمْ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ , ثُمَّ مَرَّ بِي فَقَالَ رَأَيْت يَا عُقْبَةُ اقْرَأْ بِهِمَا كُلَّمَا نِمْت وَكُلَّمَا قُمْت .
وَوَجَدْنَا الرَّبِيعَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ عَنْ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَانِ حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا أَقُودُ رَسُولَ اللهِ r فِي نَقْبٍ مِنْ تِلْكَ النِّقَابِ إذْ قَالَ لِي أَلاَ تَرْكَبُ يَا عُقْبَةُ فَأَجْلَلْت رَسُولَ اللهِ r أَنْ أَرْكَبَ مَرْكَبَهُ ثُمَّ أَشْفَقْت أَنْ تَكُونَ مَعْصِيَةً فَرَكِبْت هُنَيْهَةً , ثُمَّ نَزَلْت , ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللهِ r وَقُدْت بِهِ فَقَالَ لِي يَا عُقْبَةُ أَلاَ أُعَلِّمُك مِنْ خَيْرِ سُورَتَيْنِ قَرَأَ بِهِمَا النَّاسُ قُلْت : بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي قَالَ : قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ فَلَمَّا أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ قَرَأَ بِهِمَا رَسُولُ اللهِ r , ثُمَّ مَرَّ بِي فَقَالَ : كَيْفَ رَأَيْت يَا عُقْبَةُ اقْرَأْ بِهِمَا كُلَّمَا نِمْت وَقُمْت .
وَوَجَدْنَا عُبَيْدَ بْنَ رِجَالٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ عُقْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r أُهْدِيَتْ لَهُ بَغْلَةٌ شَهْبَاءُ فَرَكِبَهَا فَأَخَذَ عُقْبَةُ يَقُودُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r لِعُقْبَةَ اقْرَأْ قَالَ مَا أَقْرَأُ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ : اقْرَأْ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ فَأَعَادَهَا عَلَيَّ حَتَّى قَرَأْتُهَا فَقَالَ لَعَلَّك تَهَاوَنْتَ بِهَا فَمَا قُمْت تُصَلِّي بِشَيْءٍ مِثْلَهَا .
وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا حَاجِبُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ كُنْت أَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللهِ r بَيْنَ الْجُحْفَةِ وَالأَبْوَاءِ إذْ غَشِيَنَا رِيحٌ وَظُلْمَةٌ فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ r يَتَعَوَّذُ بِقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ وَيَقُولُ : يَا عُقْبَةُ تَعَوَّذْ فَمَا تَعَوَّذَ مُتَعَوِّذٌ بِمِثْلِهِمَا ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَؤُمُّنَا بِهِمَا فِي الصَّلاَةِ .
وَوَجَدْنَا أَبَا أُمَيَّةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْجَرِيرِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r مَرَّ بِهِ فَقَالَ اقْرَأْ فِي صَلاَتِكَ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ فِيمَا رَوَيْنَا تَحْقِيقُ رَسُولِ اللهِ r أَنَّهُمَا مِنْ الْقُرْآنِ فَاتَّفَقَ جَمِيعُ مَا رَوَيْنَاهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ لَمَّا صَحَّ وَخَرَجَتْ مَعَانِيهِ وَلَمْ تُخَالِفْ بِشَيْءٍ مِنْهُ شَيْئًا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِي السَّبَبِ الَّذِي فِيهِ نَزَلَتْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ إلَى قَوْلِهِ فَمَا هُمْ مِنْ الْمُعْتَبِينَ . حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا مُسَدِّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ إنِّي لَمُسْتَتِرٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ إذْ جَاءَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ ثَقَفِيٌّ وَخَتَنَاهُ قُرَشِيَّانِ كَثِيرٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ قَلِيلٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ فَتَحَدَّثُوا بَيْنَهُمْ بِحَدِيثٍ فَقَالَ أَحَدُهُمْ أَتَرَى اللَّهَ يَسْمَعُ مَا قُلْنَاهُ قَالَ أَحَدُهُمْ أَرَاهُ يَسْمَعُ إذَا رَفَعْنَا وَلاَ يَسْمَعُ إذَا خَفَضْنَا وَقَالَ الآخَرُ إنْ كَانَ يَسْمَعُ مِنْهُ شَيْئًا إنَّهُ لَيَسْمَعُهُ كُلَّهُ فَذَكَرْت ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ r فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ حَتَّى بَلَغَ الْمُعْتَبِينَ . وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ يَحْيَى قَالَ سُفْيَانُ وَحَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَخْبَرَةَ الأَزْدِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ نَحْوَهُ . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَمِينَةَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ قَالَ قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ لِي قُطْبَةُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ كُنْت أَنَا وَسُفْيَانُ نَتَذَاكَرُ حَدِيثَ الأَعْمَشِ فَذَكَرْت حَدِيثَ عَبْدِ اللهِ كُنْت مُتَعَلِّقًا بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقُلْت عَنْ عُمَارَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ فَقَالَ لِي سُفْيَانُ : عُمَارَةُ عَنْ وَهْبِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ فَقُمْت مِنْ فَوْرِي إلَى الأَعْمَشِ فَقُلْت يَا أَبَا مُحَمَّدٍ عِنْدَك حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ كُنْت مُتَعَلِّقًا بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ عُمَارَةُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ يَزِيدَ فَقُلْت إنَّ سُفْيَانَ يَقُولُ : عُمَارَةُ عَنْ وَهْبِ بْنِ رَبِيعَةَ فَقَالَ لِي أَمْهِلْ فَجَعَلَ يُهِمُّهُمْ كَمَا يُهِمُّهُمْ الْبَعِيرُ , ثُمَّ قَالَ أَصَابَ سُفْيَانُ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا هَذِهِ الآيَاتِ الْمَذْكُورَاتِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ
فَوَجَدْنَا قَائِلاً مِنْ النَّاسِ قَدْ قَالَ إنْ قِيلَ هَذِهِ الآيَاتُ مِنْ السُّورَةِ اللَّاتِي هُنَّ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِحَالَةِ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ إذْ نُزُولُهُنَّ كَانَ مِنْ أَجْلِهِ وَهُوَ قوله تعالى وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللهِ إلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ الآيَةَ فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ يَكُونُ فِي الْقِيَامَةِ , ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ إلَى قَوْلِهِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلٍ يَكُونُ مِنْهُمْ حِينَئِذٍ خِطَابًا لِجُلُودِهِمْ عِنْدَ شَهَادَتِهِمْ عَلَيْهِمْ بِمَا شَهِدَتْ بِهِ عَلَيْهِمْ حِينَئِذٍ , وَذَلِكَ كُلُّهُ كَائِنٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ مِمَّا كَانَ فِي الدُّنْيَا , ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُوَبِّخًا لَهُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنْ الْمُعْتَبِينَ أَيْ : حِينَئِذٍ . وَفِي ذَلِكَ مَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي رَوَيْته عَلَى مَا فِيهِ ; لأَنَّ الَّذِي فِيهِ إنْزَالُ اللهِ إيَّاهُ عَلَى نَبِيِّهِ لِمَا كَانَ مِنْ أُولَئِكَ الْجُهَّالِ فِي الدُّنْيَا . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْزَلَ عَلَى رَسُولِهِ فِي الْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرَ لَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ مَا ذَكَرَهُ لَهُ عَنْ أُولَئِكَ الْجُهَّالِ تَوْبِيخًا لَهُمْ وَإِعْلاَمًا مِنْ اللهِ إيَّاهُمْ بِذَلِكَ مَا أَعْلَمَهُمْ بِهِ فِيهِ , ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللهِ إلَى النَّارِ إلَى قَوْلِهِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ فَجَعَلَ r ذَلِكَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي جَعَلَهُ فِيهِ مِمَّا هُوَ شَكِلٌ لِذَلِكَ وَوَصَلَهُ بِهِ إذْ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ مِمَّا يُخَاطَبُ بِهِ أَهْلُ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . وَمِمَّا يُقَوِّي هَذَا الاِحْتِمَالَ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَا
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ حُمْرَانَ الْحُمْرَانِيُّ حَدَّثَنَا عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ عَنْ يَزِيدَ الْفَارِسِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قُلْت لِعُثْمَانَ مَا حَمَلَكُمْ عَلَى أَنْ عَمَدْتُمْ إلَى الأَنْفَالِ وَهِيَ مِنْ الْمَثَانِي وَإِلَى بَرَاءَةٌ وَهِيَ مِنْ الْمِئِينِ فَقَرَنْتُمْ بَيْنَهُمَا وَلَمْ تَكْتُبُوا بَيْنَهُمَا سَطْرًا . بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ وَوَضَعْتُمُوهَا فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ فَمَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ قَالَ فَقَالَ عُثْمَانُ كَانَ رَسُولُ اللهِ r يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ وَهُوَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ مِنْ السُّوَرِ ذَوَاتِ الْعَدَدِ فَكَانَ إذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ دَخَلَ بَعْضُ مَنْ يَكْتُبُ لَهُ فَيَقُولُ ضَعُوا هَذَا فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا , وَكَذَا وَإِذَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ الآيَاتُ يَقُولُ ضَعُوا هَذِهِ الآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا , وَكَذَا وَكَانَتْ الأَنْفَالُ مِنْ أَوَّلِ مَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَتْ بَرَاءَةٌ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ وَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهَةً بِقِصَّتِهَا فَظَنَنْت أَنَّهَا مِنْهَا وَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ r وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَرَنْت بَيْنَهُمَا وَلَمْ أَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرًا . بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ وَوَضَعْتُهُمَا فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ فَأَخْبَرَ عُثْمَانُ أَنَّهُمْ كَانُوا يُؤْمَرُونَ أَنْ يَجْعَلُوا بَعْضَ الآيِ الْمُنَزَّلِ عَلَيْهِمْ فِي سُورَةٍ مُتَكَامِلَةٍ قَبْلَ ذَلِكَ وَكَانَ فِي قَوْلِهِ رضي الله عنه وَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهَةً بِقِصَّتِهَا
مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ إنَّمَا كَانُوا يُؤْمَرُونَ أَنْ يَجْعَلُوا مَا تَأَخَّرَ نُزُولُهُ مِنْ الآيِ عِنْدَ الَّذِي يُشْبِهُهُ
مِمَّا قَدْ تَقَدَّمَ نُزُولُهُ فِيهَا وَفِيمَا ذَكَرْنَا
مَا قَدْ دَلَّ عَلَى احْتِمَالِ مَا وَصَفْنَا مِمَّا أَحَلْنَا بِهِ التَّأْوِيلَ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْهُ مَا ذَكَرْنَا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى ثُمَّ إنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ . حَدَّثَنَا يُونُسُ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ حَاطِبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ الزُّبَيْرِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ إنَّك مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ إلَى قَوْلِهِ تَخْتَصِمُونَ قَالَ الزُّبَيْرُ يَا رَسُولَ اللهِ أَيُكَرَّرُ عَلَيْنَا مَا كَانَ فِي الدُّنْيَا مَعَ خَوَاصِّ الذُّنُوبِ قَالَ نَعَمْ حَتَّى يُؤَدِّيَ إلَى كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ . حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ وَمَا نَعْلَمُ فِي أَيِّ شَيْءٍ نَزَلَتْ , ثُمَّ إنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ قَالَ قَائِلٌ مَنْ نُخَاصِمُ وَلَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ خُصُومَةٌ فَمَنْ نُخَاصِمُ حَتَّى وَقَعَتْ الْفِتْنَةُ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ هَذَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا نَخْتَصِمُ فِيهِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ مَا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ قَدْ أَوْجَبَ تَضَادًّا لِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِي السَّبَبِ الَّذِي كَانَ فِيهِ نُزُولُ هَذَا الآيَةِ فَتَأَمَّلْنَا ذَلِكَ فَوَجَدْنَاهُ بِحَمْدِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ خَالِيًا مِنْ ذَلِكَ ; لأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ مِنْهُمَا إنَّمَا فِيهِ مَا كَانَ مِنْ قَوْلِهِمْ عِنْدَ نُزُولِ الآيَةِ وَمَا تَبَيَّنَ بِهِ عِنْدَ حُدُوثِ الْفِتْنَةِ أَنَّهُ الْمُرَادُ فِيهَا وَكَانَ ذَلِكَ تَأْوِيلاً مِنْهُ لاَ حِكَايَةً مِنْهُ إيَّاهُ سَمَاعًا مِنْ رَسُولِ اللهِ r وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ جَوَابًا مِنْ رَسُولِ اللهِ r إيَّاهُ لَمَّا سَأَلَهُ عَمَّا ذَكَرَ مِنْ سُؤَالِهِ رَسُولَ اللهِ r عَمَّا سَأَلَهُ إيَّاهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِهِ وَجَوَابُ رَسُولِ اللهِ r عَنْهُ بِمَا أَجَابَهُ بِهِ وَلَمْ يُضَادَّهُ غَيْرُهُ مِمَّا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَلاَ مِمَّا سِوَاهُ فِيمَا عَلِمْنَاهُ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِنْ قَوْلِهِ وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ . وَحَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ
وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا بِشْرٌ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ حَدَّثَنِي أَبُو كَبْشَةَ السَّلُولِيُّ قَالَ سَمِعْت عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ سَمِعْت رَسُولَ اللهِ r يَقُولُ بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ .
حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ رَسُولِ اللهِ r فَذَكَرَا مِثْلَهُ . حَدَّثَنَا يُونُسُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ . فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ لِأُمَّتِهِ وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إرَادَةً مِنْهُ أَنْ يَعْلَمُوا مَا كَانَ فِيهِمْ مِنْ الْعَجَائِبِ الَّتِي كَانَتْ فِيهِمْ ; وَلأَنَّ أُمُورَهُمْ كَانَتْ الأَنْبِيَاءُ تَسُوسُهَا كَمَا . حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ الْمُنْقِرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ r إنَّ بَنِي إسْرَائِيلَ كَانَ يَسُوسُهُمْ الأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا مَاتَ نَبِيٌّ قَامَ نَبِيٌّ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَكَانَ فِيمَا يَتَحَدَّثُونَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ مَا عَسَى أَنْ يَعِظَهُمْ وَيُحَذِّرَهُمْ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ التَّمَسُّكِ بِدِينِ اللهِ كَمَا خَرَجَتْ عَنْهُ بَنُو إسْرَائِيلَ فَيُعَاقِبَهُمْ بِمِثْلِ مَا عَاقَبَهُمْ بِهِ وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ عليه السلام يُحَدِّثُهُمْ مِنْهَا .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ الْوَاشِحِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو هِلاَلٍ الرَّاسِبِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي حَسَّانَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللهِ r عَامَّةَ لَيْلِهِ يُحَدِّثُ عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ مَا يَقُومُ إِلاَّ لِعُظْمِ صَلاَةٍ . وَ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَكَانَ قَوْلُهُ عَقِيبًا لِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ الْحَدِيثِ عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ أَيْ : وَلاَ حَرَجَ عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تُحَدِّثُوا عَنْهُمْ كَمِثْلِ مَا قَالَ
مِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ كَمَا . حَدَّثَنَا بَكَّارَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ حُصَيْنٍ الْحُبْرَانِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْحُبْرَانِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ r مَنْ اكْتَحَلَ فَلْيُوتِرْ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لاَ فَلاَ حَرَجَ وَمَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لاَ فَلاَ حَرَجَ وَمَنْ أَتَى الْخَلاَءَ فَلْيَسْتَتِرْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلاَّ كَثِيبَ رَمْلٍ فَلْيَجْمَعْهُ فَلْيَسْتَدْبِرْهُ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَلْعَبُ بِمَقَاعِدِ بَنِي آدَمَ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لاَ فَلاَ حَرَجَ وَمَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَمَا تَخَلَّلَ فَلْيُلْقِهَا وَمَا لاَكَ بِلِسَانِهِ فَلْيَبْلَعْ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لاَ فَلاَ حَرَجَ . قَالَ فَكَانَ مَا أَمَرَ بِهِ مِنْ هَذِهِ الأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا أَتْبَعَ أَمْرَهُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا قَوْلَهُ وَلاَ حَرَجَ أَيْ : وَلاَ حَرَجَ عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَفْعَلُوا مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ مِنْ ذَلِكَ إذْ كَانَ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْهُ عَلَى الاِخْتِيَارِ لاَ عَلَى الإِيجَابِ فَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ الْحَدِيثِ عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ مِمَّا أَتْبَعَهُ قَوْلَهُ وَلاَ حَرَجَ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى التَّوْسِعَةِ مِنْهُ عَلَيْهِمْ أَنْ لاَ يُحَدِّثُوا عَنْهُمْ إنْ شَاءُوا لأَنَّ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ إنَّمَا كَانَ عَلَى الاِخْتِيَارِ لاَ عَلَى الإِيجَابِ وَكَانَ تِلْكَ مِنَّةً مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِ عَقِيبًا لِقَوْلِهِ لَهُمْ بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً مِمَّا أَمَرَهُمْ بِهِ إيجَابًا عَلَيْهِمْ فَأَتْبَعَ ذَلِكَ فِي أَمْرِهِ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ الْحَدِيثِ عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ بِبَيَانِ مُخَالَفَةِ ذَلِكَ لِمَا قَبْلَهُ إذْ كَانَ مَا قَبْلَهُ عَلَى الْوُجُوبِ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ عَلَى الاِخْتِيَارِ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِنْ نَهْيِهِ عَنْ بَيْعِ الثُّنْيَا . حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ وَسَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام نَهَى عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَالْمُخَابَرَةِ وَقَالَ أَحَدُهُمَا وَالْمُعَاوَمَةِ وَقَالَ الآخَرُ : بَيْعُ السِّنِينَ , وَنَهَى عَنْ الثُّنْيَا قَالَ وَرَخَّصَ فِي الْعَرَايَا . حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ وَسَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْمُزَابَنَةِ , وَعَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُعَاوَمَةِ وَالْمُخَابَرَةِ قَالَ أَحَدُهُمَا , وَعَنْ بَيْعِ السِّنِينَ وَعَنْ الثُّنْيَا وَرَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا فَكَانَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ الثُّنْيَا مُطْلَقًا وَكَانَ فِي ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ حَقِيقَةً بِخِلاَفِ ظَاهِرِهِ الْمَنْعُ مِنْ الْبَيْعِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الثُّنْيَا فَتَأَمَّلْنَا ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِي هَذَا الْمَعْنَى سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ هَلْ نَجِدُ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى إيضَاحِ حَقِيقَةِ مُرَادِهِ فِي ذَلِكَ .
فَوَجَدْنَا ابْنَ أَبِي دَاوُد قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ وَهُوَ [ ابْنُ ] الْعَوَّامِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنِي الثِّقَةُ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام نَهَى عَنْ بَيْعِ الثُّنْيَا حَتَّى تُعْلَمَ . فَانْكَشَفَ لَنَا بِذَلِكَ حَقِيقَةُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ النَّهْيُ فِي حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ وَسَعِيدٍ مِنْ بَيْعِ الثُّنْيَا , وَأَنَّهَا الثُّنْيَا لَيْسَتْ بِمَعْلُومَةٍ وَأَنَّ الثُّنْيَا الْمَعْلُومَةَ بِخِلاَفِهَا وَأَنَّ الْمُسْتَثْنَاةَ فِيهِ جَائِزٌ إذْ كَانَتْ مَعْلُومَةً وَإِذْ كَانَ مَا يَبْقَى بَعْدَهَا مِنْ الْبَيْعِ مَعْلُومًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَأَنَّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ حَفِظَ عَنْ جَابِرٍ فِيمَا حَدَّثَهُمْ بِهِ مِنْ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مَا لَمْ يَحْفَظْهُ أَبُو الزُّبَيْرِ وَلاَ سَعِيدٌ فَكَانَ بِذَلِكَ مَا رَوَى فِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَوْلَى مِمَّا رَوَيَاهُ فِيهِ عَنْهُ . وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْبَيْعِ إذَا كَانَتْ جُزْءًا مِنْ أَجْزَاءِ مَبِيعٍ . فَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ قَالَ مَالِكٌ الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الرَّجُلَ إذَا بَاعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ أَنْ [ لَهُ أَنْ ] يَسْتَثْنِيَ مِنْهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثُلُثِ الثَّمَرِ لاَ يُجَاوِزُ ذَلِكَ وَمَا كَانَ مِنْ دُونِ الثُّلُثِ فَلاَ بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ يَرَى أَنَّهُ الثُّلُثُ فَأَدْنَى . وَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ فَأَجَازُوا الْبَيْعَ بِهَذَا الاِسْتِثْنَاءِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ إذَا كَانَ دُونَ الثُّلُثِ أَوْ الثُّلُثَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ إذْ كَانَ ثَمَرٌ مَا يَبْقَى بَعْدَهُ مَعْلُومًا . وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ عليه السلام الَّذِي قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ مِنْ نَهْيِهِ عَنْ بَيْعِ الثُّنْيَا حَتَّى تُعْلَمَ
مَا قَدْ دَلَّ عَلَى مَا قَالُوا مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَ مَا دَخَلَ فِي الْبَيْعِ بَعْدَ الثُّنْيَا مَعْلُومًا وَكَانَ ثَمَرُهُ مَعْلُومًا وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ لِمُوَافَقَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ
مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِيهِ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِي أَفْضَلِ بَنَاتِهِ مَنْ هِيَ مِنْهُنَّ . حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ وَيُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو يَزِيدَ وَفَهْدٌ قَالُوا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَادِ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ خَرَجَتْ ابْنَتُهُ مِنْ مَكَّةَ مَعَ بَنِي كِنَانَةَ فَخَرَجُوا فِي أَثَرِهَا فَأَدْرَكَهَا هَبَّارُ بْنُ الأَسْوَدِ فَلَمْ يَزَلْ يَطْعَنُ بَعِيرَهَا حَتَّى صَرَعَهَا فَأَلْقَتْ مَا فِي بَطْنِهَا وَأُهْرِيقَتْ دَمًا فَانْطَلَقَ بِهَا وَاشْتَجَرَ فِيهَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو أُمَيَّةَ فَقَالَ بَنُو أُمَيَّةَ نَحْنُ أَحَقُّ بِهَا وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ عَمِّهِمْ أَبِي الْعَاصِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ فَكَانَتْ عِنْدَ هِنْدَ بِنْتِ رَبِيعَةَ وَكَانَتْ تَقُولُ لَهَا هِنْدُ هَذَا فِي سَبَبِ أَبِيك فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ أَلاَ تَنْطَلِقُ فَتَجِيءُ بِزَيْنَبِ فَقَالَ : بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ : فَخُذْ خَاتَمِي هَذَا فَأَعْطِهَا إيَّاهُ قَالَ : فَانْطَلَقَ زَيْدٌ فَلَمْ يَزَلْ يَلْطُفُ وَتَرَكَ بَعِيرَهُ حَتَّى أَتَى رَاعِيًا فَقَالَ : لِمَنْ تَرْعَى فَقَالَ لأَبِي الْعَاصِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ : فَلِمَنْ هَذِهِ الْغَنَمُ قَالَ لِزَيْنَبِ بِنْتِ مُحَمَّدٍ عليه السلام فَسَارَ مَعَهُ شَيْئًا , ثُمَّ قَالَ لَهُ : هَلْ لَك أَنْ أُعْطِيَك شَيْئًا تُعْطِيَهَا إيَّاهُ وَلاَ تَذْكُرَهُ لأَحَدٍ قَالَ : نَعَمْ فَأَعْطَاهُ الْخَاتَمَ فَانْطَلَقَ الرَّاعِي فَأَدْخَلَ غَنَمَهُ وَأَعْطَاهَا الْخَاتَمَ فَعَرَفَتْهُ فَقَالَتْ : مَنْ أَعْطَاك هَذَا قَالَ رَجُلٌ قَالَتْ وَأَيْنَ تَرَكْتَهُ قَالَ مَكَانَ كَذَا , وَكَذَا فَسَكَنَتْ حَتَّى إذَا كَانَ اللَّيْلُ خَرَجَتْ إلَيْهِ فَقَالَ لَهَا ارْكَبِي بَيْنَ يَدَيَّ قَالَتْ لاَ , وَلَكِنْ ارْكَبْ أَنْتَ فَرَكِبَ وَرَكِبَتْ وَرَاءَهُ حَتَّى أَتَتْ النَّبِيَّ عليه السلام فَكَانَ رَسُولُ اللهِ r يَقُولُ هِيَ أَفْضَلُ بَنَاتِي أُصِيبَتْ فِي فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ فَانْطَلَقَ إلَى عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْك أَنَّك تُحَدِّثُهُ تَنْتَقِصُ فِيهِ حَقَّ فَاطِمَةَ فَقَالَ عُرْوَةُ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَإِنِّي أَنْتَقِصُ فَاطِمَةَ حَقًّا هُوَ لَهَا وَأَمَّا بَعْدُ فَلَكَ عَلَيَّ أَنْ لاَ أُحَدِّثَ بِهِ أَبَدًا .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ
فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا يَجِبُ تَأَمُّلُهُ وَالْوُقُوفُ عَلَى الْمَعْنَى فِيهِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ r لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ أَلاَ تَنْطَلِقُ فَتَجِيءُ بِزَيْنَبِ وَزَيْدٌ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ مِنْهَا وَلاَ بِزَوْجٍ لَهَا , وَقَدْ نَهَى r أَنْ تُسَافِرَ امْرَأَةٌ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَرُوِيَتْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ آثَارٌ بَعْضُهَا مُطْلَقٌ بِلاَ ذِكْرِ وَقْتٍ مَعْلُومٍ لِذَلِكَ السَّفَرِ وَبَعْضُهَا فِيهِ ذِكْرُ مِقْدَارِ ذَلِكَ السَّفَرِ مِنْ الزَّمَانِ وَفِي بَعْضِهَا إِلاَّ وَمَعَهَا زَوْجٌ أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْبَابَ وَمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِيهِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ . غَيْرَ أَنَّا تَأَمَّلْنَا مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ r فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ إطْلاَقِهِ لِزَيْدٍ السَّفَرَ بِزَيْنَبِ
فَوَجَدْنَا زَيْدًا قَدْ كَانَ حِينَئِذٍ فِي تَبَنِّي رَسُولِ اللهِ r إيَّاهُ حَتَّى كَانَ يُقَالُ لَهُ بِذَلِكَ زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَلَمْ يَزَلْ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَلِكَ إلَى أَنْ نَسَخَ اللَّهُ ذَلِكَ فَأَخْرَجَهُ مِنْ بُنُوَّتِهِ وَرَدَّهُ إلَى أَبِيهِ فِي الْحَقِيقَةِ بِقَوْلِهِ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ , وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَبِقَوْلِهِ لِزَيْدٍ وَأَمْثَالِهِ مِنْ الْمُتَبَنِّينَ اُدْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ وَبِمَا أُنْزِلَ فِي زَيْدٍ خَاصَّةً فِي إبَاحَتِهِ تَزْوِيجَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ زَوْجًا لِزَيْدٍ وَبِمَا أُنْزِلَ فِي ذَلِكَ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا إلَى قَوْلِهِ وَطَرًا . فَوَقَفْنَا عَلَى أَنَّ مَا كَانَ أَمَرَ بِهِ عليه السلام زَيْدًا قَبْلَ ذَلِكَ فِي زَيْنَبَ وَفِي إبَاحَتِهِ لَهَا وَلَهُ السَّفَرَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ صَاحِبِهِ كَانَ عَلَى الْحُكْمِ الأَوَّلِ وَفِي الْحَالِ الَّتِي كَانَ زَيْدٌ فِيهَا أَخًا لِزَيْنَبِ فَكَانَ بِذَلِكَ مَحْرَمًا لَهَا جَائِزًا لَهُ السَّفَرُ بِهَا كَمَا يَجُوزُ لأَخٍ لَوْ كَانَ لَهَا مِنْ النَّسَبِ مِنْ السَّفَرِ بِهَا فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . وَأَمَّا مَا ذُكِرَ فِيهِ مِنْ تَفْضِيلِ رَسُولِ اللهِ r زَيْنَبَ عَلَى سَائِرِ بَنَاتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ وَلاَ ابْنَةَ لَهُ يَوْمَئِذٍ فَتَسْتَحِقُّ الْفَضِيلَةَ غَيْرُهَا لِمَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ الإِيمَانِ بِهِ وَالاِتِّبَاعِ لَهُ وَلِمَا نَزَلَ بِهَا فِي بَدَنِهَا مِنْ أَجْلِهِ
مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا , ثُمَّ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ مِمَّا وَهَبَهُ اللَّهُ لَهُ وَأَقَرَّ بِهِ عَيْنَهُ فِي ابْنَتِهِ فَاطِمَةَ مَا كَانَ مِنْهُ فِيهَا مِنْ تَوْفِيقِهِ إيَّاهَا لِلأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الزَّاكِيَةِ وَمَا وَهَبَ لَهَا مِنْ الْوَلَدِ الَّذِينَ صَارُوا لَهُ وَلَدًا وَذُرِّيَّةً مِمَّا لَمْ يُشْرِكْهَا فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ بَنَاتِهِ سِوَاهَا وَكَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي اسْتَحَقَّتْ زَيْنَبُ مَا اسْتَحَقَّتْ مِنْ الْفَضِيلَةِ صَغِيرَةً غَيْرَ بَالِغٍ مِمَّنْ لاَ يَجْرِي لَهَا ثَوَابٌ بِطَاعَتِهَا وَلاَ عِقَابٌ بِخِلاَفِهَا . وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ فِي صِغَرِ سِنِّهَا حِينَئِذٍ وَتَقْصِيرِهَا عَنْ الْبُلُوغِ . مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الرَّازِيّ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنِي أَبِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ دَخَلْت أَنَا وَابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَسَأَلَهُ عَنْ سِنِّ فَاطِمَةَ فَبَدَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ بِالْجَوَابِ عَنْ ذَلِكَ فَقَلْتُ لَهُ سَلْ هَذَا عَنْ أُمِّهِ وَسَلْنِي عَنْ أُمِّي , ثُمَّ قُلْت لَهُ كَانَ سِنُّهَا يَعْنِي الَّذِي مَاتَتْ عَلَيْهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً . ثُمَّ تَأَمَّلْنَا الْوَقْتَ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ وَفَاتُهَا أَيَّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ الزَّمَانِ .
فَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ وَهْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ وَحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ , ثُمَّ اجْتَمَعَا فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ r أَرْسَلَتْ إلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ r بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكَ وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ إنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ إنَّمَا كَانَ يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْمَالِ وَإِنِّي وَاَللَّهِ لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللهِ r عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ r وَلاََعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللهِ r فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ فَهَجَرَتْهُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ r سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لَيْلاً وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ وَصَلَّى عَلَيْهَا عَلِيٌّ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ثُمَّ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ r مِنْ إبَانَتِهِ لِلنَّاسِ فَضْلَ فَاطِمَةَ عَلَى سَائِرِ بَنَاتِهِ وَعَلَى سَائِرِ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ سِوَاهَا وَسِوَاهُنَّ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارَ ثنا أَبُو دَاوُد صَاحِبُ الطَّيَالِسَةِ
وَمَا قَدْ
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ثنا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ , ثُمَّ اجْتَمَعَا فَقَالَ بَكَّارَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ اجْتَمَعْنَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ r لَمْ تُغَادِرْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي مَا تُخْطِئُ مِشْيَتُهَا مِشْيَةَ رَسُولِ اللهِ r فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ بِهَا وَقَالَ مَرْحَبًا بِابْنَتِي وَأَخَذَهَا فَأَقْعَدَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ فَسَارَّهَا فَبَكَتْ , ثُمَّ سَارَّهَا الثَّانِيَةَ فَضَحِكَتْ فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللهِ r قُلْت لَهَا إنَّ لَك مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ فَضْلَ رَسُولِ اللهِ r مِنْ بَيْنِنَا بِالسِّرَارِ وَأَنْتِ تَبْكِينَ عَزَمْت عَلَيْك بِمَا لِي عَلَيْك مِنْ حَقٍّ مِمَّ بَكَيْت وَمِمَّ ضَحِكْت فَقَالَتْ مَا كُنْت لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللهِ r فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ r قُلْت لَهَا عَزَمْت عَلَيْك بِمَا لِي عَلَيْك مِنْ حَقٍّ إِلاَّ أَخْبَرْتِينِي قَالَتْ أَمَّا الآنَ فَنَعَمْ إنَّهُ لَمَّا سَارَّنِي فِي الْمَرَّةِ الآُولَى قَالَ إنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِي بِالْقُرْآنِ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً وَإِنَّهُ عَارَضَنِي الْعَامَ مَرَّتَيْنِ وَإِنِّي لاَ أَظُنُّ إِلاَّ أَجَلِي قَدْ حَضَرَ فَاتَّقِي اللَّهَ فَنِعْمَ السَّلَفُ لَكِ أَنَا قَالَتْ فَبَكَيْت بُكَائِي الَّذِي رَأَيْت , ثُمَّ سَارَّنِي الثَّانِيَةَ فَقَالَ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ هَذِهِ الآُمَّةِ أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ فَضَحِكْت .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا أَبُو نُعَيْمٍ ثنا زَكَرِيَّا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَقْبَلَتْ تَمْشِي تَعْنِي فَاطِمَةَ كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِشْيَةُ رَسُولِ اللهِ r , ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا فِي حَدِيثِ بَكَّارٍ وَإِبْرَاهِيمَ سَوَاءً وَلَمْ يَذْكُرْ مَا فِي حَدِيثِهِمَا قَبْلَ ذَلِكَ .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ نَافِعِ بْنِ يَزِيدَ حَدَّثَنِي ابْنُ غَزِيَّةَ يَعْنِي عُمَارَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ أَنَّ أُمَّهُ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْحُسَيْنِ حَدَّثَتْهُ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ إنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ لِفَاطِمَةَ يَا بُنَيَّةُ أَحْنِي عَلَيَّ فَأَحْنَتْ عَلَيْهِ فَنَاجَاهَا سَاعَةً , ثُمَّ انْكَشَفَتْ عَنْهُ وَهِيَ تَبْكِي وَعَائِشَةُ حَاضِرَةٌ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ r بَعْدَ ذَلِكَ بِسَاعَةٍ أَحْنِي عَلَيَّ يَا بُنَيَّةُ فَأَحْنَتْ عَلَيْهِ فَنَاجَاهَا سَاعَةً ثُمَّ كَشَفَتْ عَنْهُ تَضْحَكُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ أَيْ : بُنَيَّةُ مَاذَا نَاجَاك أَبُوك قَالَتْ فَاطِمَةُ أُوشِكُ أُبَيِّنُهُ نَاجَانِي عَلَى حَالِ سِرٍّ . ثُمَّ رَأَيْت أَنِّي أُخْبِرُك بِسِرِّهِ وَهُوَ حَيٌّ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى عَائِشَةَ أَنْ يَكُونَ سِرٌّ دُونَهَا فَلَمَّا قَبَضَهُ اللَّهُ قَالَتْ عَائِشَةُ لِفَاطِمَةَ أَلاَ تُخْبِرِينِي ذَلِكَ الْخَبَرَ فَقَالَتْ أَمَّا الآنَ فَنَعَمْ نَاجَانِي فِي الْمَرَّةِ الآُولَى فَأَخْبَرَنِي أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام كَانَ يُعَارِضُهُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً , وَإِنَّهُ عَارَضَنِي الْعَامَ مَرَّتَيْنِ وَأَخْبَرَتْنِي أَنَّهُ أَخْبَرَهَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ كَانَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ إِلاَّ عَاشَ نِصْفَ عُمْرِ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ وَأَخْبَرَنِي أَنَّ عِيسَى عليه السلام عَاشَ عِشْرِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ وَلاَ أَرَانِي إِلاَّ ذَاهِبٌ عَلَى سِتِّينَ فَأَبْكَانِي ذَاكَ وَقَالَ يَا بُنَيَّةُ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ امْرَأَةٌ أَعْظَمُ زَرِيَّةً مِنْك فَلاَ تَكُونِي أَدْنَى امْرَأَةٍ صَبْرًا ثُمَّ نَاجَانِي فِي الْمَرَّةِ الآُخْرَى فَأَخْبَرَنِي أَنِّي أَوَّلُ أَهْلِهِ لُحُوقًا بِهِ وَقَالَ إنَّك سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ الْبَتُولِ مَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ فَضَحِكْت لِذَلِكَ .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَالَ حَسْبُك مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ . صلى الله عليه وآله وسلم وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ اللَّاحِقِيُّ الْبَصْرِيُّ ثنا دَاوُد بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ عَنْ عَلْبَاءَ بْنِ أَحْمَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَطَّ النَّبِيُّ عليه السلام أَرْبَعَةَ خُطُوطٍ , ثُمَّ قَالَ أَتَدْرُونَ مَا هَذَا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد حَدَّثَنَا مُثَنَّى بْنُ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ ثنا لَيْثُ بْنُ دَاوُد الْبَغْدَادِيُّ قَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا عَنْ الْحَسَنِ قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ خَرَجْت يَوْمًا فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللهِ r فَقَالَ لِي يَا عِمْرَانُ إنَّ فَاطِمَةَ مَرِيضَةٌ فَهَلْ لَك أَنْ تَعُودَهَا قَالَ قُلْت فِدَاك أَبِي وَأُمِّي وَأَيُّ شَرَفٍ أَشْرَفُ مِنْ هَذَا قَالَ انْطَلِقْ فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ r وَانْطَلَقْت مَعَهُ حَتَّى أَتَى الْبَابَ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَدْخُلُ فَقَالَتْ وَعَلَيْكُمْ اُدْخُلْ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r أَنَا وَمَنْ مَعِي قَالَتْ وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ مَا عَلَيَّ إِلاَّ هَذِهِ الْعَبَاءَةُ قَالَ وَمَعَ رَسُولِ اللهِ r مُلاَءَةٌ خَلِقَةٌ فَرَمَى بِهَا إلَيْهَا فَقَالَ لَهَا شُدِّيهَا عَلَى رَأْسِك فَفَعَلْت , ثُمَّ قَالَتْ اُدْخُلْ فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ r وَدَخَلْت مَعَهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهَا وَقَعَدْت قَرِيبًا مِنْهُ فَقَالَ : أَيْ بُنَيَّةُ كَيْفَ تَجِدِينَكِ قَالَتْ وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللهِ إنِّي لَوَجِعَةٌ وَإِنَّهُ لَيَزِيدُنِي وَجَعًا إلَى وَجَعِي أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي مَا آكُلُ فَبَكَى رَسُولُ اللهِ r وَبَكَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام وَبَكَيْت مَعَهُمَا فَقَالَ لَهَا : أَيْ بُنَيَّةُ تَصَبَّرِي مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا , ثُمَّ قَالَ لَهَا : أَيْ بُنَيَّةُ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ قَالَتْ يَا لَيْتَهَا مَاتَتْ وَأَيْنَ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ فَقَالَ لَهَا : أَيْ بُنَيَّةُ تِلْكَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ عَالَمِهَا وَأَنْتِ سَيِّدَةُ نِسَاءِ عَالَمِك وَاَلَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لَقَدْ زَوَّجْتُك سَيِّدًا فِي الدُّنْيَا وَسَيِّدًا فِي الآخِرَةِ لاَ يُبْغِضُهُ إِلاَّ مُنَافِقٌ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي
مَا قَدْ رَوَيْنَا
مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ سِنَّ فَاطِمَةَ كَانَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي قَدِمَ رَسُولُ اللهِ r فِيهِ الْمَدِينَةَ وَأَمَرَ زَيْدًا بِالذَّهَابِ إلَى زَيْنَبَ وَالْمَجِيءِ بِهَا إلَيْهِ كَانَ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَهُوَ سِنٌّ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَمْ تَبْلُغْ فِيهِ . وَعَقَلْنَا بِمَا رَوَيْنَا مِنْ خَبَرِ عَائِشَةَ عَنْ الْوَقْتِ الَّذِي مَاتَتْ فِيهِ , وَأَنَّهُ كَانَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ r بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَكَانَ ذَلِكَ
مِمَّا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ بُلُوغَهَا وَلُزُومَ الأَحْكَامِ إيَّاهَا كَانَ بَعْدَ مَا قَالَ النَّبِيُّ عليه السلام لِزَيْدٍ فِي زَيْنَبَ مَا قَالَ , ثُمَّ صَارَ مَا فَضَّلَ اللَّهُ تَعَالَى فَاطِمَةَ مِمَّا ذَكَرْنَا يُوجِبُ فَضْلَهَا عَلَى زَيْنَبَ وَعَلَى مَنْ سِوَاهَا مِمَّنْ فَضَّلَهَا رَسُولُ اللهِ r فِي الآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رُوِيَ فِي ذِكْرِ مَنْ فَضَّلَهُ رَسُولُ اللهِ r وَذَكَرَهُ بِالْكَمَالِ مِنْ النِّسَاءِ نِسَاءٌ ذَكَرَهُنَّ لَيْسَتْ فَاطِمَةُ فِيهِنَّ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ .
مَا قَدْ
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ثنا قَبِيصَةُ عَنْ شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ مُرَّةَ يَعْنِي ابْنَ شَرَاحِيلَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ r كَمُلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ قِيلَ لَهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَانَ قَبْلَ بُلُوغِ فَاطِمَةَ وَاسْتِحْقَاقِهَا الرُّتْبَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا رَسُولُ اللهِ r بِهَا فَعَادَ بِحَمْدِ اللهِ جَمِيعُ مَا رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ إلَى أَنْ لاَ تَضَادَّ فِيهِ وَلاَ إيجَابَ كَشْفِ مَعَانِيهِ عَمَّا ذُكِرَ مِمَّا يُوجِبُهُ , وَأَنَّ كُلَّ فَضْلٍ ذُكِرَ لِغَيْرِ فَاطِمَةَ
مِمَّا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ فَضُلَتْ بِهِ فَاطِمَةُ مُحْتَمِلاً لاََنْ يَكُونَ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صَغِيرَةٌ , ثُمَّ بَلَغَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَصَارَتْ بِالْمَكَانِ الَّذِي جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَذَكَرَهَا بِهِ وَاخْتَصَّهَا بِمَا اخْتَصَّهَا بِهِ فِيهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ r وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِمَّا كَانَ أَمَرَ بِهِ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ مِنْ الأَكْلِ مِمَّا يَلِيهِ مِنْ الطَّعَامِ دُونَ مَا سِوَاهُ مِنْهُ وَمَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى سِوَاهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ الْكُوفِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَعْرُوفُ بِالسُّوسِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي وَجْزَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ : دَخَلْت عَلَى النَّبِيِّ عليه السلام , وَهُوَ يَأْكُلُ فِي بَيْتِ أُمِّي فَقَالَ اجْلِسْ يَا بُنَيَّ سَمِّ اللَّهَ تَعَالَى وَكُلْ بِيَمِينِك وَكُلْ مِمَّا يَلِيك قَالَ فَمَا زَالَتْ أَكْلَتِي بَعْدُ . حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِي وَجْزَةَ عَنْ جَارٍ لِعُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَنَا فَاسِدَ الإِسْنَادِ إذْ كَانَ مِنْ رِوَايَةِ جَارِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ لَنَا فِيهِ وَلَمْ نَعْرِفْهُ فَطَلَبْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَغَيْرِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ هِشَامٍ
فَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ r وَعِنْدَهُ طَعَامٌ فَقَالَ : ادْنُهْ يَا بُنَيَّ فَسَمِّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكُلْ بِيَمِينِك وَكُلْ مِمَّا يَلِيك
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ لَوْلاَ
مَا قَدْ عَارَضَهُ بِمَا قَدْ رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ مُسْتَقِيمَ الإِسْنَادِ , وَلَكِنْ لَمَّا عَارَضَهُ فِي إسْنَادِ مَا رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ كَافَأَهُ وَوَجَبَ تَنَافِيهِ وَإِيَّاهُ لِذَلِكَ , ثُمَّ طَلَبْنَاهُ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ هِشَامٍ
فَوَجَدْنَا أَبَا أُمَيَّةَ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْقَطَوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَالَ لَهُ : سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيك
وَوَجَدْنَا إبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي دَاوُد قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَالَ لَهُ : اُدْنُ فَسَمِّ اللَّهَ تَعَالَى وَكُلْ بِيَمِينِك وَكُلْ مِمَّا يَلِيك فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ حَسَنَ الإِسْنَادِ غَيْرَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ مَوْقُوفًا
كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ أَنَّهُ قَالَ : أُتِيَ رَسُولُ اللهِ r بِطَعَامٍ وَمَعَهُ رَبِيبُهُ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ r سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيك , ثُمَّ طَلَبْنَاهُ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ وَهْبٍ
فَوَجَدْنَا رَوْحَ بْنَ الْفَرَجِ أَبَا الزِّنْبَاعِ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرِ الْمَدِينِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ كَيْسَانَ قَالَ : سَمِعْت عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ يَقُولُ كُنْت غُلاَمًا يَتِيمًا فِي حِجْرِ رَسُولِ اللهِ r فَأَكَلْت مَعَهُ فَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r : يَا غُلاَمُ , إذَا أَكَلْت فَسَمِّ اللَّهَ وَإِذَا أَكَلْت فَكُلْ بِيَمِينِك وَإِذَا أَكَلْت فَكُلْ مِمَّا يَلِيك قَالَ : فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طُعْمَتِي بَعْدُ
وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْجَوَّازُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ سَمِعْت وَهْبَ بْنَ كَيْسَانَ قَالَ سَمِعْت عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ يَقُولُ كُنْت غُلاَمًا فِي حِجْرِ رَسُولِ اللهِ r وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ : عليه السلام يَا غُلاَمُ , سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِك وَكُلْ مِمَّا يَلِيك فَاسْتَقَامَ لَنَا إسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ , ثُمَّ تَأَمَّلْنَا بَعْدَ ذَلِكَ حَدِيثًا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِمَّا يَدْخُلُ هَذَا الْمَعْنَى , وَهُوَ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ r إنَّ الْبَرَكَةَ وَسَطَ الْقَصْعَةِ فَكُلُوا مِنْ نَوَاحِيهَا وَلاَ تَأْكُلُوا مِنْ رَأْسِهَا
وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنَ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ : كُلُوا مِنْ أَسْفَلِ الصَّحْفَةِ فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ أَعْلاَهَا فَاخْتَلَفَ الثَّوْرِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَلَى عَطَاءٍ وَكِلاَهُمَا حُجَّةٌ فِيهِ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيث فَوَصَلَهُ الثَّوْرِيُّ وَوَقَفَهُ حَمَّادٌ عَلَى ابْنِ جُبَيْرٍ
وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ كُلُوا مِنْ حَافَّاتِ الْقَصْعَةِ فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ مِنْ وَسَطِهَا
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَإِنَّمَا أَدْخَلْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مَا رَوَاهُ هَمَّامٌ عَنْ عَطَاءٍ , وَإِنْ كَانَ الَّذِينَ يَعُدُّونَهُمْ الْحُجَّةَ فِي عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالإِسْنَادِ إنَّمَا هُمْ أَرْبَعَةٌ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ; لأَنَّ سَمَاعَ هَمَّامٍ مِنْ عَطَاءٍ إنَّمَا كَانَ بِالْبَصْرَةِ لَمَّا قَدِمَهَا عَلَيْهِمْ وَقَدْ كَانَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ لَمَّا قَدِمَهَا عَلَيْهِمْ عَطَاءُ قَالَ لِلنَّاسِ ائْتُوهُ وَسَلُوهُ عَنْ حَدِيثِهِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو فِي التَّسْبِيحِ فِي دُبُرِ الصَّلاَةِ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ : قَدِمَ عَلَيْنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ الْبَصْرَةَ فَقَالَ لَنَا أَيُّوبُ : ائْتُوهُ فَاسْأَلُوهُ عَنْ حَدِيثِ التَّسْبِيحِ قَالَ الْقَوَارِيرِيُّ يَعْنِي حَدِيثَ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَقَوِيٌّ فِي قُلُوبِنَا سَمَاعُ هَمَّامٍ مِنْهُ إذْ كَانَ بِالْبَصْرَةِ ; لأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ اخْتِلاَطُهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ إلَى الْكُوفَةِ وَتَأَمَّلْنَا حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا هَلْ ضَادَّ حَدِيثَ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْهُ إذْ كَانَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ كُلُوا مِنْ نَوَاحِي الصَّحْفَةِ فَلَمْ يُوجَدْ فِي ذَلِكَ مَا يُوجِبُ تَضَادَّ حَدِيثِ عُمَرَ إذْ كَانَ قَدْ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ عليه السلام كُلُوا مِنْ نَوَاحِي الصَّحْفَةِ أَيْ : يَأْكُلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مِمَّا يَلِيهِ مِنْ نَوَاحِيهَا لاَ يَخْرُجُ عَنْهُ إلَى مَا سِوَاهُ مِنْ نَوَاحِيهَا وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا يُرَادُ بِهِ الأَكْلُ وَحْدَهُ لاَ الأَكْلُ مَعَ غَيْرِهِ إذْ كَانَ تَعَدِّيهِ فِي أَكْلِهِ مَعَ غَيْرِهِ إلَى غَيْرِ مَا يَلِيهِ مِنْ الْقَصْعَةِ الَّتِي يَأْكُلُ مَعَهُ فِيهَا سُوءُ أَدَبٍ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ يَأْكُلُ وَحْدَهُ لَمْ يَكُنْ فِي أَكْلِهِ مِنْ حَيْثُ أَكَلَ مِنْ الصَّحْفَةِ سِوَى وَسَطِهَا سُوءُ أَدَبٍ عَلَى أَحَدٍ ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ هَلْ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا طَلَبْنَاهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْهُمَا
فَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ إنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللهِ r لِطَعَامٍ صَنَعَهُ قَالَ أَنَسٌ فَذَهَبْت مَعَ رَسُولِ اللهِ r إلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ فَقَرَّبَ إلَى رَسُولِ اللهِ r خُبْزًا مِنْ شَعِيرٍ وَقَدِيدًا فِيهِ دُبَّاءٌ قَالَ أَنَسٌ فَرَأَيْت رَسُولَ اللهِ r يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوْلِ الصَّحْفَةِ فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ
فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ أَكْلِ رَسُولِ اللهِ r مِنْ غَيْرِ مَا كَانَ يَلِيهِ مِنْ الْقَصْعَةِ الَّتِي كَانَ يَأْكُلُ فِيهَا ذَلِكَ الطَّعَامَ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ مَا فِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ مِمَّا نَهَاهُ رَسُولُ اللهِ r فِيهِ عَنِ الأَكْلِ مِنْ غَيْرِ مَا يَلِيهِ مِنْ الْقَصْعَةِ الَّتِي كَانَ يَأْكُلُ مَعَهُ فِيهَا إنَّمَا كَانَ لأَكْلِهِ مَعَ غَيْرِهِ , وَأَنَّ مَا فِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مِنْ أَكْلِ رَسُولِ اللهِ r مِنْ غَيْرِ مَا يَلِيهِ مِنْ الْقَصْعَةِ الَّتِي كَانَ يَأْكُلُ فِيهَا إنَّمَا كَانَ لأَكْلِهِ وَحْدَهُ فَخَرَجَ بِذَلِكَ جَمِيعُ مَا رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ التَّضَادِّ وَعَقَلْنَا أَنَّهُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خِلاَفُ الْمَعْنَى الآخَرِ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رَوَاهُ جَابِرٌ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ مَنْ هَذَا فَقَالَ جَابِرٌ أَنَا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عليه السلام أَنَا أَنَا وَكَأَنَّهٌ كَرِهَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ : اسْتَأْذَنْت عَلَى النَّبِيِّ r فَقَالَ : مَنْ هَذَا فَقُلْت : أَنَا فَقَالَ : أَنَا أَنَا وَكَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ . وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالاَ ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ : أَتَيْت النَّبِيَّ عليه السلام فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَى أَبِي فَضَرَبْت الْبَابَ فَقَالَ : مَنْ ذَا فَقُلْت أَنَا فَقَالَ : أَنَا أَنَا كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ مَعْنَى هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r . لَمَّا قَرَعَ جَابِرٌ عَلَيْهِ الْبَابَ فَقَالَ لَهُ مَنْ هَذَا إذْ كَانَ لَمْ يَعْرِفْهُ لِيَعْرِفَهُ فَأَجَابَهُ جَابِرٌ بِمَا أَجَابَهُ بِهِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ بِذَلِكَ فَكَانَ سُؤَالُهُ عليه السلام إيَّاهُ مَنْ هَذَا يَقْتَضِي جَوَابًا لَمْ يَكُنْ مِنْ جَابِرٍ إلَى حِينَئِذٍ فَكَرِهَ ذَلِكَ مِنْهُ رَسُولُ اللهِ r وَأَرَادَ مِنْهُ جَوَابًا يُفِيدُهُ عِلْمَ الَّذِي دَقَّ الْبَابَ مَنْ هُوَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِنْ نَهْيِهِ عَنْ الْجُلُوسِ بِالصُّعُدَاتِ وَمِنْ إبَاحَتِهِ ذَلِكَ عَلَى الشَّرَائِطِ الَّتِي اشْتَرَطَهَا فِي إبَاحَتِهِ ذَلِكَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سِنَانٍ الْهَرَوِيُّ ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ سَمِعْت إِسْحَاقَ بْنَ سُوَيْد يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ حُجَيْرٍ الْعَدَوِيِّ قَالَ سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ أَتَى عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ r وَنَحْنُ جُلُوسٌ عَلَى الطَّرِيقِ فَقَالَ : إيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى هَذِهِ الطُّرُقِ فَإِنَّهَا مَجَالِسُ الشَّيْطَانِ فَإِنْ كُنْتُمْ لاَ مَحَالَةَ فَأَدُّوا حَقَّ الطَّرِيقِ , ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللهِ r فَقُلْت قَالَ رَسُولُ اللهِ r أَدُّوا حَقَّ الطَّرِيقِ وَلَمْ أَسْأَلْهُ مَا هُوَ فَلَحِقْتُهُ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللهِ إنَّك قُلْت كَذَا , وَكَذَا فَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ قَالَ : حَقُّ الطَّرِيقِ أَنْ تَرُدَّ السَّلاَمَ وَتَغُضَّ الْبَصَرَ وَتَكُفَّ الأَذَى وَتَهْدِيَ الضَّالَّ وَتُعِينَ الْمَلْهُوفَ وَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُوَيْد عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام بِهَذَا الْحَدِيثِ مُنْقَطِعِ الإِسْنَادِ كَمَا ذَكَرْنَا وَبِدُونِ الْكَلاَمِ الَّذِي فِي حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ .
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ثنا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ثنا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ ثنا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : قَالَ : أَبُو طَلْحَةَ كُنَّا جُلُوسًا بِالأَفْنِيَةِ فَمَرَّ بِنَا رَسُولُ اللهِ r فَقَالَ : مَا لَكُمْ وَلِمَجَالِسِ الصُّعُدَاتِ فَقُلْنَا : اجْتَمَعْنَا لِغَيْرِ مُرَابٍ نَتَذَاكَرُ وَنَتَحَدَّثُ قَالَ : فَأَعْطُوا الْمَجَالِسَ حَقَّهَا قَالُوا : وَمَا حَقُّهَا يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ : غَضُّ الْبَصَرِ وَرَدُّ السَّلاَمِ وَطِيبُ الْكَلاَمِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا هُرَيْمُ بْنُ سُفْيَانَ الْبَجَلِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ : إيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الصُّعُدَاتِ فَمَنْ جَلَسَ فِي صَعِيدٍ فَلْيُعْطِهِ حَقَّهُ قَالُوا : وَمَا حَقُّهُ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ : إغْضَاضُ الْبَصَرِ وَرَدُّ التَّحِيَّةِ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ . حَدَّثَنَا يُونُسُ ثنا ابْنُ وَهْبٍ ثنا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ : إيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ لاَ بُدَّ مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلاَّ الْمَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ قَالُوا وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ : غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الأَذَى وَرَدُّ السَّلاَمِ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ إنَّ رَسُولَ اللهِ r مَرَّ بِنَاسٍ مِنْ الأَنْصَارِ فَقَالَ : إنْ كُنْتُمْ لاَ بُدَّ فَاعِلِينَ فَأَفْشُوا السَّلاَمَ وَأَعِينُوا الْمَظْلُومَ وَاهْدُوا السَّبِيلَ . حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام مَرَّ بِنَاسٍ جُلُوسٍ مِنْ الأَنْصَارِ فَقَالَ : إنْ كُنْتُمْ لاَ بُدَّ فَاعِلِينَ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ قَالَ شُعْبَةُ وَلَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو إِسْحَاقَ مِنْ الْبَرَاءِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهَذَا اخْتِلاَفٌ شَدِيدٌ عَلَى شُعْبَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ; لأَنَّ حَجَّاجًا يَذْكُرْ فِيهِ سَمَاعَ أَبِي إِسْحَاقَ إيَّاهُ مِنْ الْبَرَاءِ وَأَبُو الْوَلِيدِ يَنْفِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا الصَّوَابِ فِيهِ . حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ مَالِكُ بْنُ إسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ : مَرَّ النَّبِيُّ عليه السلام عَلَى مَجْلِسٍ لِلأَنْصَارِ فَقَالَ إنْ أَبَيْتُمْ إِلاَّ أَنْ تَجْلِسُوا فَرُدُّوا السَّلاَمَ وَاهْدُوا السَّبِيلَ وَأَعِينُوا الْمَظْلُومَ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذِهِ الآثَارِ
فَوَجَدْنَا فِيهَا نَهْيَ رَسُولِ اللهِ r عَنْ الْجُلُوسِ بِالصُّعُدَاتِ , ثُمَّ أَبَاحَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا أَبَاحَهُ مِنْ الْجُلُوسِ فِيهَا عَلَى الشَّرَائِطِ الَّتِي اشْتَرَطَهَا عَلَى مَنْ أَبَاحَهُ ذَلِكَ مِنْهَا .
فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ نَهْيَهُ كَانَ عَلَى الْجُلُوسِ فِيهَا إنَّمَا كَانَ عَلَى الْجُلُوسِ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ الشَّرَائِطُ الَّتِي اشْتَرَطَهَا عِنْدَ إبَاحَتِهِ الْجُلُوسَ فِيهَا عَلَى مَنْ آثَرَ أَنْ يَجْلِسَ فِيهَا وَعَلَى أَنَّ إبَاحَتَهُ الْجُلُوسَ فِيهَا مُضَمَّنٌ بِالشَّرَائِطِ الَّتِي اشْتَرَطَهَا فِي إبَاحَتِهِ الْجُلُوسَ فِيهَا عَلَى مَنْ أَبَاحَهُ ذَلِكَ مِنْهَا وَفِي ذَلِكَ
مَا قَدْ دَلَّ عَلَى تَبَايُنِ نَهْيِهِ r وَتَبَايُنِ إبَاحَتِهِ , وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَعْنًى لَيْسَ فِي الآخَرِ مِنْهُمَا وَفِي هَذِهِ الآثَارِ مَا يَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ النَّاسِ الاِسْتِعْمَالَ مِنْ طُرُقِهِمْ الْعَامَّةِ مَا لاَ ضَرَرَ فِيهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِهَا وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ مَعْقُولاً أَنَّ الْجُلُوسَ فِيهَا إنْ كَانَ مِمَّا يُضَيِّقُ عَلَى الْمَارِّينَ بِهَا جُلُوسَ الْجَالِسِينَ بِهَا إيَّاهَا غَيْرُ دَاخِلٍ فِيمَا أَبَاحَهُ عليه السلام مِنْهَا , وَأَنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إلَى مَا فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ الْجُهَنِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r أَمَرَ مُنَادِيًا فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ لَمَّا ضَيَّقَ النَّاسُ الْمَنَازِلَ وَقَطَعُوا الطُّرُقَاتِ فَنَادَى أَنَّ مَنْ ضَيَّقَ مَنْزِلاً وَقَطَعَ طَرِيقًا فَلاَ جِهَادَ لَهُ . وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا وَالْوَاجِبُ عَلَى ذَوِي اللُّبِّ أَنْ يَعْقِلُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ r مَا يُخَاطِبُ بِهِ أُمَّتَهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُخَاطِبُهُمْ بِهِ لِيُوقِفَهُمْ عَلَى حُدُودِ دِينِهِمْ وَعَلَى الآدَابِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُونَهَا فِيهِ وَعَلَى الأَحْكَامِ الَّتِي يَحْكُمُونَ بِهَا فِيهِ وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لاَ تَضَادَّ فِيهَا , وَأَنَّ كُلَّ مَعْنًى مِنْهَا يُخَاطِبُهُمْ بِهِ يُخَالِفُ أَلْفَاظُهُ فِيهِ الأَلْفَاظَ الَّتِي قَدْ كَانَ خَاطَبَهُمْ فِيمَا قَبْلَهُ مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَأَنْ يَطْلُبُوا مَا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَيْنِك الْمَعْنَيَيْنِ إذَا وَقَعَ فِي قُلُوبِهِمْ أَنَّ فِي ذَلِكَ تَضَادًّا أَوْ خِلاَفًا فَإِنَّهُمْ يَجِدُونَهُ بِخِلاَفِ مَا ظَنُّوهُ فِيهِ , وَإِنْ خَفِيَ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِهِمْ فَإِنَّمَا هُوَ لِتَقْصِيرِ عِلْمِهِ عَنْهُ لاَ لأَنَّ فِيهِ مَا ظَنَّهُ مِنْ تَضَادٍّ أَوْ خِلاَفٍ ; لأَنَّ مَا تَوَلَّاهُ اللَّهُ بِخِلاَفِ ذَلِكَ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِي اسْمِ اللهِ الأَعْظَمِ أَيُّ أَسْمَائِهِ هُوَ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَمَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ سَمِعَ النَّبِيُّ عليه السلام رَجُلاً يَقُولُ : اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ فَقَالَ : لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِاسْمِهِ الَّذِي إذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى . حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْر حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ : مَرَّ النَّبِيُّ r بِرَجُلٍ يُصَلِّي , وَهُوَ : يَقُولُ اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ لاَ إلَهَ إِلاَّ أَنْتَ يَا مَنَّانُ يَا بَدِيعَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r لِنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ تَدْرُونَ مَا دَعَا الرَّجُلُ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ دَعَا رَبَّهُ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الَّذِي إذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ثنا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنْت قَاعِدًا مَعَ رَسُولِ اللهِ r فِي حَلْقَةٍ فَقَامَ رَجُلٌ يُصَلِّي فَلَمَّا رَكَعَ وَسَجَدَ وَقَعَدَ فَتَشَهَّدَ دَعَا فَقَالَ : اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِأَنَّ لَك الْحَمْدَ لاَ إلَهَ إِلاَّ أَنْتَ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r أَتَدْرُونَ مَا دَعَا قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : إنَّهُ دَعَا بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَهَذِهِ الآثَارُ قَدْ رُوِيَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مُتَّفِقَةً فِي اسْمِ اللهِ الأَعْظَمِ أَنَّهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذَا شَيْءٌ نَحْنُ ذَاكِرُوهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ مَا أَجَازَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْعَبَّاسِ الرَّازِيّ وَأَعْلَمَنَا أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ مُوسَى بْنِ نَصْرٍ الرَّازِيِّ وَأَنَّ مُوسَى بْنَ نَصْرٍ ثنا بِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ الرَّازِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ اسْمُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الأَكْبَرُ هُوَ اللَّهُ قَالَ مُحَمَّدٌ أَلاَ تَرَى أَنَّ الرَّحْمَنَ اُشْتُقَّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَالرَّبَّ مِنْ الرُّبُوبِيَّةِ وَذَكَرَ أَشْيَاءَ نَحْوَ هَذَا وَاَللَّهُ غَيْرُ مُشْتَقٍّ مِنْ شَيْءٍ قَالَ هِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الرَّازِيّ فَمَا أَدْرِي أَفَسَّرَ مُحَمَّدٌ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ أَمْ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِي غَيْرِ هَذِهِ الآثَارِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلاَفِ مَا فِي هَذِهِ الآثَارِ فَذَكَرَ .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الشَّيْرَزِيُّ ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَلاَءِ أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ أَبَا عَبْدَ الرَّحْمَانِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ يَرْفَعُهُ قَالَ اسْمُ اللهِ الأَعْظَمُ الَّذِي إذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ فِي سُوَرٍ ثَلاَثٍ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ سَمِعْت عِيسَى بْنَ مُوسَى يَقُولُ لاِبْنِ زَبْرٍ يَا أَبَا زَبْرٍ سَمِعْت غَيْلاَنَ بْنَ أَنَسٍ قَالَ سَمِعْت الْقَاسِمَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَانِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ إنَّ اسْمَ اللهِ الأَعْظَمَ لَفِي ثَلاَثِ سُوَرٍ مِنْ الْقُرْآنِ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ قَالَ أَبُو حَفْصٍ فَنَظَرْت فِي هَذِهِ السُّوَرِ الثَّلاَثِ فَرَأَيْت فِيهَا أَشْيَاءَ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مِثْلُهَا آيَةُ الْكُرْسِيِّ اللَّهُ لاَ إلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَفِي آلِ عِمْرَانَ اللَّهُ لاَ إلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَفِي طَه وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ أَنَّ مَا اسْتَخْرَجَهُ أَبُو حَفْصٍ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِيهِ اللَّهُ وَاَلَّذِي اسْتَخْرَجَهُ مِنْ آلِ عِمْرَانَ كَذَلِكَ أَيْضًا فِيهِ اللَّهُ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ خَارِجًا مِنْ الآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِي هَذَا الْبَابِ وَلاَ مُخَالِفًا لِمَا فِيهَا وَكَانَ مَا اسْتَخْرَجَهُ مِمَّا فِي طَه قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَمَا اسْتَخْرَجَهُ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ اسْمَ اللهِ الأَعْظَمَ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ مَا فِي طَه سِوَى ذَلِكَ , وَهُوَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى فِيهَا وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى اللَّهُ لاَ إلَهَ إِلاَّ هُوَ الآيَةَ فَيَرْجِعُ مَا فِي طَه إلَى مِثْلِ مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَمَا فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ أَنَّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ الأَنْصَارِيَّةِ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام فِي ذَلِكَ مَا يُخَالِفُ الْحَدِيثَ الَّذِي اسْتَخْرَجَ مِنْهُ أَبُو حَفْصٍ مَا اسْتَخْرَجَ
كَمَا
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إبْرَاهِيمَ ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ r يَقُولُ إنَّ فِي هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ اسْمَ اللهِ الأَعْظَمَ وَإِلَهُكُمْ إلَهٌ وَاحِدٌ لاَ إلَهَ إِلاَّ هُوَ وَ الم اللَّهُ لاَ إلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ثنا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ شَهْرٍ عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r مِثْلَهُ فَكَانَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مَوْضِعُ اسْمِ اللهِ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَمِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ بِمَا لَيْسَ فِي إحْدَاهُمَا ذِكْرُ الْحَيِّ الْقَيُّومِ وَفِيهِمَا جَمِيعًا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا يَجِبُ بِهِ أَنْ يُعْقَلَ أَنَّ الَّذِي فِي سُورَةِ طَه هُوَ ذَلِكَ أَيْضًا لاَ مَا ذَكَرَهُ أَبُو حَفْصٍ وَكَانَ فِيمَا ذَكَرْنَا
مَا قَدْ وَافَقَهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ فَكَانَ قَوْلُهُمْ اللَّهُمَّ إنَّمَا كَانَ الأَصْلُ فِيهِ يَا اللَّهُ فَلَمَّا حَذَفُوا الْيَاءَ مِنْ أَوَّلِ الْحَرْفِ زَادُوا الْمِيمَ فِي آخِرِهِ لِيَرْجِعَ الْمَعْنَى الَّذِي فِي يَا اللَّهُ وَفِيمَا رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ r تَصْدِيقُ بَعْضِهِ بَعْضًا وَانْتَفَى الاِخْتِلاَفُ مِنْهُ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِنْ دُعَائِهِ اللَّهُمَّ قَوِّ فِي طَاعَتِك ضَعْفِي . حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْمَعْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ الْعَلاَءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي دَاوُد الْهَمْدَانِيِّ عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ r أَلاَ أُعَلِّمُك كَلِمَاتٍ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا عَلَّمَهُ إيَّاهَا , ثُمَّ لَمْ يَنْسَهُنَّ أَبَدًا اللَّهُمَّ إنِّي ضَعِيفٌ فَقَوِّ فِي رِضَاك ضَعْفِي وَخُذْ إلَى الْخَيْرِ بِنَاصِيَتِي وَاجْعَلْ الإِسْلاَمَ مُنْتَهَى رِضَايَ اللَّهُمَّ إنِّي ضَعِيفٌ فَقَوِّنِي وَإِنِّي ذَلِيلٌ فَأَعِزَّنِي وَإِنِّي فَقِيرٌ فَأَغْنِنِي . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا مِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا الْعَلاَءُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي دَاوُد الْهَمْدَانِيِّ عَنْ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ , ثُمَّ لَمْ يَسْأَلْهُنَّ إيَّاهُ أَبَدًا فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللهِ r
فَوَجَدْنَا الضَّعْفَ لاَ يَكُونُ قُوَّةً أَبَدًا
وَوَجَدْنَا الْقُوَّةَ لاَ تَكُونُ ضَعْفًا أَبَدًا ; لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضِدٌّ لِصَاحِبِهِ وَلاَ يَكُونُ الشَّيْءُ ضِدًّا لِنَفْسِهِ أَبَدًا إنَّمَا يَكُونُ ضِدًّا لِغَيْرِهِ وَكَانَ الضَّعْفُ وَالْقُوَّةُ لاَ يَقُومَانِ بِأَنْفُسِهِمَا إنَّمَا يَكُونَانِ حَالَّيْنِ فِي أَبْدَانِ الْحَيَوَانِ مِنْ بَنِي آدَمَ وَمِمَّا سِوَاهُمْ فَيَعُودُ مَا يَحُلُّ فِيهِ الضَّعْفُ مِنْهُمَا ضَعِيفًا وَمَا يَحُلُّ فِيهِ الْقُوَّةُ مِنْهُمَا قَوِيًّا . فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ دُعَاءَهُ r اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَجْعَلَ ضَعْفَهُ قَوِيًّا إنَّمَا مُرَادُهُ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَجْعَلَ مَا فِيهِ الضَّعْفُ مِنْهُ , وَهُوَ بَدَنُهُ قَوِيًّا فَهَذَا أَحْسَنُ مَا وَجَدْنَاهُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ , وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِنْ قَوْلِهِ إذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَبْرُكْ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ , وَلَكِنْ لِيَضَعْ يَدَيْهِ ثُمَّ رُكْبَتَيْهِ . حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ r إذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَبْرُكْ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ , وَلَكِنْ يَضَعُ يَدَيْهِ , ثُمَّ رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ قَائِلٌ : هَذَا كَلاَمٌ مُسْتَحِيلٌ ; لأَنَّهُ نَهَاهُ إذَا سَجَدَ أَنْ يَبْرُكَ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ وَالْبَعِيرُ إنَّمَا يَنْزِلُ عَلَى يَدَيْهِ , ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ , وَلَكِنْ لِيَضَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا نَهَاهُ عَنْهُ فِي أَوَّلِهِ قَدْ أَمَرَهُ بِهِ فِي آخِرِهِ . فَتَأَمَّلْنَا مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ فَوَجَدْنَاهُ مُحَالاً
وَوَجَدْنَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُسْتَقِيمًا لاَ إحَالَةَ فِيهِ , وَذَلِكَ أَنَّ الْبَعِيرَ رُكْبَتَاهُ فِي يَدَيْهِ , وَكَذَلِكَ كُلُّ ذِي أَرْبَعٍ مِنْ الْحَيَوَانِ وَبَنُو آدَمَ بِخِلاَفِ ذَلِكَ ; لأَنَّ رُكَبَهُمْ فِي أَرْجُلِهِمْ لاَ فِي أَيْدِيهِمْ فَنَهَى رَسُولُ اللهِ r فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُصَلِّيَ أَنْ يَخِرَّ عَلَى رُكْبَتَيْهِ اللَّتَيْنِ فِي رِجْلَيْهِ كَمَا يَخِرُّ الْبَعِيرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ اللَّتَيْنِ فِي يَدَيْهِ , وَلَكِنْ يَخِرُّ لِسُجُودِهِ عَلَى خِلاَفِ ذَلِكَ فَيَخِرُّ عَلَى يَدَيْهِ اللَّتَيْنِ لَيْسَ فِيهِمَا رُكْبَتَاهُ بِخِلاَفِ مَا يَخِرُّ الْبَعِيرُ عَلَى يَدَيْهِ اللَّتَيْنِ فِيهِمَا رُكْبَتَاهُ فَبَانَ بِحَمْدِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ أَنَّ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللهِ r كَلاَمٌ صَحِيحٌ لاَ تَضَادَّ فِيهِ وَلاَ اسْتِحَالَةَ فِيهِ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِنْ قَوْلِهِ إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ثَوْرَانِ مُكَوَّرَانِ فِي النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ الْعَمِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الدَّانَاجِ قَالَ شَهِدْت أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَانِ جَلَسَ فِي مَسْجِدٍ فِي زَمَنِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدَ قَالَ فَجَاءَ الْحَسَنُ فَجَلَسَ إلَيْهِ فَتَحَدَّثَا فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ثَوْرَانِ مُكَوَّرَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ الْحَسَنُ مَا ذَنْبُهُمَا فَقَالَ إنَّمَا أُحَدِّثُك عَنْ رَسُولِ اللهِ r فَسَكَتَ الْحَسَنُ فَكَانَ مَا كَانَ مِنْ الْحَسَنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إنْكَارًا عَلَى أَبِي سَلَمَةَ إنَّمَا كَانَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِمَا وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُمَا يُلْقَيَانِ فِي النَّارِ لِيُعَذَّبَا بِذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ لَهُ عَنْ ذَلِكَ جَوَابٌ وَجَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ إنَّمَا يُكَوَّرَانِ فِي النَّارِ لِيُعَذِّبَا أَهْلَ النَّارِ لاَ أَنْ يَكُونَا مُعَذَّبَيْنِ فِي النَّارِ وَأَنْ يَكُونَا فِي تَعْذِيبِ مَنْ فِي النَّارِ كَسَائِرِ مَلاَئِكَةِ اللهِ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ أَهْلَهَا أَلاَ تَرَى إلَى قوله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ أَيْ : مِنْ تَعْذِيبِ أَهْلِ النَّارِ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ , وَكَذَلِكَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ هُمَا فِيهَا بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ مُعَذِّبَانِ لأَهْلِ النَّارِ بِذُنُوبِهِمْ لاَ مُعَذَّبَانِ فِيهَا إذْ لاَ ذُنُوبَ لَهُمَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا وَفِيهِ زِيَادَةُ أَنَّهُمَا عَقِيرَانِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْقُرَشِيُّ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ , وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ ابْنُ النَّطَّاحِ وَيُضَافُ وَلاَؤُهُ إلَى جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْهَاشِمِيِّ حَدَّثَنَا دُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ الْقُشَيْرِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهُوَ الرَّقَاشِيُّ حَدَّثَنَا أَنَسٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ r الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ثَوْرَانِ عَقِيرَانِ فِي النَّارِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَمَعْنَى الْعُقْرِ الَّذِي ذُكِرَ أَنَّهُ لَهُمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِاللُّغَةِ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْعُقْرَ لَهُمَا عُقُوبَةً لَهُمَا إذْ كَانَ ذَلِكَ لاَ يَجُوزُ فِيهِمَا إذْ كَانَا فِي الدُّنْيَا مِنْ عِبَادَةِ اللهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُمَا بِهِ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَذَكَرَ مَعَهُمَا مَنْ ذَكَرَ مَعَهُمَا فِي هَذِهِ الآيَةِ حَتَّى أَتَى عَلَى قوله تعالى وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ فَأَخْبَرَ أَنَّ عَذَابَهُ إنَّمَا يَحِقُّ عَلَى غَيْرِ مَنْ يَسْجُدُ لَهُ فِي الدُّنْيَا , وَلَكِنَّهُمَا كَانَا فِي الدُّنْيَا يَسْبَحَانِ فِي الْفَلَكِ الَّذِي كَانَا يَسْبَحَانِ فِيهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى لاَ الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ الآيَةَ , ثُمَّ أَعَادَهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُوَكَّلَيْنِ بِالنَّارِ كَغَيْرِهِمَا مِنْ مَلاَئِكَتِهِ الْمُوَكَّلِينَ بِهَا فَقَطَعَهُمَا بِذَلِكَ عَمَّا كَانَا فِيهِ مِنْ الدُّنْيَا مِنْ السِّبَاحَةِ فَعَادَا بِانْقِطَاعِهِمَا عَنْ ذَلِكَ كَالزَّمِنَيْنِ بِالْعُقْرِ فَقِيلَ لَهُمَا عَقِيرَانِ عَلَى اسْتِعَارَةِ هَذَا الاِسْمِ لَهُمَا لاَ عَلَى حَقِيقَةِ حُلُولِ عَقْرٍ بِهِمَا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِنْ قَوْلِهِ بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْبَغْدَادِيُّ أَبُو بَكْرٍ ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي أَبُو قِلاَبَةَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ r بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا .
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ قَالَ قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ لأَبِي عَبْدِ اللهِ أَوْ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ لأَبِي مَسْعُودٍ أَمَا سَمِعْت رَسُولَ اللهِ r يَقُولُ فِي زَعَمُوا بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِي وَصْفِهِ زَعَمُوا بِمَا وَصَفَهَا بِهِ وَذِكْرُهُ إيَّاهَا أَنَّهَا بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ
فَوَجَدْنَا زَعَمُوا لَمْ تَجِئْ فِي الْقُرْآنِ إِلاَّ فِي الإِخْبَارِ عَنْ الْمَذْمُومِينَ بِأَشْيَاءَ مَذْمُومَةٍ كَانَتْ مِنْهُمْ . فَمِنْ ذَلِكَ قوله تعالى زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا , ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَمِنْ ذَلِكَ قوله تعالى قُلْ اُدْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِإِخْبَارِهِ بِعَجْزِهِمْ أَنْ دَعَوْهُمْ بِذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً وَمِنْ ذَلِكَ قوله تعالى وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمْ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ , ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ الآيَةَ . وَمِنْ ذَلِكَ قوله تعالى وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنْ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَمِنْ ذَلِكَ قوله تعالى وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَمِنْ ذَلِكَ قوله تعالى أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمْ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ وَمِنْ ذَلِكَ قوله تعالى أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ الآيَةَ وَكُلُّ هَذِهِ الأَشْيَاءِ إخْبَارٌ مِنْ اللهِ تَعَالَى بِهَا عَنْ قَوْمٍ مَذْمُومِينَ فِي أَحْوَالٍ لَهُمْ مَذْمُومَةٍ وَبِأَقْوَالٍ كَانَتْ مِنْهُمْ كَانُوا فِيهَا كَاذِبِينَ مُفْتَرِينَ عَلَى اللهِ تَعَالَى فَكَانَ مَكْرُوهًا لأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ لُزُومُ أَخْلاَقِ الْمَذْمُومِينَ فِي أَخْلاَقِهِمْ الْكَافِرِينَ فِي أَدْيَانِهِمْ الْكَاذِبِينَ فِي أَقْوَالِهِمْ وَكَانَ الأَوْلَى بِأَهْلِ الإِيمَانِ لُزُومَ أَخْلاَقِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ سَبَقُوهُمْ بِالإِيمَانِ وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْمَحْمُودَةِ وَالأَقْوَالِ الصَّادِقَةِ الَّتِي حَمِدَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ وَرَحْمَتُهُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِنْ أَمْرِهِ مَنْ قِبَلَهُ مَظْلِمَةٌ لأَخِيهِ فِي عِرْضٍ أَوْ فِي مَالٍ أَنْ يَتَحَلَّلَهُ مِنْهَا فِي الدُّنْيَا . حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلِمَةٌ مِنْ أَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ مَالِهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ حِينَ لاَ يَكُونُ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ وَإِلَّا أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَتْ عَلَيْهِ . حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ الْخُرَاسَانِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لأَخِيهِ فِي عِرْضٍ أَوْ فِي مَالٍ فَلْيَأْتِهِ فَلْيُحَلِّلْهُ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَكَانَ مَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ مِنْهُ مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلِمَةٌ مِنْ أَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ مَالِهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ فَكَانَ مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَلْيَتَحَلَّلْهُ بِمَا يَتَحَلَّلُ بِهِ مِنْ مِثْلِهِ مِنْ دَفْعِ مَالٍ مَكَانَ مَالٍ وَمِنْ عَفْوٍ عَنْ عُقُوبَةٍ وَجَبَتْ فِي انْتِهَاكِهِ عِرْضَهُ ; لأَنَّ ذَلِكَ الاِنْتِهَاكَ يُوجِبُ عَلَى الْمُنْتَهِكِ الْعُقُوبَةَ فِي بَدَنِهِ كَقَوْلِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ : يَا فَاسِقُ أَوْ يَا خَبِيثُ أَوْ يَا سَارِقُ وَلاَ تَقُومُ الْحُجَّةُ لَهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَعَلَى ذَلِكَ الْقَائِلِ الْعُقُوبَةُ وَلِلْوَاجِبَةِ لَهُ تِلْكَ الْعُقُوبَةُ الْعَفْوُ عَنْهُ لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ , وَذَلِكَ التَّحْلِيلُ الَّذِي يُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعُقُوبَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ مَكَانَ ذَلِكَ فَلْيَأْتِهِ فَلْيُحَلِّلْهُ مِنْهَا فَذَلِكَ عَلَى إتْيَانِ مَنْ لَهُ الْمَظْلِمَةُ لاَ عَلَى إتْيَانِ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ , وَذَلِكَ بَعِيدٌ فِي الْمَعْنَى ; لأَنَّ الَّذِي لَهُ الْمَظْلِمَةُ غَيْرُ مَخُوفٍ عَلَيْهِ مِنْهَا فِي الآخِرَةِ وَإِنَّمَا الْخَوْفُ فِي الآخِرَةِ عَلَى مَنْ هِيَ قِبَلَهُ فَبَانَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الأَوْلَى مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ مَالِكٌ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ مَا رَوَاهُ عَلَيْهِ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ لاَ مَا رَوَاهُ عَلَيْهِ مَالِكٌ , ثُمَّ رَجَعْنَا إلَى مَا فِي حَدِيثِهِمَا جَمِيعًا مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ r مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ حِينَ لاَ يَكُونُ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ وَإِلَّا أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَتْ عَلَيْهِ فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ رَاجِعًا عَلَى الْمَظْلِمَةِ فِي الْمَالِ لاَ عَلَى الْمَظْلِمَةِ فِي الْعِرْضِ ; لأَنَّ الْمَظْلِمَةَ فِي الْمَالِ تُوجِبُ مَالاً , وَهُوَ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ فَإِذَا كَانَ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِمَا عَادَ صَاحِبُ الْمَظْلِمَةِ فِي حَقِّهِ بِمَظْلِمَتِهِ إلَى حَسَنَاتِ ظَالِمِهِ وَأُخِذَ مِنْهَا بِقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِهِ فَأُلْقِيَ عَلَى ظَالِمِهِ بِمِقْدَارِ مَظْلِمَتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمَظْلِمَةُ فِي الْعِرْضِ ; لأَنَّ الْوَاجِبَ بِهَا هُوَ الْعُقُوبَةُ فِي بَدَنِ الظَّالِمِ بِجَلْدِهِ عَلَيْهَا , وَذَلِكَ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ فِي الآخِرَةِ مِنْ بَدَنِهِ كَمَا كَانَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا وَمِمَّا يُقَوِّي مَا قُلْنَاهُ فِي ذَلِكَ
مَا قَدْ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ عَائِشَةَ ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ ثنا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ عليه السلام نَبِيُّ التَّوْبَةِ مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ بِزِنًا بَرِيئًا مِمَّا قَالَهُ لَهُ أَقَامَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَدًّا إِلاَّ أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ ثنا عَبْدُ اللهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ الْبَجَلِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ نَبِيُّ التَّوْبَةِ r مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ بِزِنًا بَرِيئًا مِمَّا قَالَ أَقَامَ عَلَيْهِ الْحَدَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا سُوَيْد بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ الْفُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَلَمْ يَقُلْ بِزِنًا .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد ثنا مُسَدَّدٌ ثنا يَحْيَى , وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ r مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكًا , وَهُوَ بَرِيءٌ مِمَّا قَالَ جُلِدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَقَدْ كَانَ الْعَبْدُ فِي الدُّنْيَا عَاجِزًا أَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ مِنْ مَوْلاَهُ وَمِمَّنْ سِوَاهُ بِالرِّقِّ الَّذِي فِيهِ وَلَمَّا أَزَالَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الآخِرَةِ وَرَدَّهُ إلَى أَحْكَامِ مَنْ سِوَاهُ مِنْ بَنِي آدَمَ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلْحُدُودِ عَلَى قَاذِفِيهِمْ ذَهَبَ الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ يَمْنَعُهُ مِنْ أَخْذِهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا فَأَخَذَهُ لَهُ فِي الآخِرَةِ كَمَا كَانَ يَأْخُذُهُ فِي الدُّنْيَا لَوْ انْطَلَقَ لَهُ الأَخْذُ بِهِ فِيهَا
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ جَاءَ الْخِطَابُ فِي حَدِيثِ التَّحْلِيلِ مِنْ الْغِيبَةِ الَّذِي رَوَيْتُهُ بِالْمَظْلِمَةِ فِي الْعِرْضِ وَالْمَالِ جَمِيعًا فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ بِشَيْءٍ مِنْ الْكَلاَمِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ عَلَى بَعْضِ مَا اُبْتُدِئَ بِهِ دُونَ بَقِيَّتِهِ قِيلَ لَهُ الْعَرَبُ تَفْعَلُ هَذَا كَثِيرًا تُخَاطِبُ بِالشَّيْءِ بِعَقِبِ ذِكْرِ شَيْئَيْنِ تُرِيدُ بِخِطَابِهَا أَحَدَ ذَيْنِك الشَّيْئَيْنِ جَمِيعًا وَمِنْ ذَلِكَ قوله تعالى مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ ثُمَّ قَالَ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ وَإِنَّمَا يَخْرُجَانِ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الآخَرِ وَمِنْ ذَلِكَ قوله تعالى يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ وَالرُّسُلُ إنَّمَا كَانُوا مِنْ الإِنْسِ لاَ مِنْ الْجِنِّ . وَمِنْ ذَلِكَ مَا يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام
مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَاهُ يُونُسُ ثنا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي إدْرِيسَ عَنْ عُبَادَةَ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ عليه السلام فِي مَجْلِسٍ فَقَالَ تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاَللَّهِ شَيْئًا الآيَةَ فَمَنْ أَوْفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا فَعُوقِبَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَمْرُهُ إلَى اللهِ إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ , وَإِنْ شَاءَ رَحِمَهُ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ مَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ فَعُوقِبَ عَلَى شِرْكِهِ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْعُقُوبَةُ كَفَّارَةً لَهُ ; لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ إنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ , وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يُعَاقَبْ وَسُتِرَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ فَكَانَ قَوْلُهُ عليه السلام فَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إنَّمَا هُوَ عَلَى بَعْضِ تِلْكَ الأَشْيَاءِ لاَ عَلَى كُلِّهَا , فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي تَحْوِيلِ بَعْضِ حَسَنَاتِ الظَّالِمِ إلَى الْمَظْلُومِ وَفِي تَحْوِيلِ بَعْضِ سَيِّئَاتِ الْمَظْلُومِ إلَى الظَّالِمِ لَيْسَ ذَلِكَ فِي الظُّلْمِ فِي الأَعْرَاضِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي الظُّلْمِ فِي الأَمْوَالِ لاَ الظُّلْمِ فِي الأَعْرَاضِ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِيمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ مُتَعَمِّدًا هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ أَمْ لاَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ يَعْنِي ابْنَ هُرْمُزٍ الأَعْرَجَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ الَّذِي يَخْنُقُ نَفْسَهُ يَخْنُقُ نَفْسَهُ فِي النَّارِ وَاَلَّذِي يَقْتَحِمُ نَفْسَهُ يَقْتَحِمُ نَفْسَهُ فِي النَّارِ وَاَلَّذِي يَطْعَنُ نَفْسَهُ يَطْعَنُ نَفْسَهُ فِي النَّارِ . حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ النَّخَعِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي ثنا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا , وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا , وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِسُمٍّ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْمَكِّيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَوَّاسُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، ، قَالَ : أَخْبَرَنِي فَافَاهُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِثْلُهُ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَافَاهُ هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَهْلِ الْقُرْآنِ وَاسْمُهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ زِيَادٍ فَقَالَ قَائِلٌ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r حَدِيثٌ يُخَالِفُ هَذَا , ثُمَّ ذَكَرَ مَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد وَمُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى بْنِ جَنَّادٍ الْبَغْدَادِيُّ أَبُو بَكْرٍ قَالُوا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَافِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ الطُّفَيْلَ بْنَ عَمْرٍو الدَّوْسِيَّ أَتَى النَّبِيَّ r فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ لَك فِي حِصْنٍ حَصِينٍ وَمَعَهُ حِصْنٌ كَانَ لِدَوْسٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَبَى ذَلِكَ النَّبِيُّ عليه السلام لِلَّذِي ذُخِرَ لِلأَنْصَارِ فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ r إلَى الْمَدِينَةِ هَاجَرَ إلَيْهِ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَهَاجَرَ مَعَهُ رَجُلٌ فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ فَمَرِضَ فَجَزِعَ فَأَخَذَ مَشَاقِصَ لَهُ فَقَطَعَ بِهَا بَرَاجِمَهُ فَشَخَبَتْ يَدَاهُ حَتَّى مَاتَ فَرَآهُ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فِي مَنَامِهِ فِي هَيْئَةٍ حَسَنَةٍ وَرَآهُ مُغَطِّيًا يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ : مَا صَنَعَ بِكَ رَبُّك فَقَالَ غَفَرَ لِي بِهِجْرَتِي إلَى نَبِيِّهِ عليه السلام قَالَ مَا لِي أَرَاك مُغَطِّيًا يَدَيْك فَقَالَ : قِيلَ لِي لَنْ نُصْلِحَ مِنْك مَا أَفْسَدْت فَقَصَّهَا الطُّفَيْلُ عَلَى رَسُولِ اللهِ r فَقَالَ النَّبِيُّ r اللَّهُمَّ وَلِيَدَيْهِ فَاغْفِرْ . فَكَانَ مِنْ جَوَابِنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَعَلَ بِنَفْسِهِ مَا فَعَلَ مِمَّا ذَكَرَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ عِنْدَهُ عِلاَجٌ تَبْقَى بِهِ بَقِيَّةُ يَدَيْهِ فَفَعَلَ مَا فَعَلَ لِتَسْلَمَ لَهُ نَفْسُهُ وَتَبْقَى لَهُ بَقِيَّةُ يَدَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مَذْمُومًا وَكَانَ كَرَجُلٍ أَصَابَهُ فِي يَدِهِ شَيْءٌ فَخَافَ إنْ لَمْ يَقْطَعْهَا أَنْ يَذْهَبَ بِهَا سَائِرُ بَدَنِهِ وَيُتْلِفَ بِهَا نَفْسَهُ فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ قَطْعِهَا فَإِنْ لَمْ يَقْطَعْهَا , وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ بِذَلِكَ يَسْلَمُ لَهُ بِذَلِكَ بَقِيَّةُ بَدَنِهِ وَيَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ , ثُمَّ مَاتَ مِنْهَا أَنَّهُ غَيْرُ مَلُومٍ فِي ذَلِكَ وَلاَ مُعَاقَبٌ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ هَذَا الرَّجُلُ فِيمَا فَعَلَ بِبَرَاجِمِهِ حَتَّى كَانَ مِنْ فِعْلِهِ تَلَفُ نَفْسِهِ , وَهُوَ خِلاَفُ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ طَاعِنًا لَهَا أَوْ مُتَرَدِّيًا مِنْ مَكَان إلَى مَكَان لِيُتْلِفَ نَفْسَهُ أَوْ مُتَحَسِّيًا لِسُمٍّ لِيَقْتُلَ بِهِ نَفْسَهُ فَلَمْ يَبِنْ بِحَمْدِ اللهِ فِيمَا رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللهِ r تَضَادٌّ وَلاَ اخْتِلاَفٌ
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَعَا رَسُولُ اللهِ r لِيَدَيْ هَذَا الرَّجُلِ بِالْغُفْرَانِ وَدُعَاؤُهُ لِيَدَيْهِ بِذَلِكَ دُعَاءٌ لَهُ , وَذَلِكَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ عَنْ جِنَايَةٍ كَانَتْ مِنْهُ عَلَى يَدَيْهِ اسْتَحَقَّ بِهَا الْعُقُوبَةَ فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ r بِالْغُفْرَانِ لِيَدَيْهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ غُفْرَانًا لَهُ قِيلَ لَهُ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَكَرْت ; لأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ r مِنْ ذَلِكَ الدُّعَاءِ لِيَدَيْ ذَلِكَ الرَّجُلِ كَانَ لِإِشْفَاقِهِ عَلَيْهِ وَلِعَمَلِ الْخَوْفِ مِنْ اللهِ كَانَ فِي قَلْبِهِ فَدَعَا لَهُ بِذَلِكَ لِهَذَا الْمَعْنَى لاَ لِمَا سِوَاهُ
كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ مِمَّا عَلَّمَهُ حُصَيْنًا الْخُزَاعِيُّ أَبَا عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهِ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ أَنْبَأَ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ قَالَ حَدَّثَنَا رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r عَلَّمَ أَبَاهُ حُصَيْنًا بَعْدَمَا أَسْلَمَ فَقَالَ : قُلْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَسْرَرْت وَمَا أَعْلَنْت وَمَا أَخْطَأْت وَمَا عَمَدْت وَمَا جَهِلْت وَمَا عَلِمْت
فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَعْلِيمُ رَسُولِ اللهِ r حُصَيْنًا أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ مَا أَخْطَأَ يَعْنِي الْخَطَأَ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْعَمْدِ , وَذَلِكَ مِمَّا هُوَ غَيْرُ مَأْخُوذٍ بِهِ وَلاَ مُعَذَّبٍ عَلَيْهِ ; لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ فَكَانَ الْخَطَأُ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ تَعَمُّدُ الْقُلُوبِ مَعْفُوًّا عَنْهُ غَيْرَ مَأْخُوذٍ بِهِ صَاحِبُهُ وَكَانَ أَمْرُ النَّبِيِّ عليه السلام حُصَيْنًا أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ بِغُفْرَانِهِ إيَّاهُ لَهُ عَلَى الرَّهْبَةِ مِنْ اللهِ وَالتَّعْظِيمِ لَهُ وَالْخَوْفِ مِمَّا عَسَى أَنْ يَكُونَ يُخَالِطُ قَلْبَ الْمُخْطِئِ فِي حَالِ خَطَئِهِ مِنْ مَيْلٍ إلَى مَا أَخْطَأَ بِهِ , وَكَذَلِكَ مَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللهِ r بِالْغُفْرَانِ لِلرَّجُلِ الْمَذْكُورِ فِيهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِمِثْلِ هَذَا أَيْضًا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِيمَا كَانَ مِنْ بَعْثِهِ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ لِقَتْلِهِ كَعْبَ بْنَ الأَشْرَفِ بِمَا يَدْفَعُ التَّضَادَّ عَنْ مَا تَوَهَّمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ قَدْ ضَادَّ مَا فِيهِ . حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ r مَنْ لِكَعْبٍ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا , [ قَالَ : قُلْ ] قَالَ فَأَتَاهُ فَقَالَ إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا الصَّدَقَةَ وَقَدْ عَنَّانَا وَ [ إنِّي قَدْ أَتَيْتُك أَسْتَسْلِفُكَ قَالَ : وَأَيْضًا وَاَللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ قَالَ إنَّا ] قَدْ اتَّبَعْنَاهُ وَنَحْنُ نَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ أَمْرُهُ قَالَ : أَيَّ شَيْءٍ تَرْهَنُونِي قَالُوا : وَمَا تُرِيدُ مِنَّا ؟ قَالَ : تَرْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ قَالُوا أَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ كَيْفَ نَرْهَنُك نِسَاءَنَا ؟ فَأَبَوْا فَأَبَى قَالُوا : يَكُونُ ذَلِكَ عَارًا عَلَيْنَا قَالَ : فَتَرْهَنُونِي أَوْلاَدَكُمْ قَالُوا : يَا سُبْحَانَ اللهِ يُسَبُّ ابْنُ أَحَدِنَا فَيُقَالُ : رُهِنْت بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ , قَالُوا : نَرْهَنُك اللَّأْمَةَ . قَالَ : تُرِيدُونَ السِّلاَحَ فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ فَجَاءَهُ لَيْلاً فَلَمَّا أَتَاهُ نَادَاهُ فَخَرَجَ إلَيْهِ , وَهُوَ مُتَطَيِّبٌ فَلَمَّا أَنْ جَلَسَ إلَيْهِ وَقَدْ كَانَ جَاءَ مَعَهُ بِنَفَرٍ ثَلاَثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ وَرِيحُ الطِّيبِ يَنْضَحُ مِنْهُ فَذَكَرُوا لَهُ قَالَ عِنْدِي فُلاَنَةُ وَهِيَ مِنْ أَعْطَرْ نِسَاءِ النَّاسِ قَالَ تَأْذَنُ لِي فَأَشَمُّ قَالَ نَعَمْ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي رَأْسِهِ فَشَمَّهُ قَالَ أَعُودُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْ رَأْسِهِ قَالَ دُونَكُمْ فَضَرَبُوهُ حَتَّى قَتَلُوهُ حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَابِقٍ الْخَوْلاَنِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ أَخِي سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبَايَةَ قَالَ ذُكِرَ قَتْلُ كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ ابْنُ يَامِينَ كَانَ قَتْلُهُ غَدْرًا فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ يَا مُعَاوِيَةُ أَيُغْدَرُ عِنْدَك رَسُولُ اللهِ r وَلاَ تُنْكِرُ وَاَللَّهِ لاَ يُظِلُّنِي وَإِيَّاكَ سَقْفُ بَيْتٍ أَبَدًا وَلاَ يَخْلُو لِي دَمُ هَذَا إِلاَّ قَتَلْتُهُ فَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ فِيمَا رَوَيْنَا مِمَّا كَانَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَأَصْحَابِهِ قَدْ دَخَلُوا بِهِ فِي خِلاَفِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r
مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ نُوحٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدَّبُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ , وَهُوَ ابْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ كُنْت أَقُومُ عَلَى رَأْسِ الْمُخْتَارِ فَلَمَّا تَبَيَّنَتْ لِي كِذَابَتُهُ هَمَمْتُ وَاَللَّهِ أَنْ أَسُلَّ سَيْفِي فَأَضْرِبَ بِهِ عُنُقَهُ حَتَّى ذَكَرْت حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ مَنْ آمَنَ رَجُلاً عَلَى نَفْسِهِ فَقَتَلَهُ أُعْطِيَ لِوَاءَ غَدْرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ
مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ نَصْرٍ الْعُصْفُرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ كُنْتُ أَقُومُ عَلَى رَأْسِ الْمُخْتَارِ فَلَمَّا سَمِعْتُ كِذَابَتَهُ هَمَمْتُ أَنْ أَخْتَرِطَ سَيْفِي فَأَضْرِبَ بِهِ عُنُقَهُ حَتَّى ذَكَرْتُ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ مَنْ أَمِنَ رَجُلاً عَلَى نَفْسِهِ فَقَتَلَهُ أُعْطِيَ لِوَاءَ غَدْرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَاخْتَلَفَ عَلِيٌّ وَأَيُّوبُ فِي الْحَرْفِ الَّذِي ذَكَرْنَا اخْتِلاَفَهُمَا فِيهِ , وَهُوَ آمَنَ وَأَمِنَ وَقَالَ أَيُّوبُ أَمِنَ , وَهُوَ الصَّحِيحُ . وَ
مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ نُصَيْرِ بْنِ أَبِي نُصَيْرٍ عَنْ السُّدِّيِّ عَنْ رِفَاعَةَ الْقِتْبَانِيِّ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَقِتْبَانُ مِنْ بَجِيلَةَ قَالَ دَخَلْت عَلَى الْمُخْتَارِ فَإِذَا وِسَادَتَانِ مَطْرُوحَتَانِ فَقَالَ يَا جَارِيَةُ هَلُمِّي لِفُلاَنٍ وِسَادَةً فَقُلْت مَا بَالُ هَاتَيْنِ فَقَالَ قَامَ عَنْ إحْدَاهُمَا جِبْرِيلُ وَعَنْ الآُخْرَى مِيكَائِيلُ وَمَا مَعْنَى أَنْ أَقْتُلَهُ إِلاَّ حَدِيثٌ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ قُلْت وَمَا حَدَّثَك قَالَ سَمِعْت النَّبِيَّ عليه السلام يَقُولُ مَنْ ائْتَمَنَهُ رَجُلٌ عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ , وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا . وَقَدْ حَقَّقَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي دَاوُد مَنْ ائْتَمَنَهُ رَجُلٌ , صِحَّةُ مَا رَوَى أَيُّوبُ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ مِمَّا خَالَفَنَا فِيهِ عَلِيٌّ وَكَانَ مَا تَوَهَّمَهُ هَذَا الْمُتَوَهِّمُ جَهْلاً بِلُغَةِ الْعَرَبِ وَسَعَتِهَا إذْ كَانَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ r فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ هُوَ عَلَى مَنْ كَانَ آمِنًا إمَّا بِالإِسْلاَمِ وَإِمَّا بِذِمَّةٍ وَإِمَّا بِأَمَانٍ بِإِعْطَاءٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إيَّاهُ ذَلِكَ الأَمَانَ حَتَّى صَارَ بِهِ آمِنًا عَلَى نَفْسِهِ وَحَتَّى صَارَ بِهِ دَمُهُ فِي حَالِهِ تِلْكَ حَرَامًا عَلَى أَهْلِ الْمِلَّةِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ جَمِيعًا فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِيهِ مَنْ ائْتَمَنَ أَيْ : مِمَّنْ هَذِهِ صِفَتُهُ رَجُلاً عَلَى نَفْسِهِ فَقَتَلَهُ أُعْطِيَ لِوَاءَ غَدْرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَأَصْحَابِهِ فِي كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ وَفِي ائْتِمَانِهِ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ عَلَى نَفْسِهِ إنَّمَا بِأَمْنِ كَافِرٍ لاَ يَحِلُّ أَمَانُهُ لِمَلِيٍّ وَلاَ لِذِمِّيٍّ وَلاَ يَكُونُ لِمَلِيٍّ وَلاَ لِذِمِّيٍّ إعْطَاؤُهُ ذَلِكَ وَذَلِكَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الأَذَى لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْمِلَّةِ أَمَّنَهُ لَمَا أَمِنَ بِذَلِكَ وَلاَ حَرُمَ بِهِ دَمُهُ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ ائْتِمَانِ كَعْبٍ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ عَلَى نَفْسِهِ كَانَ كَلاَ ائْتِمَانٍ وَأَنَّهُ كَانَ بَعْدَهُ فِي حِلِّ دَمِهِ كَهُوَ كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ قَبْلِ مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ ائْتِمَانِهِ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ عَلَى مَا ائْتَمَنَهُ عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ فَعَادَتْ أَحَادِيثُ رَسُولِ اللهِ r هَذِهِ إلَى انْتِفَاءِ التَّضَادِّ عَنْهَا وَانْصَرَفَ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهَا إلَى خِلاَفِ الصِّنْفِ الَّذِي انْصَرَفَ إلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْهَا .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ مِنْ قَوْلِهِ بَايَعْت النَّبِيَّ r عَلَى أَنْ لاَ أَخِرَّ إِلاَّ قَائِمًا .
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ ثنا سَعِيدٌ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ بَايَعْت رَسُولَ اللهِ r عَلَى أَنْ لاَ أَخِرَّ إِلاَّ قَائِمًا فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ قَوْمٌ : مَعْنَاهُ عَلَى أَنَّهُ بَايَعَ رَسُولَ اللهِ r عَلَى أَنْ لاَ يَكُونَ سُجُودُهُ إِلاَّ خُرُورًا مِنْ قِيَامِهِ لِتَكُونَ صَلاَتُهُ لاَ شَيْءَ فِيهَا
مِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r أَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ مُصَلِّيهَا فِيهَا شَيْءٌ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إلَى صَلاَتِهِ . وَهُوَ
مَا قَدْ
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْت عُمَارَةَ بْنَ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يُقِمْ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ : r لاَ تُجْزِئُ صَلاَةٌ لاَ يُقِيمُ الرَّجُلُ فِيهَا صُلْبَهُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَالَ فَأَخْبَرَ حَكِيمٌ فِي حَدِيثِهِ هَذَا أَنَّهُ بَايَعَ رَسُولَ اللهِ r عَلَى أَنْ تَكُونَ صَلاَتُهُمْ الصَّلاَةَ الَّتِي عَلَّمَهُمْ إيَّاهَا رَسُولُ اللهِ r لاَ الصَّلاَةَ الَّتِي يَكْرَهُهَا اللَّهُ مِنْهُمْ وَلاَ يَنْظُرُ إلَيْهَا وَقَالَ آخَرُونَ الْخُرُورُ هُنَا أُرِيدَ بِهِ الْخُرُورُ بِالْمَوْتِ مِنْ حَالِ الْقِيَامِ وَمِنْ حَالِ الْقُعُودِ إلَى الأَرْضِ الَّتِي يَخِرُّ إلَيْهَا مِنْ الْقِيَامِ وَمِنْ الْقُعُودِ فَأَخْبَرَ أَنَّ مَا بَايَعَ عَلَيْهِ رَسُولَ اللهِ r لاَ يَمُوتُ إِلاَّ , وَهُوَ قَائِمٌ عَلَيْهِ وَهُوَ الإِسْلاَمُ يُرِيدُ بِقِيَامِهِ ذَلِكَ الْقِيَامَ الَّذِي هُوَ الْعَزْمُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَهْلِ الْكِتَابِ وَمِنْهُمْ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَ يُؤَدِّهِ إلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا أَيْ : بِالْمُطَالَبَةِ لَدَيْهِ وَطَلَبِ أَخْذِهِ مِنْهُ وَقَالَ آخَرُونَ كَانَتْ مُبَايَعَتُهُ رَسُولَ اللهِ r عَلَى الْمَوْتِ وَهِيَ أَشْرَفُ الْبَيْعَاتِ , وَهُوَ الَّذِي لاَ يَجُوزُ أَنْ يُبَايَعَ عَلَيْهِ غَيْرُ رَسُولِ اللهِ r ; لأَنَّ رَسُولَ اللهِ r كَانَ مَعْصُومًا غَيْرَ مَوْهُومٍ مِنْهُ زَوَالُ الْحَالِ الَّتِي بِهَا ثَبَتَتْ بَيْعَتُهُ عَلَى مُبَايَعَتِهِ وَغَيْرُهُ لَيْسَ كَذَلِكَ . فَمَا رُوِيَ مِمَّا بُويِعَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ r كَذَلِكَ
مَا قَدْ حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْمَازِنِيُّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ قَالَ لَمَّا كَانَ زَمَنُ الْحَرَّةِ جَاءَ رَجُلٌ إلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ فَقَالَ هَاذَاكَ ابْنُ حَنْظَلَةَ يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى الْمَوْتِ فَقَالَ : لاَ أُبَايِعُ أَحَدًا عَلَى هَذَا بَعْدَ رَسُولِ اللهِ r فَكَانَ مَا أَخْبَرَ بِهِ حَكِيمٌ فِي حَدِيثِهِ مِمَّا بَايَعَ عَلَيْهِ رَسُولَ اللهِ r هَذِهِ الْبَيْعَةَ الَّتِي هِيَ أَشْرَفُ الْبَيْعَاتِ وَاَلَّتِي لاَ تَجُوزُ إِلاَّ لِرَسُولِ اللهِ r وَكُلُّ هَذِهِ الآُصُولِ الَّتِي تَأَوَّلَ عَلَيْهَا حَدِيثُ حَكِيمٍ هَذَا مُحْتَمَلَةٌ أَنْ يَكُونَ مَا تَأَوَّلَتْ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ حَكِيمٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا كَانَ أَرَادَ مِنْهَا وَمِمَّا سِوَاهَا
مِمَّا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِي الْمُؤَذِّنِينَ أَنَّهُمْ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ . حَدَّثَنَا بَكَّارَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ سَمِعْت مُعَاوِيَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللهِ r الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ . فَتَأَمَّلْنَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِي ذَلِكَ مَا مَعْنَاهُ
فَوَجَدْنَا الْمُؤَذِّنِينَ أَحَدَ الْعَامِلِينَ فِي الدُّنْيَا بِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى مِمَّا يُعَانُونَهُ مِنْ الأَذَانِ
وَوَجَدْنَا اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ ذَكَرَهُمْ فِي كِتَابِهِ بِأَحْسَنِ مَا ذَكَرَ بِهِ أَحَدًا مِمَّنْ يَعْمَلُ فِي الدُّنْيَا بِطَاعَتِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إلَى اللهِ الآيَةَ وَكَانَ الْعَامِلُونَ بِأَصْنَافِ طَاعَاتِ اللهِ فِي الدُّنْيَا يَنْتَظِرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوَابَ أَعْمَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا فَتَطَاوَلَ إلَى ذَلِكَ أَعْنَاقُهُمْ وَيَكُونُونَ فِي الْعُلُوِّ بِذَلِكَ أَضْدَادًا لِمَا وَصَفَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَهْلِ مَعَاصِيهِ وَالْخُرُوجِ عَنْ أَمْرِهِ فِي الدُّنْيَا بِقَوْلِهِ فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ وَكَانَ الْمُؤَذِّنُونَ فِيمَا كَانُوا يُعَانُونَهُ مِنْ أَذَانِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَرَفْعِ أَصْوَاتِهِمْ بِهِ فَوْقَ مَا غَيْرُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الطَّاعَاتِ سِوَاهُ فِي مُعَانَاتِهِمْ إيَّاهُمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونُوا بِعُلُوِّ أَصْوَاتِهِمْ فِي أَذَانِهِمْ الَّذِي كَانُوا يُعَانُونَهُ فِي الدُّنْيَا وَمُدَاوَمَتِهِمْ عَلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ وَإِتْبَاعِهِمْ ذَلِكَ إقَامَاتِ الصَّلَوَاتِ وَاجْتِهَادِهِمْ فِي ذَلِكَ بِأَصْوَاتِهِمْ وَاسْتِعْلاَئِهِمْ عَلَى الأَمْكِنَةِ الَّتِي يَأْتُونَ بِالأَذَانِ فِيهَا مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَشَقَّةِ الَّتِي لاَ خَفَاءَ بِهَا جُعِلُوا فِي ذَلِكَ فِي طُولِ أَعْنَاقِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَى ثَوَابِهِمْ عَلَيْهِ فَوْقَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الأَعْمَالِ بِطَاعَاتِ اللهِ سِوَاهُ فِي انْتِظَارِ الثَّوَابِ لَهُ وَالْجَزَاءِ عَلَيْهِ وَلَمْ نَجِدْ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا قَالَ النَّاسُ فِيهِ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَهُ رَسُولُهُ فِي ذَلِكَ وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِنْ قَوْلِهِ لأَزْوَاجِهِ رضي الله عنهن أَسْرَعُكُنَّ بِي لِحَاقًا أَطْوَلُكُنَّ يَدَيْنِ
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إسْمَاعِيلَ يَعْنِي ابْنَ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ أَبْزَى أَنَّ عُمَرَ كَبَّرَ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أَرْبَعًا , ثُمَّ أَرْسَلَ إلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ عليه السلام مَنْ يُدْخِلُ هَذِهِ قَبْرَهَا قُلْنَ : مَنْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا فِي حَيَاتِهَا وَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللهِ r يَقُولُ أَسْرَعُكُنَّ بِي لِحَاقًا أَطْوَلُكُنَّ يَدًا فَكُنَّ يَتَطَاوَلْنَ بِأَيْدِيهِنَّ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ صَنَاعًا يَعْنِي بِمَا يُقِيمُ فِي سَبِيلِ اللهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إسْمَاعِيلَ الْبَغْدَادِيُّ أَبُو زَكَرِيَّا بِطَبَرِيَّةَ ثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ثنا أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ قَالَ النَّبِيُّ عليه السلام لأَزْوَاجِهِ يَتْبَعُنِي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَكُنَّا إذَا اجْتَمَعْنَا فِي بَيْتِ إحْدَانَا بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ عليه السلام نَمُدُّ أَيْدِيَنَا فِي الْجِدَارِ نَتَطَاوَلُ فَلاَ نَزَالُ نَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى تُوُفِّيَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ زَوْجُ النَّبِيِّ عليه السلام وَكَانَتْ امْرَأَةً قَصِيرَةً يَرْحَمُهَا اللَّهُ وَلَمْ تَكُنْ أَطْوَلَنَا يَدًا فَعَرَفْنَا حِينَئِذٍ أَنَّ مَا أَرَادَ النَّبِيُّ عليه السلام الصَّدَقَةَ قَالَتْ وَكَانَتْ زَيْنَبُ امْرَأَةً صَنَاعَةَ الْيَدِ تَدْبَغُ وَتَخْرُزُ وَتَصَّدَّقُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَكَانَ
مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ
مِمَّا قَدْ عَرَفَهُ أَزْوَاجُ رَسُولِ اللهِ r مِمَّا كَانَ بَعْدَ وَفَاتِهِ مِنْ وَفَاةِ زَوْجَتِهِ زَيْنَبَ مِنْ الْقَوْلِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ مَعَ قِصَرِ يَدَيْهَا لِلْخَيْرِ الَّذِي كَانَتْ تَكْتَسِبُهُ بِهِنَّ أَنَّهَا أَطْوَلُهُنَّ يَدَيْنِ أَيْ : بِالْخَيْرِ لاَ بِمَا سِوَاهُ وَكَفَانَا عَنْ الْكَلاَمِ فِي تَأْوِيلِهِ بِشَيْءٍ غَيْرِ مَا قَالَهُ فِيهِ , وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِي إنْزَاءِ الْحَمِيرِ عَلَى الْخَيْلِ حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ عليه السلام بَغْلٌ أَوْ بَغْلَةٌ فَقُلْت مَا هَذَا قَالُوا : بَغْلٌ أَوْ بَغْلَةٌ قُلْت : وَمَا هُوَ قَالَ يُحْمَلُ الْحِمَارُ عَلَى الْفَرَسِ فَيَكُونُ مِثْلَ هَذَا أَوْ يَخْرُجُ مِثْلَ هَذَا قُلْت : أَفَلاَ نَحْمِلُ فُلاَنًا عَلَى فُلاَنَةَ قَالَ : إنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ . حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلْقَمَةَ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَسَالِمٌ هَذَا هُوَ ابْنُ أَبِي الْجَعْدِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَوْسٍ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ نَهَانَا رَسُولُ اللهِ r أَنْ نَحْمِلَ الْحُمُرَ عَلَى الْبَرَاذِينِ . حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنِ ابْنِ زُرَيْرٍ يَعْنِي عَبْدَ اللهِ بْنَ زُرَيْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللهِ r بَغْلَةٌ فَرَكِبَهَا فَقَالَ عَلِيُّ لَوْ حَمَلْنَا الْحَمِيرَ عَلَى الْخَيْلِ كَانَ لَنَا مِثْلُ هَذِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r إنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ ثنا لَيْثٌ وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زُرَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِثْلَهُ . حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى . وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ الْوَشَاحِيِّ قَالاَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي جَهْضَمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَا اخْتَصَّنَا رَسُولُ اللهِ r بِشَيْءٍ دُونَ النَّاسِ إِلاَّ بِثَلاَثٍ إسْبَاغِ الْوُضُوءِ وَأَنْ لاَ نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ وَأَنْ لاَ نُنْزِيَ الْحُمُرَ عَلَى الْخَيْلِ . حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , ثُمَّ ذُكِرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ ثنا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَالِمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ فَقَالَ قَائِلٌ فَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ مُتَضَادَّانِ ; لأَنَّ فِي الأَوَّلِ مِنْهُمَا قَوْلَ النَّبِيِّ عليه السلام إنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَمَّا قَالَ لَهُ عَلِيٌّ لَوْ حَمَلْنَا الْحُمُرَ عَلَى الْخَيْلِ لَكَانَ لَنَا مِثْلُ هَذِهِ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ r نَهْيًا لِلنَّاسِ جَمِيعًا عَنْ إنْزَاءِ الْحُمُرِ عَلَى الْخَيْلِ وَفِي الْحَدِيثِ الثَّانِي مِنْهُمَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ إنَّ رَسُولَ اللهِ r اخْتَصَّهُمْ يَعْنِي بَنِي هَاشِمٍ بِأَنْ لاَ يُنَزُّوا الْحُمُرَ عَلَى الْخَيْلِ فَكَانَ نَهْيُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يَتَجَاوَزْ بَنِي هَاشِمٍ إلَى غَيْرِهِمْ وَكَانَ نَهْيُهُ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ قَدْ عَمَّ النَّاسَ جَمِيعًا فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ عَنْ ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ . أَنَّ الْحَدِيثَ الأَوَّلَ كَانَ جَوَابُ رَسُولِ اللهِ r فِيهِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِيمَا قَالَ لَهُ : لَوْ حَمَلْنَا الْحَمِيرَ عَلَى الْخَيْلِ جَاءَنَا مِثْلُ هَذَا أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَفْعَلُهُ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ; أَيْ : أَنَّ الْحُمُرَ إذَا حَمَلَتْ عَلَى الْخَيْلِ كَانَ مَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا بِغَالاَتٌ وَبِغَالٌ لاَ ثَوَابَ فِي ارْتِبَاطِهَا وَلاَ سُهْمَانَ لَهَا فِي الْغَنَائِمِ لِمَنْ غَزَا عَلَيْهَا وَإِذَا حُمِلَتْ الْخَيْلُ عَلَى الْخَيْلِ كَانَتْ عَنْهَا خَيْلاً فِي ارْتِبَاطِهَا الثَّوَابُ الَّذِي وَعَدَ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مُرْتَبِطِيهَا وَارْتِبَاطِهِمْ إيَّاهَا .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد ثنا مُسَدَّدٌ ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام مِثْلَهُ .
وَكَمَا قَدْ
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِثْلَهُ
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ ثنا أَبِي عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ أَبِي زِيَادٍ التَّيْمِيِّ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِثْلَهُ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللهِ r يَقُولُ الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الأَجْرُ وَالْغَنِيمَةُ .
وَكَمَا قَدْ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ثنا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ ثنا عُرْوَةُ الْبَارِقِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَالَ الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ .
وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ إدْرِيسَ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ ابْنِ إدْرِيسَ وَابْنِ فُضَيْلٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ r الْخَيْرُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ مِمَّ ذَاكَ قَالَ : الأَجْرُ وَالْغَنِيمَةُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ زَادَ ابْنُ إدْرِيسَ وَالإِبِلُ عِزٌّ لأَهْلِهَا وَالْغَنَمُ بَرَكَةٌ . حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ثنا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ وَقَفَ عَلَيْنَا عُرْوَةُ الْبَارِقِيُّ وَنَحْنُ فِي مَجْلِسِنَا فَحَدَّثَنَا قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللهِ r يَقُولُ الْخَيْرُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ أَبَدًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ الرُّعَيْنِيُّ أَبُو قُرَّةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الدِّمَشْقِيُّ ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَالِمٍ ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَفْطَسُ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ الْخَرَشِيُّ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ثنا سَلَمَةُ بْنُ نُفَيْلٍ السَّكُونِيُّ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللهِ r يَقُولُ الْخَيْلُ مَعْصُوبٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَهْلُهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا . وَفِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ تَدْخُلُ فِي هَذَا النَّوْعِ عَنْ رَسُولِ اللهِ r اخْتَرْنَا بَعْضَهَا لِمَا عَسَى أَنْ يَكُونَ أَوْلَى بِهِ مِمَّا يَجِيءُ فِيمَا بَعْدُ فِي كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَعْلَمَ رَسُولُ اللهِ r عَلَيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِي جَوَابِهِ إيَّاهُ عَنْ قَوْلِهِ لَوْ حَمَلْنَا الْحُمُرَ عَلَى الْخَيْلِ بِقَوْلِهِ إنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ أَيْ : أَنَّ مُنْتِجِي مَا لاَ ثَوَابَ فِي إنْتَاجِهِ وَلاَ سَهْمَ فِي الْغَنِيمَةِ مَعَ الْغَزْوِ عَلَيْهِ وَتَارِكِي إنْتَاجِ مَا فِي إنْتَاجِهِ ثَوَابٌ وَالسُّهْمَانِ فِي الْغَنِيمَةِ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ فَهَذَا وَجْهُ مَا فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ الَّذِي رَوَيْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّمَا كَانَ عَلَى اخْتِصَاصِ رَسُولِ اللهِ r إيَّاهُمْ أَنْ لاَ يُنَزُّوا الْحُمُرَ عَلَى الْخَيْلِ لِمَعْنًى كَانَ فِيهِمْ قَدْ ذَكَرَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَبَيَّنَ فِيهِ الْمَعْنَى الَّذِي اخْتَصَّهُمْ رَسُولُ اللهِ r بِذَلِكَ مِنْ أَجْلِهِ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد ثنا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ ثنا مُرَجَّى بْنُ رَجَاءٍ ثنا أَبُو جَهْضَمٍ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَا اخْتَصَّنَا رَسُولُ اللهِ r إِلاَّ بِثَلاَثٍ أَنْ لاَ نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ وَأَنْ نُسْبِغَ الْوُضُوءَ وَأَنْ لاَ نُنْزِيَ حِمَارًا عَلَى فَرَسٍ قَالَ فَلَقِيت عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَسَنِ , وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ صَدَقَ كَانَتْ الْخَيْلُ قَلِيلَةً فِي بَنِي هَاشِمٍ فَأَحَبَّ أَنْ يَكْثُرَ فِيهِمْ فَبَانَ بِحَمْدِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ أَنْ لاَ تَضَادَّ فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ لِلآخَرِ مِنْهُمَا , وَأَنَّ مَا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَعْنًى غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي فِي الآخَرِ مِنْهُمَا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِي الذُّلِّ بِالزَّرْعِ . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ الرُّعَيْنِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد وَفَهْدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ الْكُوفِيُّ أَبُو الْحَسَنِ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَالِمٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ قَالَ سَمِعْت أَبَا أُمَامَةَ وَرَأَى سِكَّةً وَشَيْئًا مِنْ آلَةِ الْحَرْثِ فَقَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللهِ r يَقُولُ مَا دَخَلَتْ هَذِهِ بَيْتَ قَوْمٍ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الذُّلَّ . فَتَأَمَّلْنَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِنْ هَذَا
فَوَجَدْنَا وِلاَيَةَ خَرَاجِ الأَرْضِينَ وَجِبَايَةَ أَمْوَالِهَا وَوَضْعُهَا فِي مَوَاضِعَهَا الَّتِي يَجِبُ وَضْعُهَا فِيهَا إلَى الْمُسْلِمِينَ يَتَوَلَّاهُ مِنْهُمْ أَئِمَّتُهُمْ حَتَّى يَأْخُذُوهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ فَيَضَعُونَهُ فِيمَا يَجِبُ وَضْعُهُ فِيهِ وَكَانَ مَا تَوَلَّاهُ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ لِلْمُسْلِمِينَ كَمَا تَوَلَّاهُ الْمُسْلِمُونَ لأَنْفُسِهِمْ وَكَانَ مَنْ دَخَلَ فِيمَا يُوجِبُ الْخَرَاجَ عَلَيْهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَادَ بِهِ مَطْلُوبًا بِمَا كَانَ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ طَالِبًا فَكَانَ فِي ذَلِكَ دُخُولُ الذُّلِّ عَلَيْهِمْ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ رِزْقِهِ , وَعَنْ انْتِقَالِ الذُّلِّ وَالصَّغَارِ عَنْهُ وَعَنْ لُزُومِهِمَا مُخَالَفَتَهُ .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عَطِيَّةَ ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ثنا الأَوْزَاعِيِّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي مُنِيبٍ الْجُرَشِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ r بُعِثْت بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ لِيُعْبَدَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ رُمْحِي وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَنِي وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِنْ قَوْلِهِ عِنْدَ قِسْمَتِهِ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ بِالْعَدْلِ عَلَيْهِنَّ اللَّهُمَّ إنَّ هَذِهِ قِسْمَتِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلاَ تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلاَ أَمْلِكُ .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ الْخِطْمِيِّ ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r كَانَ يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ إنَّ هَذِهِ قِسْمَتِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلاَ تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلاَ أَمْلِكُ . حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عِمْرَانَ الطَّبَرَانِيُّ بِطَبَرِيَّةَ أَبُو أَيُّوبَ , وَهُوَ الْمَعْرُوفُ كَانَ بِابْنِ خَلَفٍ ثنا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ الْخِطْمِيِّ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِثْلَهُ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا الْمَعْنَى الَّذِي قَصَدَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ r بِقَوْلِهِ اللَّهُمَّ هَذِهِ قِسْمَتِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلاَ تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلاَ أَمْلِكُ , وَهُوَ غَيْرُ مَلُومٍ فِي ذَلِكَ إذْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا لاَ فِعْلَ لَهُ فِيهِ فَكَانَ مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى الإِشْفَاقِ وَالرَّحْمَةِ مِنْهُ عليه السلام مِنْ اللهِ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَلِمَ مِنْهُ فِي قِسْمَتِهِ بَيْنَهُنَّ , وَإِنْ كَانَ لَمْ يَخْرُجْ فِيهَا عَنْ الْعَدْلِ مَيْلاً مِنْ قَلْبِهِ إلَى بَعْضِهِنَّ بِمَا لَمْ يَمِلْ بِمِثْلِهِ إلَى بَقِيَّتِهِنَّ , وَذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَمِمَّا الْعِبَادُ فِيهِ سَوَاءٌ
كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فِي التَّحْذِيرِ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ الْكُوفِيُّ أَبُو الْحَسَنِ حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ r مَنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَتَانِ فَكَانَ يَمِيلُ مَعَ إحْدَاهُمَا عَنْ الآُخْرَى جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَحَدُ شِقَّيْهِ مَائِلٌ أَوْ قَالَ سَاقِطٌ . وَقَدْ رُوِيَ فِي تَأْوِيلِ قوله تعالى وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ أَنَّ ذَلِكَ أُرِيدَ بِهِ مَا يَقَعُ فِي قُلُوبِكُمْ لِبَعْضِهِنَّ دُونَ بَعْضٍ , وَذَلِكَ مَعْفُوٌّ لَهُمْ عَنْهُ إذْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ دَفْعَهُ عَنْ قُلُوبِهِمْ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ مَا يَجْتَلِبُوهُ إلَى قُلُوبِهِمْ فَكَانَ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ r مِمَّا أَرَادَهُ مِنْ رَبِّهِ عَلَى الإِشْفَاقِ وَعَلَى الرَّهْبَةِ مِمَّا يَسْبِقُ إلَى قَلْبِهِ
مِمَّا قَدْ يَسْتَطِيعُ رَدَّهُ عَنْهُ مَعَ قُرْبِهِ مِنْ غَلَبَتِهِ عَلَيْهِ , وَهَذَا عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِثْلُ الَّذِي فِي حَدِيثِ حُصَيْنٍ الْخُزَاعِيُّ
مِمَّا قَدْ عَلَّمَهُ رَسُولُ اللهِ r إيَّاهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهِ رَبَّهُ تَعَالَى أَنْ يَغْفِرَ لَهُ مَا أَخْطَأَ وَمَا تَعَمَّدَ وَمَا أَخْطَأَهُ فَهُوَ غَيْرُ مَأْخُوذٍ بِهِ لَمَّا خَافَ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ تَقَرُّبُهُ مِمَّا تَعَمَّدَهُ وَقَدْ رَوَيْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِنْ نَهْيِهِ أُمَّتَهُ أَنْ يَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ وَأَمْرِهِ إيَّاهُمْ أَنْ يَقُولُوا مَكَانُ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ , ثُمَّ مَا شَاءَ مُحَمَّدٌ . حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد ثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ ثنا شَيْبَانُ يَعْنِي النَّحْوِيَّ عَنِ الأَجْلَحِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ عليه السلام فَرَاجَعَهُ فِي بَعْضِ الْكَلاَمِ فَقَالَ : مَا شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَشِئْت فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r أَجَعَلْتَنِي مَعَ اللهِ عَدْلاً لاَ بَلْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ .
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ أَنْبَأَنِي قَالَ سَمِعْت عَبْدَ اللهِ بْنَ يَسَارٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ r لاَ تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلاَنٌ , وَلَكِنْ قُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ , ثُمَّ شَاءَ فُلاَنٌ . حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ رَأَى رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عليه السلام فِي النَّوْمِ قَوْمًا مِنْ الْيَهُودِ فَأَعْجَبَتْهُ هَيْئَتُهُمْ فَقَالَ إنَّكُمْ قَوْمٌ لَوْلاَ أَنَّكُمْ تَقُولُونَ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ قَالَ وَأَنْتُمْ قَوْمٌ لَوْلاَ أَنَّكُمْ تَقُولُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ ثُمَّ إنَّهُ رَأَى قَوْمًا مِنْ النَّصَارَى فَأَعْجَبَتْهُ هَيْئَتُهُمْ فَقَالَ إنَّكُمْ قَوْمٌ لَوْلاَ أَنَّكُمْ تَقُولُونَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ قَالَ وَإِنَّكُمْ قَوْمٌ لَوْلاَ أَنَّكُمْ تَقُولُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَصَّ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ r فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُهَا مِنْكُمْ فَتُؤْذِينِي فَلاَ تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ , وَلَكِنْ قُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ , ثُمَّ شَاءَ مُحَمَّدٌ . حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبَانَ الْبَصْرِيُّ أَبُو شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى , وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ قُتَيْلَةَ بِنْتِ صَيْفِيٍّ الْجُهَنِيَّةِ قَالَتْ أَتَى حَبْرٌ مِنْ الأَحْبَارِ إلَى رَسُولِ اللهِ r فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ نِعْمَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ لَوْلاَ أَنَّكُمْ تُشْرِكُونَ قَالَ سُبْحَانَ اللهِ وَمَا ذَاكَ قَالَ تَقُولُونَ إذَا حَلَفْتُمْ وَالْكَعْبَةِ فَأَمْهَلَ رَسُولُ اللهِ r , ثُمَّ قَالَ إنَّهُ يُقَالُ فَمَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ فَلْيَحْلِفْ بِرَبِّ الْكَعْبَةِ , ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ نِعْمَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ لَوْلاَ أَنَّكُمْ تَجْعَلُونَ لِلَّهِ نِدًّا قَالَ سُبْحَانَ اللهِ قَالَ تَقُولُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلاَنٌ فَأَمْهَلَ رَسُولُ اللهِ r , ثُمَّ قَالَ إنَّهُ قَدْ قَالَ مَنْ قَالَ فَمَنْ قَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ فَلْيَقُلْ مَعَهَا , ثُمَّ شِئْت . حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُد حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَسَارٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ قُتَيْلَةَ بِنْتِ صَيْفِيٍّ الْجُهَنِيِّ عَنْ رَسُولِ اللهِ r مِثْلَهُ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ فِيمَا رَوَيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللهِ r نَهْيَهُ أُمَّتَهُ أَنْ يَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْت وَأَمْرُهُ إيَّاهُمْ أَنْ يَقُولُوا مَكَانَ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ , ثُمَّ شِئْت قَالَ قَائِلٌ فَإِنَّ فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى
مَا قَدْ دَلَّ عَلَى إبَاحَةِ هَذَا الْمَحْظُورِ فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ , ثُمَّ ذَكَرَ قوله تعالى أَنْ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ وَلَمْ يَقُلْ , ثُمَّ لِوَالِدَيْك فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ أَنَّ هَذَا مِمَّا كَانَ مُبَاحًا قَبْلَ نَهْيِ رَسُولِ اللهِ r عَنْ مِثْلِهِ فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ ثُمَّ نَهَى عَمَّا نَهَى عَنْهُ فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ فَكَانَ ذَلِكَ نَسْخًا لِ
مَا قَدْ كَانَ مُبَاحًا
مِمَّا قَدْ تَلَوْتَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَمَذْهَبُنَا أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَنْسَخُ الْقُرْآنَ ; لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يَنْسَخُ مَا شَاءَ مِنْهُمَا بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا وَلأَنَّا قَدْ وَجَدْنَا كِتَابَ اللهِ قَدْ دَلَّنَا عَلَى ذَلِكَ , وَهُوَ قوله تعالى فِيهِ وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ الآيَةَ , ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ r بَعْدَ ذَلِكَ خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ ثنا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ رَسُولِ اللهِ r قَالَ خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ الْبِكْرُ يُجْلَدُ وَيُنْفَى وَالثَّيِّبُ يُجْلَدُ وَيُرْجَمُ
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ حِطَّانَ الرَّقَاشِيُّ عَنْ عُبَادَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ r فَذَكَرَ مِثْلَهُ .
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ الأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا حِطَّانُ عَنْ عُبَادَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ r خُذُوا عَنِّي فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ أَفَلاَ تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ فِي اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مَا قَالَ , ثُمَّ قَالَ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً فَكَانَ حَدُّهُنَّ قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَ لَهُنَّ سَبِيلاً مَا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الآيَةِ , ثُمَّ جَعَلَ لَهُنَّ سَبِيلاً فِيهَا حَدًّا يُخَالِفُ ذَلِكَ الْحَدَّ الْمَذْكُورَ فِي تِلْكَ الآيَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَنْسَخُ الْقُرْآنَ كَمَا يَنْسَخُ الْقُرْآنُ الْقُرْآنَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ .
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا قَرَأَهُ رَسُولُ اللهِ r مِنْ قوله تعالى وَالأَرْحَامَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ هَلْ كَانَ بِالنَّصْبِ أَوْ الْجَرِّ . حَدَّثَنَا بَكَّارَ ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنِي عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ سَمِعْت مُنْذِرَ بْنَ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ يُحَدِّثُ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ عليه السلام فِي صَدْرِ النَّهَارِ فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ وَعَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ قَالَ : فَرَأَيْت وَجْهَ النَّبِيِّ عليه السلام يَتَغَيَّرُ لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنْ الْفَاقَةِ , ثُمَّ دَخَلَ بَيْتَهُ , ثُمَّ خَرَجَ فَأَمَرَ بِلاَلاً فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ , ثُمَّ قَالَ أَوْ خَطَبَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ إلَى آخِرِ الآيَةِ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ مِنْ دِرْهَمِهِ مِنْ ثَوْبِهِ مِنْ صَاعِ بُرِّهِ مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ حَتَّى قَالَ مِنْ شِقِّ التَّمْرَةِ قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ قَدْ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا بَلْ قَدْ عَجَزَتْ عَنْهَا ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْت كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ وَرَأَيْت وَجْهَ رَسُولِ اللهِ r يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ , ثُمَّ قَالَ : مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهُ وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ . حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ثنا رَقَبَةُ بْنُ مَصْقَلَةَ الْعَبْدِيُّ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرِ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ كُنْت جَالِسًا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ r , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ , ثُمَّ قَالَ لِبِلاَلٍ عَجِّلْ الصَّلاَةَ . حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ جَرِيرٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَدِمَ نَاسٌ عَلَى النَّبِيِّ r مِنْ مُضَرَ مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ مُجْتَابِي النِّمَارِ قَالَ الْمَسْعُودِيُّ النِّمَارُ الصُّوفُ بِهِمْ ضُرٌّ شَدِيدٌ وَحَاجَةٌ شَدِيدَةٌ فَقَامَ النَّبِيُّ عليه السلام فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا تَصَدَّقُوا قَبْلَ أَنْ لاَ تَصَدَّقُوا لِيَتَصَدَّقْ الرَّجُلُ مِنْ دِينَارِهِ وَلْيَتَصَدَّقْ الرَّجُلُ مِنْ دِرْهَمِهِ وَلْيَتَصَدَّقْ الرَّجُلُ مِنْ بُرِّهِ وَلْيَتَصَدَّقْ الرَّجُلُ مِنْ شَعِيرِهِ وَلْيَتَصَدَّقْ الرَّجُلُ مِنْ تَمْرِهِ قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ بِصَدَقَةٍ لَهَا مِزٌّ فَوَضَعَهَا فِي يَدِهِ فَسَرَّهُ ذَلِكَ وَأَعْجَبَهُ , ثُمَّ تَسَارَعَ النَّاسُ بَعْدُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ قِرَاءَةُ رَسُولِ اللهِ r عَلَى النَّاسِ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا عِنْدَ حَضِّهِ إيَّاهُمْ عَلَى صِلَةِ أَرْحَامِهِمْ لِمَا رَأَى مِنْ أَهْلِهَا مِنْ الْجَهْدِ وَالضُّرِّ وَالْحَاجَةِ فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلاً أَنَّهُ قَرَأَهَا بِالنَّصْبِ بِمَعْنَى اتَّقُوا الأَرْحَامَ أَنْ تَقْطَعُوهَا وَكَانَ مَا حَمَلَهَا عَلَيْهِ مَنْ قَرَأَهَا بِالْجَرِّ عَلَى تَسَاؤُلِهِمْ كَانَ بَيْنَهُمْ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالأَرْحَامِ وَلَمْ تَكُنْ تِلاَوَةُ رَسُولِ اللهِ r إيَّاهَا عَلَى مَنْ تَلاَهَا عَلَيْهِ عَلَى التَّسَاؤُلِ وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى الْحَضِّ عَلَى التَّوَاصُلِ وَتَرْكِ قَطِيعَةِ الأَرْحَامِ وَفِي ذَلِكَ
مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَرَأَهَا بِالنَّصْبِ لاَ بِالْجَرِّ , وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ .
كَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْت مُجَاهِدًا يَقُولُ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ مَنْصُوبَةً يَقُولُ " اتَّقُوا اللَّهَ وَالأَرْحَامَ " وَقَدْ قَرَأَهَا كَذَلِكَ أَكْثَرُ الْقُرَّاءِ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ أَحْمَدُ أَبُو جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ قَرَأَ عَاصِمٌ وَالأَرْحَامَ نَصَبَ وَنَافِعٌ كَمِثْلِهِ وَأَبُو عَمْرٍو كَمِثْلِهِ .
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا خَلَفٌ عَنْ الْخَفَّافِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ وَالأَرْحَامَ بِالنَّصْبِ يَقُولُ وَالأَرْحَامَ لاَ تَقْطَعُوهَا , وَكَذَلِكَ قَالَ الْكَلْبِيُّ قَالَ خَلَفٌ وَهِيَ الْقِرَاءَةُ . وَسَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عِمْرَانَ يَقُولُ سَمِعْت خَلَفًا يَقُولُ أُخِذَتْ قِرَاءَةُ عَاصِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْهُ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَخَذْنَا نَحْنُ بَعْدَ ذَلِكَ قِرَاءَةَ عَاصِمٍ سَمَاعًا مِنْ رَوْحِ بْنِ الْفَرَجِ حَدَّثَنَا بِهَا حَرْفًا حَرْفًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ نَفْسِهِ عَنْ عَاصِمٍ .
مشكل الآثار1
4/
5
Oleh
Unknown